شرح للفاتحة و أدعيتها(2)
( الجزء الثاني و اﻷخير )
ويقول رحمه اللَّه فيما ينبغي للمعلم أن يعلمه:
( ومن أعظم ما تنبهه عليه: التضرع عند اللَّه، والنصيحة، وإحضار
القلب في دعاء الفاتحة إذا صلَّى )
وإذا أردت يا عبد اللَّه أن تقتطف من ثمار هذه السورة الكريمة،
فاستحضر كل كلمة تقرؤها، وما دلّت عليه من معنى، وكذلك فاجعل
الحديث القدسي السابق الذكر مرآة أمام عينك، واستحضر كلام الرب ?
بكل يقين إذا ما قلت:
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
قال لك الرّبُّ ?: ( حمدني عبدي )، وهكذا، فإنه سوف يفتح عليك باباً
عظيماً من لذة القلب، وبرد اليقين، وانشراح الصدر، والسكينة،
والطمأنينة، والتوفيق إلى الإحسان، المؤذن للإجابة والقبول.
تضمنت هذه الدعوات المباركات جملاً عديدة من الفوائد، منها:
1- افتقار كل العباد إلى طلب الهداية من اللَّه ، حتى الأنبياء والرسل.
2- ( بلاغة القرآن )؛ حيث حذف حرف الجر من ( اهدنا )،
والفائدة من ذلك: لأجل أن تتضمن طلب الهداية التي
هي هداية العلم، وهداية التوفيق) .
3- ( إسناد النعمة إلى اللَّه تعالى وحده في هداية الذين أنعم اللَّه عليهم؛
لأنها فضل محض من اللَّه تبارك وتعالى)
4- إن سؤال اللَّه تبارك وتعالى الهداية هو أجلّ المطالب،
ونيله أشرف المواهب، الذي لم يُعطَ أحد في الدنيا والآخرة أفضل منه.
5- أنه كلما أكثر الداعي من أنواع التوسل إلى اللَّه تعالى كان أرجى له
في قبول دعائه .
6- جمعت في هذه السورة العظيمة جملاً من أنواع التوسل:
أ _ توسّلٌ إلى اللَّه تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلا:
(اللَّه، الرب، الرحمن، الرحيم، مالك يوم الدين والهداية إلى الصراط المستقيم).
ب _ وتوسلٌ بالعمل الصالح:
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
جـ- توسل إليه تعالى بنعمه وإحسانه: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ}
وهذه الوسيلة الجليلة لا يكاد يرد معها الدعاء .
7- عَلَّم اللَّه تعالى في هذه السورة الكريمة كيفية دعائه وذلك أن يقدم الداعي:
أ-حمده .
ب _ والثناء عليه وتمجيده.
جـ- ذكر أسماء حسنى تناسب المطلوب.
د- توحيده وإخلاص العبودية له.
هـ- التأمين بعد الدعاء. فاجتمع جُلّ شروط الدعاء، وآدابه،
ومستحباته بهذه السورة على إيجازها، فحق لها أن تُسمَّى ( أمَّ القرآن ).
8- تضمنت هذه السورة الجليلة أنواعاً من أسماء اللَّه تعالى وصفاته:
فمن الأسماء الحسنى: اسم الجلالة ( اللَّه )، و( الرحمن )، و(الرحيم )،
وأسماء مضافة: ( ربّ العالمين )، ( مالك يوم الدين )، ومن الصفات:
( الهداية )، و(الغضب)، حيث جاء التعبير عن المغضوب عليهم باسم المفعول
الدّالّ على أنّ الغضب عليهم حاصل من اللَّه تعالى
ومن أوليائه، وهذا من بلاغة القرآن ).
وغضبه تعالى من صفاته الفعلية التي تتعلق بمشيته وحكمته .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق