روائع الإعجاز النفسي (46)
التفاؤل لزيادة العمر
يقول الباحثون إنه من المحتمل أن التشبع بمواقف المجتمع السلبية من
الشيخوخة قد يكون لها تأثير على المرء وفيه من دون أن يعلم بذلك. ويؤكد
العلماء إن دراستهم تحمل رسالتين، أولاهما محبطة ومفادها أن النظرة
السلبية للذات تقلل من احتمالات الحياة، والأخرى مشجّعة، وفحواها أن
النظرة الإيجابية للذات يمكن أن تطيل العمر. ونبه العلماء في الوقت ذاته
إلى أن تعامل المجتمعات الغربية بشكل غير إيجابي مع المتقدمين
في السنّ يمكن أن يفاقم المشاكل.
ونستطيع أن نستنتج من هذه الدراسات ما يلي:
1- التفاؤل يزيد من مقاومة الجسم للأمراض ويمنح الإنسان السعادة في
حياته. وهذا سلوك نبوي رائع، لأن سيدتنا عائشة رضي الله عنها عندما
سئلت عن أخلاق النبي قالت، كان خُلُقُه القرآن)، فقد طبق القرآن تطبيقاً
كاملاً ولذلك حصل على السعادة الحقيقية، ويجب علينا أن نقتدي به
في سلوكنا فتكون أخلاقنا هي القرآن.
وعلى سبيل المثال هناك قاعدة إلهية رائعة للتعامل مع المصاعب والمشاكل
اليومية، وحيث يعجز الطب النفسي عن إعطاء الرضا بالواقع نجد القرآن
يمنحنا هذا الرضا، يقول تعالى:
{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ }
[البقرة: 216].
فلو طبقنا هذه الآية زالت جميع المشاكل والهموم وما تسببه من قلق
وخوف، لأن المؤمن يرضا بقضاء الله ولو كان الظاهر أن فيه الشر
والسوء، ولكن الخير قد يكون بعد ذلك، فينتظر المؤمن هذا الخير فيكون
قد حقق التفاؤل المطلوب وابتعد عن الحزن، وهذا علاج ناجع للقلق.
2- التفكير الإيجابي أهم وأكثر فاعلية في علاج الأمراض من العلاج الطبي!
بل إن أطباء الدنيا فشلوا في منح الأمل أو السعادة لإنسان أشرف على
الموت، ولكن تعاليم القرآن تمنحنا هذه السعادة مهما كانت الظروف.
وانظروا معي إلى الحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت،
ماذا فعل؟ هل حزن؟ هل كان يائساً ؟ هل كان قلقاً أو مكتئباً
أو خائفاً؟ أبداً.
لقد قالت ابنته فاطمة رضي الله عنها: (واكرباه) فقال لها
(لا كرب على أبيك بعد اليوم)!!
انظروا إلى هذا التفاؤل، النبي لحظة الموت كان سعيداً وفرحاً بلقاء ربه،
فماذا عنا نحن، هل نقتدي بهذا الرسول الرحيم؟
3- التعامل مع الواقع برضا نفس وقناعة يجعل الإنسان أكثر سعادة،
والإنسان الذي يتذمر ولا يرضى بما قسم له من الرزق نجده أكثر تعاسة
ويكون نظامه المناعي ضعيفاً. وهذا يفسر لماذا التفكير بالأمراض والخوف
والحزن والتفكير السلبي، كل ذلك يزيد من احتمال الإصابة بالأمراض
المزمنة! فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس تفاؤلاً برحمة الله،
وكان يحضّنا على التفاؤل والرضا وكان يقول:
(رضيت بالله ربا وبالإسلام ديناً وبالقرآن إماماً)
فمن قالها كان حقاً على الله أن يرضيه يوم القيامة!
إن كل ما سبق تلخصه لنا آية عظيمة خاطب بها الله نبيه وليعلمنا كيف
نسلك سلوكاً إيجابياً في حياتنا، يقول تعالى:
{ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ }
[النحل: 127].
الصبر وعدم الحزن وعدم التذمر والضيق، كل هذا له نتيجة ولكن ما هي؟
هذا ما نجد الجواب عنه في الآية التالية:
{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ }
[النحل: 128].
فهل هناك أجمل من أن يكون الله معك دائماً؟!!
من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
الاثنين، 18 يناير 2021
روائع الإعجاز النفسي (46)
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق