الانتحار حكمه وأسبابه وعلاجه
السؤال:
أنا شاب في الثالثة والعشرين من عمري متزوج ولي طفل، قمت خلال عملي
في إحدى الدوائر من خلال المخالطة اليومية مع الناس، تعلقت بإحدى
الفتيات، وهي كذلك، المهم تقدمت إلى أهلها للزواج منها فرفضوا بحجة أنني
متزوج وكذلك أسكن المنطقة الريفية، وكررت الحالة أكثر من مرة فلم تتم
موافقتهم على الزواج، فلما يئست منهم قررت ترك تلك الفتاة، وفعلاً قلت
لها: إننا سوف نفترق؛ لأن الأمور تأزمت إلى حيث الأصعب، ومن المستحيل
أن أطلق زوجتي الأولى وأترك ولدي إنني أخاف من الله، إخوتي في الدين:
لما عرفت هي بذلك قررت الانتحار، والله يعلم بذلك، وفعلاً تناولت السم،
ونقلت إلى المستشفى على إثرها، ثم فرجت بعد أسبوع، فكررت الخطبة
للمرة الثالثة فلم يوافقوا، فحاولت الانتحار ثانية، ونقلت إلى المستشفى
ثانية، ويستمر على هذا المنوال سماحة الشيخ إلى أن يقول في نهاية
الرسالة: ماذا أفعل للمشكلة؟ أريد حلاً يرضي الله ورسوله والناس،
هل يجوز لي أن أتزوج وأهرب بها معي؟ أم ماذا أفعل أرشدوني للطريق
الشرعي وفقكم الله، ويبدو أن للموضوع صلة بالاختلاط سماحة الشيخ؟
الجواب:
لا ريب أن الانتحار جريمة عظيمة، ومن كبائر الذنوب،
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
( من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة )
والله يقول:
{ وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا }
[النساء:29].
فهذه الفتاة حرام عليها الانتحار، والواجب عليها الصبر والاقتناع
بما قسم الله لها، والتماس زوج آخر.
وأما الأهل فالواجب عليهم أن ينظروا في الأمر، أهل الفتاة، الواجب عليهم
أن ينظروا في الأمر، فإذا كان الرجل صالحاً للزواج فينبغي أن يزوجوه،
ولو كان معه زوجة، والحمد لله قد أباح الله للمسلم أربعاً من النساء،
فالواجب على أهل الفتاة أن يخافوا الله، وأن يراقبوا الله، وأن يزوجوها
إذا خطبها الكفء، وإن كان عنده زوجة أو زوجتان أو ثلاث وهي رابعة
لا يضر؛ فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا خطب إليكم من
ترضون دينه وخلقه فزوجوه - في لفظ: وأمانته- إلا تفعلوه تكن فتنة في
الأرض وفساد كبير، فالمشروع لهم أن يزوجوا من خطب منهم إذا كان أهلاً
لذلك، ولو كانت عنده زوجة، إذا كان ديناً مسلماً، الله يقول جل وعلا:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }
[الحجرات:13].
والنبي صلى الله عليه وسلم زوج فاطمة بنت قيس القرشية ، زوجها من
أسامة بن زيد وهو مولى عتيق أعتقه النبي عليه الصلاة والسلام، وزوج
عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري بلال بن رباح الحبشي أخته أخت
عبد الرحمن وهي زهرية قرشية ، فالأمر في هذا واسع بحمد الله، وزيد
بن حارثة تزوج زينب بنت جحش بنت عمة النبي عليه الصلاة والسلام.
فالأمر في هذا بحمد الله واسع المهم الدين، فإذا كانت المرأة ترغبه فهي
ترغب هذا وهو دين وهو معروف بالدين فالحمد لله، الواجب أن لا يلجئوها
إلى الانتحار وإلى هذا الشر العظيم.
والواجب عليها هي أن تحذر الانتحار، وأن تتقي الله،
وأن تبتعد عن هذا الشر العظيم.
وعليك أيها الخاطب!
أن تقنعها، وأن تخوفها من الله، وأن ترغبها في الخير، وأن تقول لها: لا،
إذا تيسر الزواج بالطريقة الشرعية فالحمد لله، وإلا فالواجب علي وعليك
طاعة الله ورسوله، والحذر مما نهى الله عنه ورسوله من الانتحار وغيره،
هذا هو نصيحتي لجميع أهلها نصيحتي لهم أن يزوجوها، ونصيحتي لك أيضاً
أن تقنعها أنت، وأن تنصحها وتوصيها بالخير والصبر حتى يقنع أهلها
بالزواج، وعليك أن تنصحها أيضاً من جهة الانتحار وأنه محرم، كبيرة
من كبائر الذنوب، ومن أسباب دخول النار، فالواجب عليها الحذر من ذلك،
نسأل الله للجميع الهداية.
أما أخذها بالقوة والهروب فهذا منكر لا يجوز، هذا لا يجوز لك ولا لها أيضاً،
بل عليكما مراعاة الأمور الشرعية والحذر مما حرم الله عليكما جميعاً،
والله المستعان. نعم.
المقدم: جزاكم الله خيراً، نتج هذا سماحة الشيخ عن الاختلاط كما ........ ؟
الشيخ: الاختلاط شره عظيم، الواجب على المرأة أن تبتعد عن الاختلاط
بالرجال، والواجب على الرجل أن يبتعد عن الاختلاط بالنساء، والواجب على
المرأة أن تتستر، وأن تبتعد عن أسباب الفتنة، يكون عليها الستر والحجاب
وعدم التبرج هذا هو الواجب، الله ما شرع لنا هذا إلا لمصلحة الجميع، ولهذا
قال سبحانه:
{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى }
[الأحزاب:33]،
فلولا أن التبرج يضر الجميع لما نهى عنه سبحانه وتعالى، والتبرج هو
إظهار المحاسن، هو إظهار الزينة، فالواجب على النساء التستر، والحجاب،
والبعد عن مخالطة الرجال إلا بالحشمة، والحجاب، والكلام الطيب، والأسلوب
الحسن البعيد عن الفتنة، وهكذا الرجل يجب عليه أن يبتعد عن الاختلاط
بالنساء الكاشفات العاريات أو شبه العاريات، يجب عليه أن يبتعد عن ذلك،
وأن يبتعد عن كل أسباب الفتنة، يخاف الله ويراقبه سبحانه وتعالى،
نسأل الله للجميع الهداية.
المصدر/ مجموع فتاوى ابن باز
الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020
الانتحار حكمه وأسبابه وعلاجه
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق