حين سافرت لزوجى ألمانيا بعد أن إنتهيت من دراستى بالأزهر1975
وكانت ابنتى هبة ثلاث سنوات توليت عدة مهام فى نشاط المركز
الإسلامي بميونخ فكان علي ضغط شديد من الأعباء والأنشطة المتنوعة
للمركز في الصباح شغل البيت والأولاد ثم متابعة الحضانة وباقي الأنشطة
مثل إستقبال المغتربين والدارسين من كل الجنسيات وتوفير أماكن للإقامة
المؤقتة حتى يقتنوا سكن وتوزيع مواقيت الصلاة والتعاون من زوجى
في التجهيز لبعض المؤتمرات التي يقدمها المركز حيث كان زوجى
الدكتور محمد حين ذاك سكرتير المركز نهيكم عن تجهيز الطعام لضيوف
زوجى الكريم وفي إحدى الأيام وكنت حينئذ أنجبت ابنى أحمد منذ
أسبوعين فقط اتصل بي زوجى من المركز بإنه سوف يأتي بعد العصر
ومعه خمسة عشر ضيفا علي الغداء ومن بينهم والدى رحمه الله
فأسرعت إلى المطبخ لأطهو أشهى المأكولات فهم كانوا جميعا من أعظم
رجال الدعوة، وإذا بي أسمع صوت أحمد من على بعد وكأنه تحت
في الطابق الأسفل فأسرعت إلى غرفة الأطفال فإذا بالابنة هبة أخرجت
جميع الملابس التى في الدولاب ووضعت معظمها فوق أخيها ووزعت
الباقى على جميع أركان الغرفه فكان التصرف الطبيعى منى أننى ضربتها
وجلست أرتب الملابس والغرفة بعد رفع الملابس التى وضعتها على
أحمد، ثم ذهبت مسرعة إلى مطبخى لإتمام الطهى وكانت الصدمة حين
وجدت الابنة النشطة تجلس أسفل دولاب المطبخ وقد خلطت الزيت
بالدقيق بالسكر على الأرض وأخذت تقلب بنشاط حتي اتسعت دائرة
الخليط طبعا ضربتها ونهرتها وجلست أنظف المكان الذي أجهدني تماما
فى تنظيفه ثم إستكملت عملى في المطبخ، وبعد قليل لم أسمع لها صوتا
فأسرعت أبحث عنها فإذا بها قامت بالواجب في غرفة الضيوف حيث
أخذت صابون الغسالة الأتوماتك ورشت به جميع أرجاء الغرفة حتي
لا يمكنك أن تميز لون الموكيت، تمالكت نفسي تماما ولكن ضربتها فبكت
هى وبكيت أنا أيضا وأسرعت بتنظيف المكان قبل أن يأتي الضيوف،
وفعلا دق الجرس عقب الإنتهاء من ترتيب المكان ولكن لم أنته من إعداد
الطعام فجلست إشتكي إبنتي لأبي وزوجي حتي يلتمس لي والدي العذر
وكانت المفاجأة أنه قال هبة لم تخطئ أنت التي أخطأت قائلا لا يجوز
يا ابنتي أن تذهبي لإتمام عملا ما دون أن تفكري لأطفالك ماذا يفعلون
في هذا الوقت، فإبنتك إجتهدت بعقلها الصغير في شغل فراغها لأنك
قصرت في هذا وفي كل مرة تضربيها دون أن تشغليها بشيء، أرجوا أن
لا تضربيها مرة أخرى إلا بعد أن تتم سبع سنوات وتعلَّمي كيف
تشغلي وقت فراغ أبنائك.
كانت كلمات رنت في أذني دفعتني إلي المكتبة التى بالمركز باحثة
عن ترجمة لهذه الكلمات فلم أسمع عن هذا الشيء من قبل ومنذ هذه
الحظة تحول إهتمامي لتربية الأولاد وكانت أول محاضرة أعطيها في
تربية الأولاد بعد هذا الموقف بشهور فقط.
أريد أن أقول إنه من السهل التفكير في وسائل متعددة لشغل
وقت فراغ الأبناء حسب السن.
الكاتب: الدكتورة وفاء مشهور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق