لم نشهد علماً مليئاً بالخداع والتضليل والتناقض مثل ما يسمى
بالتطور، دعونا نتأمل ما كشفه العلماء حول طول عنق الزرافة
وكيف يحتال علماء نظرية التطور لتسويق أفكارهم الإلحادية....
طالما ادعى علماء التطور أن الزرافة مخلوق تطور من مخلوق أقصر
منه، وسبب ذلك أن الحيوانات في ذلك الوقت كانت تتنافس على مصادر
الغذاء.. وبما أن الطبيعة ذكية جداً وبارعة في التصميم فقد اختارت من
بين ملايين المخلوقات هذه الزرافة بالذات وجعلتها تطور عنقها ليصبح
أطول عنق في الطبيعة، وذلك لتصل لقمم الأشجار العالية وتضمن
غذاءها ولا تنقرض!!
ولكن المفاجأة أن العلماء قد كشفوا أن الزرافة نفسها في حالات الجفاف
تحني رقبتها وتأكل الأعشاب والنباتات القصيرة مثلها مثل بقية الكائنات..
ولكن لماذا اختارت الطبيعة هذا الكائن بالذات لتطيل عنقه بهذا الشهل
الهائل؟ ولماذا تركت ملايين الكائنات الأخرى؟ لذلك يمكن القول إن عنق
الزرافة يحطم جميع قوانين التطور التي يدعي أصحابها أنها أصبحت
حقيقة علمية.
في عام 1996، شرح الخبيران في علم الحيوان روبرت سيمنز ولو
شيبرس العديد من الأمور التي تدحض ما بات يُعرف باسم فرضية
"الحيوانات (الآكلة للعشب) التي تتنافس على التغذي" على النباتات.
وكتب الباحثان في دورية "أمريكان ناتشراليست" أنه "خلال موسم
الجفاف (الذي يُفترض أن تكون فيه المنافسة على الحصول على الغذاء
على أشدها) تتغذى الزَرَافات عامةً من الشجيرات المنخفضة، لا الأشجار
العالية". بل إن هذه الحيوانات تتغذى في غالبية الأوقات، وعلى نحو
أسرع، عندما تكون أعناقها منحنيةً إلى أسفل. وتستطيع الزرافة أن
تحني رقبتها لتشرب الماء من الأنهار والبحيرات.
ولكن بعض علماء التطور يهربون من جديد نحو فرضيات أخرى.. لذا
اقترح سيمنز وشيبرس تصوراً بديلاً، افترضا فيه أن العنق الطويل
للزرافة، ناجمٌ عما يُعرف بـ"الانتقاء الجنسي"، وهو مفهوم يشكل
جزءاً من نظرية "الانتقاء الطبيعي"، التي وضعها داروين.
ولكن هناك مشكلة أخرى، فقد لاحظ الباحثون أن أعناق الذكور أطول من
أعناق الإناث.. وكذلك هناك اختلافات في حجم الرأس، وأن هناك منافسات
شرسة بين الذكور للفوز بالأنثى.. وهذه المنافسات أدت إلى طول عنق
الزرافة!! وهذا الأمر غير منطقي أيضاً لأن السؤال يبقى: لماذا الزرافة
بالذات؟ فالتنافس معروف في عالم الحيوانات ويصل إلى درجة الموت في
سبيل الحصول على الأنثى.. فلماذا اختارت الطبيعة هذه الزرافة...
طبعا لا يوجد أي جواب حسب نظرية التطور.
حتى هذه اللحظة:
- لا يعرف أحد من علماء التطور ما هو المخلوق
الذي تطورت منه الزرافة!
- لا يعرف علماء التطور ما هي الطفرات التي حدثت في جينات
هذا المخلوق وسبب طول عنقه!
- لا يعرف علماء التطور لماذا حدثت هذه الطفرات في هذه الزرافة
بالذات، لماذا لم تحدث في كائن آخر؟
- ليس لدى العلماء حتى الآن أي إثبات علمي على أن الزرافة تطورت..
ليس هناك أي متحجرات، وليس هناك أي دليل من علم الجينات
والهندسة الوراثية...
- كذلك ليس هناك أي دليل علمي باستثناء التشابه الظاهري لهذه الزرافة
مع بقية الكائنات... وهذا التشابه ليس دليلاً على التطور، بل دليل
على أن المصمم واحد سبحانه وتعالى.
التفسير القرآني لهذه الظاهرة وغيرها
يقول تبارك وتعالى:
{ وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ }
[النور: 45].
هذه الآية الكريمة تؤكد أن هذه الدواب ومنها الزرافة قد خلقها الله من
ماء. فلماذا نقول إن الزرافة تطورت من مخلوق عاش قبلها وماذا نستفيد
من هذه النظرية؟ وما هي المشكلة إذا قلنا إن الزرافة خُلقت خلقاً مباشراً
من عناصر الأرض والنسبة العظمى من الماء (كما نعلم أكثر من 70 %
من المادة الحية تتكون من الماء)؟!
إن الذي خلق خلية البكتريا التي عاشت قبل 3.5 بليون عام.. هو ذاته
الذي خلق الزرافة قبل مئات الملايين من السنين، ومن الناحية العلمية
فإن خلق الزرافة ليس أصعب من خلق الخلية!! فخلق خلية واحدة من
عناصر الأرض (الماء بشكل أساسي) عملية لا يمكن أن تحدث بالمصادفة
ولا يمكن أن تتم إلا من قبل الخالق تبارك وتعالى.. كذلك خلق الزرافة
تم من قبل الخالق ولكن عملية الخلق تتم وفق نظام وقوانين محكمة.
لو قمنا بتحليل جسم الزرافة إلى مكوناته الأساسية سوف نجد أنها تتكون
من كمية كبيرة من الماء وكمية من عناصر أخرى مثل الكربون
والنتروجين وغير ذلك.. دعونا نتساءل: ما هو الفرق بين الزرافة وبين
مكوناتها الأساسية؟ طبعاً من الناحية الكيميائية لا يوجد أي فرق.. الفرق
فقط في المعلومات التي تم وضعها في هذه العناصر الأساسية لتشكل
هذه الزرافة.
سأضرب لكم مثلاً آخر لتوضيح فكرتي:
لنأخذ جهاز الهاتف الذكي وهو جهاز رائع جداً وله ميزات مذهلة نستطيع
من خلاله التواصل والتصوير وإرسال المعلومات والقراءة وحتى قياس
نبضات القلب... ونفكر: مم يتكون هذا الجهاز؟ إنه بكل بساطة يتكون
من عناصر أساسية مثل السيكون والكربون والأكسجين والهيدروجين...
وهكذا لو جئنا بنفس هذه العناصر وبنفس الكمية الموجودة في الهاتف
الذكي ووضعهناها بالقرب من هذا الهاتف، نجد من الناحية الكيميائية أنه
لا يوجد أي فرق بينهما.. ولكن لماذا هذه العناصر لا تعمل أي شيء
من تلقاء نفسها.. ولماذا الهاتف الذكي يقوم بكل هذه الأعمال؟
السرّ يكمن في المعلومات التي تم وضعها داخل هذه العناصر لتشكل
الهاتف الذكي.. فقد تم وضع معلومات في هذه العناصر من خلال تصنيع
هذه العناصر وترتيبها بطريقة محددة لتعطينا هذا الهاتف.. كما تم وضع
معلومات على شكل برنامج تشغيل لتشغيل الجهاز.. وتم تزويده بالطاقة
من خلال البطارية... وتم وضع معلومات في العناصر المكونة للشاشة
للتحكم بهذا الجهاز... وهكذا الفرق بين الهاتف الذكي وبين مكوناته هي:
"المعلومات".
وهذا بالضبط هو الفرق بين الزرافة وبين مكوناتها... المعلومات التي تم
وضعها في هذه المكونات التي حولت هذه العناصر إلى زرافة فيها
مليارات الخلايا ومئات الأجهزة الدقيقة وفيها كل هذا التعقيد المذهل..
القرآن أشار بوضوح إلى عملية خلق هذه الزرافة وغيرها من المخلوقات
من خلال قوله تعالى:
{ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }
[آل عمران: 47].
فعبارة (كُنْ فَيَكُونُ) تشير إلى بث أو نفخ معلومات في عناصر من الطبيعة
فتتحول إلى مخلوق كامل بسرعة هائلة وبلمح البصر بل أقل.. أي خلال
جزء ضئيل من الثانية ولذلك قال تعالى:
{ وَ مَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ }
[القمر: 50].
ونقول أيها الأحبة: من الناحية العلمية أيهما أفضل:
أن نفترض أن الزرافة تطورت من مخلوق سبقها، ونضع الاحتمالات
والفرضيات وكل يوم نكتشف أن افتراضنا كان خاطئاً ونبقى في حالة
تخبط دون الوصول للحقيقة.
أو أن نفترض أن الله تعالى هو الذي خلق هذه الزرافة خلقاً مباشراً وبث
فيها المعلومات التي تضمن لها حياة مستقرة واختار لها العنق المناسبة
والأرجل المناسبة والتصميم الأفضل؟
ولو سألنا جميع علماء الدنيا: هل يوجد لديكم تصميم أفضل للزرافة مما
هي عليه الآن؟؟ الجميع سيؤكدون أن تصميم الزرافة مثالي جداً ولا يمكن
الإتيان بتصميم أفضل.. وأي تعديل نقوم به على جينات الزرافة سوف
ينتج تشوهات ومشاكل متعددة.. فلو قصرنا الرقبة مثلاً ستعاني من
مشاكل المشي بسبب طول أرجها الأمامية.. ولو غيرنا تصميم الأعين فلن
تستطيع الزرافة رؤية الأرض بشكل جيد فتتعثر وتصبح فريسة سهلة
للأعداء.... وهكذا أي تغيير نحدثه في الزرافة سيؤثر على أدائها.
إذاً لماذا نلجأ إلى نظرية التطور التي لا تفسر أي شيء.. ونترك كلام
الخالق عز وجل فهو الذي خلق الزرافة وهو أعلم كيف خلقها وأعلم
بحالها وباحتياجاتها وأعلم بما هو مناسب لها...
ولماذا نقول إن الطبيعة والمصادفة والطفرات الوراثية هي المسؤولة
عن خلق الزرافة.... والله يقول:
{ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ
قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَ هُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ } [الرعد: 19].
تتميز الزرافة بتصميم فريد للأعين بشكل تبرز للخارج وتميل بزاوية
محددة لتتمكن من رؤية طريقها، ولولا هذا التصميم الفريد لما عاشت الزرافة
ملايين السنين.. إن علماء التطور يضللون الناس من خلال خلطهم
بين قواعد وقوانين علم الهندسة الوراثية وهو علم صحيح، وبين ما يسمونه
بالتطور. فيوهمون الناس بأن التغيرات التي تحدث في جينات فيروس مثلاً
فيغير شكله ليتغلب على الأدوية ويصبح مضاداً لهذه الأدوية ويكتسب مناعة
ضدها فلا تؤثر فيه.. يقولون انظروا كيف أن الفيروس يتطور!! ويعتبرون ذلك
دليلاً عملياً على التطور... مع العلم أن الفيروس مهما غير شكله ومهما اكتسب
من مناعة... يبقى في النهاية فيروساً، إذاً أين التطور؟
الزرافة لا يمكن أن تتطور من مخلوق آخر
لو كانت الزرافة تطورت من مخلوق آخر عبر ملايين السنين يجب أن يكون
لدينا ملايين المخلوقات من الزرافات ذوات الأعناق المتدرجة في الطول..
أي يجب أن نجد في المتحجرات التي تعود لملايين السنين أحافير لزرافات
أقصر فأقصر.. ولكن الواقع أن الزرافة وجدت على الأرض بهذا الطول
وبهذه المواصفات وبشكل مفاجئ! وهذا يناقض جميع قوانين التطور
التي تقول بالتدرج.
إذاً من الناحية العلمية، أي إذا أردنا أن نتكلم بلغة العلم فإن الحديث
عن تطور الزرافة من مخلوق آخر حديث فارغ لا معنى له..
لأن الزرافة لها خصائص مميزة جداً لا تشاركها أي مخلوقات أخر بها..
فالتصميم فريد من نوعه.. طريقة التصميم الداخلي لأجزاء الزرافة أيضاً فريدة ومميزة..
أسلوب حياة الزرافة وتكاثرها وغذائها... جميعها فريدة
وخاصة بهذا المخلوق المذهل.. وهذا يدعونا للاعتقاد بأن الله خلقها خلقاً مباشراً
وأعطاها خصائصها وهداها لرزقها وحياتها.. وقال:
{ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }
[طه: 50].
ولذلك أرجو من أحبتي في الله والذين يعتقدون أن نظرية التطور
أصبحت حقيقة علمية، أؤكد لهم أنها أكبر خديعة علمية.. لأنها لا توجد
نظرية خدمت الملحدين مثل نظرية التطور.. فكما ترون اليوم الذي يسيطر
على المجتمع العلمي قلّة من الملحدين يتحكمون بالبحث العلمي وبما يجب
أن ينشر وما يجب إبعاده.. واقرأوا إن شئتم حول كثير من العلماء المطرودين
بسبب رفضهم لنظرية التطور..
واقرأوا كذلك فضائح نظرية التطور.. خدعة جمجمة بلتداون،
خدعة لوسي، خدعة شجرة التطور، خدعة المتحجرات الوسيطة
التي تمثل الحلقات المفقودة...
واقرأوا حول ذلك البحث العلمي الذي أنجزه علماء من الصين
حول تصميم قبضة اليد وأشاروا فيه إلى أن تصميم قبضة اليد لابد
أن يكون قد تم من قبل الخالق.. لأن الطبيعة لا يوجد فيها أي شيء
يمكن أن يسبب تطور الحركات المعقدة التي تستطيع القيام بها هذه
القبضة العجيبة.. وبعد نشر البحث في مجلة علمية مرموقة
تم حذفه لأنه يعترف بخالق لقبضة اليد!!
إنها نظرية مليئة بالخدع والفضائح والتزييف وترفض
أي ذكر أو إشارة لوجود خالق للكون.. ويمكنكم أن تقرأوا ملايين المقالات
التي كتبت حول التطور في مجلات علمية عالمية: هل توجد مقالة واحدة
تقول بأن الله تعالى هو من خلق الكائنات! طبعاً هذا الكلام يدمر
نظرية التطور ولذلك يرفضونه تماماً.
قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ
يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ }
[فاطر: 3].
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق