فمع
أن العين مبصرة لما حولها ، لكنها لو رأت مشهدا محرّما
فلن
يُمكِّن القلب الحي الخواطر منه بحال ، ومع أن الأذن مصغية
؛
لكنه لو كان الحرام
لارتعدت وجلا ، وبنت على الفور سدا منيعا وحجابا
حاجزا
بينها وبين ما يُغضب الله ، وإذا جلس صاحب هذا القلب مجلسا
وتسلل
إليه الحرام للمحه على الفور وتسلل خارجا في الحال إن لم يقدر
على
التغيير والمواجهة ، وهذا هو مصدر سلامة هذا القلب
وعنوان
نقائه. قال تعالى
{
إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ
الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا
فَإِذَا هُمْ
مُبْصِرُونَ }
[
الأعراف : 201 ]
وتأمل
قوله ﴿ مَسَّهُمْ ﴾ الدال على إصابة غير مكينة ، وذلك بسبب فزعهم
إلى
الله ليعصمهم من الشيطان عند ابتداء خواطره ؛ فإن
الخواطر
ولادة إن أُهملت لم تلبث
أن تصير شهوة ، ثم تصير الشهوة إرادة
،
ثم تصير الإرادة عزما ،
ثم يتحول العزم عملا.
وتأمل
قوله ﴿ طَائِفٌ ﴾ وكأن خواطر الشر طافت بهم ، ودارت حولهم فلم
تقدر
أن تدخل إليهم وتؤثِّر فيهم لقوة قلوبهم ويقظة إيمانهم ، فهم كمن
طاف
به الخيال ولم يجرؤ على أن يدفعهم إلى الفعال ، والطائف يُطلق
على
الذي يمشي حول المكان ينتظر الإذن له بالدخول ، فشبَّه الله
الخاطر
في
ابتداء وروده في النفس بحلول الطائف على
المكان
دون أن يستقر
فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق