لا أشعر بطعم الحياة
أ. أريج الطباع
السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاةٌ لا أشعرُ بأي لذةٍ في حياتي، ودائمًا اللحظاتُ الجميلة تمرُّ أمامي
دون أن أشعرَ بها وكأنَّني في حلم، وحتَّى الأحداث الجميلة في حياتي أفرحُ
بها فرحًا محدودًا جدًّا، مع ذلك أنا مرحةٌ جدًّا، وأحبُّ الحياةَ بكلِّ معانيها،
ومررتُ بتجربةٍ قاسية جدًّا لمرضِ والدتي وشللها التَّام، عانيتُ في بدايةِ
الموضوع، لكن في النهايةِ تقبَّلتُ الموضوعَ وأصبحتُ أديرُ البيتَ بالكامل،
واعتدتُ على ذلك برضا والحمد لله، والاستشارة الثانية - معذرة - تخصُّ
أخي الصغير: فهو دائم القلق، ويخشى فقدانَ والدي أو فقداننا جميعًا،
وأنا أعلم أنَّ مرضَ أمي له عَلاقةٌ؛ لأنَّه كان وقتها في الثالثةِ من العمر،
والآن هو في الثامنة، يبكي كلَّما سمع عن وفاةِ أحد الآباء،
ويخافُ أن يلحقَ والدي به، جزاكم الله خيرًا،
أردتُ دمجَ الاستشارتين لصلتهما ببعضهما، تحياتي.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حينما نمرُّ بمشاعر قوية وغير متوقعة، يحاولُ العقلُ الباطن التخفيفَ من
هذه الصَّدمةِ وتدفق المشاعر بتنويمِها، فتشعرين بخدرٍ وعدمِ مبالاة،
فكأنَّ مشاعرَك دُفنت، يخفِّف من أثرِ الشعور القوي وألَمِه، لكَّنه
في نفسِ الوقتِ يؤثِّرُ على المشاعر الإيجابية ويدفنُها.
المشاعرُ كالسِّلسلةِ لا نستطيعُ أن ندفنَ أحدَها ونحظى بالآخر،
يجبُ علينا الاعتراف بها كلِّها مجتمعة، أو نخسرها كلَّها لو تجاهلنا أحدَها.
ويبدو أنَّ هذا ما حصل معكِ، فقد قاومتِ مشاعرَك الصَّادمةَ بمرضِ والدتك
وتحملك للمسؤوليةِ كلها دفعةً واحدة، لكنَّك قاومتِه بتجاهله وإنكاره، ليس
بالتصالح معه، وهذا السببُ نفسُه هو الذي جعلَ مشاعرَك الايجابية تدفن أيضًا.
يحصلُ هذا حينما نتركُ الزَّمنَ وحدَه يعالِجُ صدماتِنا، وحينما نتهرَّبُ
نحن منها وننكرها بداخلِنا، ونتمنَّى أن لم تكن.
حلُّ ذلك يقتضي منك المواجهة، ستكونُ مؤلمة بدايةً، وستحتاجين لشخصٍ
ترتاحين له، سواء كان استشاريًّا نفسيًّا أم صديقًا صدوقًا؛ يشعرُ بألمِك
ويساعدُك على إخراجِه، وأحيانًا تكون الكتابةُ وسيلةً ناجحة للتنفيس،
لكنَّك في النهايةِ تحتاجين أن تستعيدي ما حصل، وتشعرين بالرِّضا بقضاءِ الله،
وتتلمَّسين الحكمةَ والرَّحمة خلفه، لا تنظري له بمنظارِ الدُّنيا،
بل انظري له بمنظارِ الإيمان، وستشعرين بفيضِ الرَّحمةِ وبحكمةِ الله،
وبكم أضافت لك هذه التجربة أكثر مما أخذت منك، فالتجارِبُ القاسية
تصقلُ النَّفسَ، وتزيد من قدرتِها على التحمُّلِ، وعلى الدرايةِ بالحياة
بنظرة أعمق مِمن لم تعركْهُ الحياةُ وصروفها.
أمَّا أخوك، فالأمرُ شبيهٌ بما يحصل معك، مع فارقِ أنَّه بحكمِ سنِّه
- وربما طبيعة شخصيته - يميلُ للقلق، وتمثل معه بقلق الانفصالِ أكثر،
أيضًا مشاعرك أو مشاعر من حوله لها أثرٌ كبير، حتَّى لو لم تظهروها له،
فالطِّفلُ كالإسفنجةِ يمتصُّ ما حوله من مشاعر ويعبِّرُ عنها،
ولو لم يسمعِ الكبارَ يعبرون عنها صراحة.
علاجُ أخيك مفتاحُه علاجُكِ لمشاعرك، وكلاهما علاجُهما الإيماني
له الدورُ الأكبر، احكي له قصصَ السيرة، وحدِّثيه عن الجنَّةِ ونعيمِها،
وعن رحمة الله وحكمتِه بخلقه، من خلالِ قصصك ستتغيرُ نظرتُه وحكمه
على الأمور وطريقة تفكيره، لتغيرِ مشاعرِه بالتالي،
ويثق أنَّ ربًّا كفاهُ من الأمسِ ما كان سيكفيه من الغدِ ما سيكون!
وفقكِ الله وأعانك، وكتب لك الأجرَ، وعوَّضك خيرًا.
منقول للفائدة .
أ. أريج الطباع
السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاةٌ لا أشعرُ بأي لذةٍ في حياتي، ودائمًا اللحظاتُ الجميلة تمرُّ أمامي
دون أن أشعرَ بها وكأنَّني في حلم، وحتَّى الأحداث الجميلة في حياتي أفرحُ
بها فرحًا محدودًا جدًّا، مع ذلك أنا مرحةٌ جدًّا، وأحبُّ الحياةَ بكلِّ معانيها،
ومررتُ بتجربةٍ قاسية جدًّا لمرضِ والدتي وشللها التَّام، عانيتُ في بدايةِ
الموضوع، لكن في النهايةِ تقبَّلتُ الموضوعَ وأصبحتُ أديرُ البيتَ بالكامل،
واعتدتُ على ذلك برضا والحمد لله، والاستشارة الثانية - معذرة - تخصُّ
أخي الصغير: فهو دائم القلق، ويخشى فقدانَ والدي أو فقداننا جميعًا،
وأنا أعلم أنَّ مرضَ أمي له عَلاقةٌ؛ لأنَّه كان وقتها في الثالثةِ من العمر،
والآن هو في الثامنة، يبكي كلَّما سمع عن وفاةِ أحد الآباء،
ويخافُ أن يلحقَ والدي به، جزاكم الله خيرًا،
أردتُ دمجَ الاستشارتين لصلتهما ببعضهما، تحياتي.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حينما نمرُّ بمشاعر قوية وغير متوقعة، يحاولُ العقلُ الباطن التخفيفَ من
هذه الصَّدمةِ وتدفق المشاعر بتنويمِها، فتشعرين بخدرٍ وعدمِ مبالاة،
فكأنَّ مشاعرَك دُفنت، يخفِّف من أثرِ الشعور القوي وألَمِه، لكَّنه
في نفسِ الوقتِ يؤثِّرُ على المشاعر الإيجابية ويدفنُها.
المشاعرُ كالسِّلسلةِ لا نستطيعُ أن ندفنَ أحدَها ونحظى بالآخر،
يجبُ علينا الاعتراف بها كلِّها مجتمعة، أو نخسرها كلَّها لو تجاهلنا أحدَها.
ويبدو أنَّ هذا ما حصل معكِ، فقد قاومتِ مشاعرَك الصَّادمةَ بمرضِ والدتك
وتحملك للمسؤوليةِ كلها دفعةً واحدة، لكنَّك قاومتِه بتجاهله وإنكاره، ليس
بالتصالح معه، وهذا السببُ نفسُه هو الذي جعلَ مشاعرَك الايجابية تدفن أيضًا.
يحصلُ هذا حينما نتركُ الزَّمنَ وحدَه يعالِجُ صدماتِنا، وحينما نتهرَّبُ
نحن منها وننكرها بداخلِنا، ونتمنَّى أن لم تكن.
حلُّ ذلك يقتضي منك المواجهة، ستكونُ مؤلمة بدايةً، وستحتاجين لشخصٍ
ترتاحين له، سواء كان استشاريًّا نفسيًّا أم صديقًا صدوقًا؛ يشعرُ بألمِك
ويساعدُك على إخراجِه، وأحيانًا تكون الكتابةُ وسيلةً ناجحة للتنفيس،
لكنَّك في النهايةِ تحتاجين أن تستعيدي ما حصل، وتشعرين بالرِّضا بقضاءِ الله،
وتتلمَّسين الحكمةَ والرَّحمة خلفه، لا تنظري له بمنظارِ الدُّنيا،
بل انظري له بمنظارِ الإيمان، وستشعرين بفيضِ الرَّحمةِ وبحكمةِ الله،
وبكم أضافت لك هذه التجربة أكثر مما أخذت منك، فالتجارِبُ القاسية
تصقلُ النَّفسَ، وتزيد من قدرتِها على التحمُّلِ، وعلى الدرايةِ بالحياة
بنظرة أعمق مِمن لم تعركْهُ الحياةُ وصروفها.
أمَّا أخوك، فالأمرُ شبيهٌ بما يحصل معك، مع فارقِ أنَّه بحكمِ سنِّه
- وربما طبيعة شخصيته - يميلُ للقلق، وتمثل معه بقلق الانفصالِ أكثر،
أيضًا مشاعرك أو مشاعر من حوله لها أثرٌ كبير، حتَّى لو لم تظهروها له،
فالطِّفلُ كالإسفنجةِ يمتصُّ ما حوله من مشاعر ويعبِّرُ عنها،
ولو لم يسمعِ الكبارَ يعبرون عنها صراحة.
علاجُ أخيك مفتاحُه علاجُكِ لمشاعرك، وكلاهما علاجُهما الإيماني
له الدورُ الأكبر، احكي له قصصَ السيرة، وحدِّثيه عن الجنَّةِ ونعيمِها،
وعن رحمة الله وحكمتِه بخلقه، من خلالِ قصصك ستتغيرُ نظرتُه وحكمه
على الأمور وطريقة تفكيره، لتغيرِ مشاعرِه بالتالي،
ويثق أنَّ ربًّا كفاهُ من الأمسِ ما كان سيكفيه من الغدِ ما سيكون!
وفقكِ الله وأعانك، وكتب لك الأجرَ، وعوَّضك خيرًا.
منقول للفائدة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق