خسرت كل أموالي
الداعية عبد العزيز بن صالح الكنهل
السؤال
♦ الملخص:
شاب كان لديه مشروع كبير، تعرَّض لعملية احتيال، فخسِر كلَّ أمواله، وأصبح مدينًا،
واضْطُر للعمل أجيرًا من أجل سداد ديونه.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا شاب ابتلاني الله بمصائبَ كثيرة، كنتُ أعمل في مجال البناء، وصار عندي شركة مقاولات،
وقد خسرتُ كل أموالي إثر تعرُّضي لعملية احتيالٍ، ولم تُسعفني المحاكم، فضاعت الحقوق، وحاولت أن أعوِّض، فخرجتِ
الأمورُ عن السيطرة، وتراكمت عليَّ الديون.
سبع سنوات كاملة عانيتُ فيها ما عانيتُ، بكيتُ قهرًا في لياليها، هذا يطلب ماله،
وذاك يصرُخ في وجهي، مشاهد كثيرة تبخَّرت فيها الكرامة، وهدَّدوني فاضطررتُ أن أترجَّى بعضَهم.
لا تقولوا: إنه عقاب من الله، فما أكلتُ يومًا حرامًا، وكنتُ أمينًا في عملي، لكنها حكمة الله.
صرتُ بعدها عاملًا، عملتُ في كل شيء، بعتُ الخَضروات، عملتُ بائعًا جوَّالًا للقهوة والشاي،
ونادلًا في المطاعم، هل تعلمون حجم الانكسار في نفس شخص كان يومًا من الأيام ذا مال كثيرٍ،
أجبرتْه الحياة أن يعمل أجيرًا مقابل دراهم قليلة عند أحدهم؟! وقد سخِر مني وشَمِتَ بي الكثير من أقاربي،
لكني ابتلعتُ كلَّ كلام مَن كان يسخر ويَشمَت!
سبع سنوات كاملة وأنا أُسدد ما تراكم عليَّ من ديون، ولم أجد أحدًا يهوِّن عليَّ ما أنا فيه إلا أُمي،
فقد كانت تؤمن أني سأعود، وسأرجع يومًا ما كما كنتُ، وأنه ذات يوم سأبني شركة ضخمة.
منذ أيام قليلة دفعتُ آخَر دينٍ مُستحق عليَّ، وقد ماتتْ أمي قبل دفْع آخر دينٍ بشهورٍ، أرجو أن تكون وصلتْكم الصورة كاملةً، وما أنا فيه من وجعٍ!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
أما بعد:
فأخي الكريم، لقد قرأتُ رسالتك، فتبيَّن لي منها أسلوبٌ أدبي رفيع، يدل
على أنك مثقف وصاحب حِس أدبي رائع، عبَّر بوضوحٍ عن فداحة مُصيبتك.
والغالب أن أهل المصائب تشغلهم فداحةُ المصيبة عن حُسن التعبير عن مشكلتهم، فتضطرب حروفهم،
فحُسن تعبيرك هنا يدل على أنك صاحب هِمة لا تَنكسر بمشيئة الله أمام العواصف والقواصف، فهنيئًا لك ذلك!
لا أُخفيك سرًّا، أعجبتني كثيرًا رُوحك الوثابة؛ حيث لم تجلس في بيت أهلك تبكي، ولم تستسلم لهَوْل الصدمة،
بل قمتَ بأعمال يسيرة، وتحمَّلت استهزاء مَن لا خلاق لهم، حتى استطعت سداد ديونك،
فحقًّا أنت نموذجًا يُحتذى به، وأبشِر فإنك ستأخذ من حسنات كل من استهزَؤوا بك يوم القيامة،
وإن سامحتَهم فهو خيرٌ لك ولهم، وتكفير لخطاياكم جميعًا.
عند تأمُّلي في مشكلتك، وجدتُ فيها ما يدل على طيبة قلبك التي تَم
استغلالها ببشاعة ودهاء،
وعمومًا أُوصيك بالآتي:
♦ تذكَّر أن ما أصابك قضاء وقدرٌ، كتبه الله عليك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ لقوله سبحانه:
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
[القمر: 49]،
قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية:
حتى وضْعك يدَك على خدك، فهي بقدر الله .
وقال سبحانه:
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }
[التغابن: 11]،
قال علقمة رحمه الله في هذه الآية: "هو الرجل تُصيبه المصيبة،
فيعلم أنها من الله، فيصبر ويحتسب".
♦ اعلَم أن ما يُصيب المؤمن من المصائب، فيه حِكمٌ يعلمها الله سبحانه؛ منها:
رفع الدرجات في الجنة، وتكفير الخطايا، ومنها أنها دلالة على محبة الله للمبتلى،
وقد يكون منها أن الله يصرفَ بها فتنًا كثيرة وخطيرة لا يعلمها المبتلى، ولو علِم بها لاستبدلَ حزنه بالفرح والشكر لله، تأمَّل كثيرًا قولَه سبحانه:
{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ
ٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }
[البقرة: 216]،
اقرأْها كثيرًا وتأمَّلها؛ لتعلم يقينًا حِكَمَ الله العظيمة.
♦ الإيمان بالقدر ركنٌ من أركان الإيمان، والصبر واجب، والرضا مستحب.
♦ أُوصيك بكثرة الدعاء؛ فهو سلاح عظيم نَضعف عنه أحيانًا، أو نقلل منه بسبب ضَعف إيماننا،
ادعُ الله أن يُصبرك، وأن يجعل ما أصابك رِفعةً لك وتكفيرًا لخطاياك، وادْعُه أن يعوِّضك خيرًا مما أُخِذ منك؛ قال سبحانه:
{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }
[النمل: 62].
♦ اعلَم رحمك الله أن ما يصيب المؤمن تارةً يكون ابتلاءً لا علاقة له بالمعاصي، بل محبة من الله للمؤمن، ولرفع درجاته عند الله سبحانه،
كما كان يحصُل من الابتلاءات للأنبياء، وهم أفضل الخلق، بل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر،
وتارة يكون بسبب ظُلمٍ أو معاصٍ، أيًّا كان السبب، فوصيتي لكَ هي وصية الله للمؤمنين بالإكثار من الاستغفار؛ قال سبحانه:
{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا *
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }
[نوح: 10، 12]،
فانظُر كيف جعل الله الاستغفار سببًا للرزق وتفريج الكرب.
وأُوصيك أيضًا بكثرة الاسترجاع، فهو بلسمٌ عظيم، وسببٌ قوي لتفريج الكرب؛ قال سبحانه:
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة: 155 - 157].
تأمَّل الحديث الذي في صحيح الإمام مسلم، قالت أمُّ سلمة رضي الله عنها: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(ما من عبد تُصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجِرني
في مصيبتي، وأخلِف لي خيرًا منها - إلا آجره الله تعالى في مصيبته، وأخلَف له خيرًا منها)،
قالت: فلما توفِّي أبو سلمة، قلتُ: مَن خير من أبي سلمة؟ قلتُ ما أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم،
فأخلَف الله لي خيرًا منه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
ومما يُسليك أن تتذكر أمرين مهمين جدًّا:
الأول: أنها أهون من غيرها؛ حيث لم تكن في دينك، ولم تُذهب دينَك أو عقلك، فلم تؤدِّ بك للتعامل بالحرام لتعويض خسارتك.
الثاني: أنك عندما تتذكر مصائبَ غيرك، تهون عليك مصيبتُك، ومن أمثلة ذلك الذي في ثوانٍ معدودة أصبح معاقًا بسبب حادث مفاجئ.
وأُوصيك بأخذ الحَيطة مستقبلًا، فلا تَثق في أي إنسان وحتى لو كان ثقةً،
احتَطْ لنفسك بالكتابة الرسمية والتوثيق والشهود، وادرُس أي مشروع مستقبلي دراسةً مستفيضة،
ولا تستعجل، واستخِر الله كثيرًا قبل الإقدام على أي عملٍ.
حفِظك الله وفرَّج كُربتَك، وجعَلها رِفعةً لك وتمحيصًا، وصلِّ اللهم على نبينا محمدٍ.
منقول للفائدة والعظة
الداعية عبد العزيز بن صالح الكنهل
السؤال
♦ الملخص:
شاب كان لديه مشروع كبير، تعرَّض لعملية احتيال، فخسِر كلَّ أمواله، وأصبح مدينًا،
واضْطُر للعمل أجيرًا من أجل سداد ديونه.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا شاب ابتلاني الله بمصائبَ كثيرة، كنتُ أعمل في مجال البناء، وصار عندي شركة مقاولات،
وقد خسرتُ كل أموالي إثر تعرُّضي لعملية احتيالٍ، ولم تُسعفني المحاكم، فضاعت الحقوق، وحاولت أن أعوِّض، فخرجتِ
الأمورُ عن السيطرة، وتراكمت عليَّ الديون.
سبع سنوات كاملة عانيتُ فيها ما عانيتُ، بكيتُ قهرًا في لياليها، هذا يطلب ماله،
وذاك يصرُخ في وجهي، مشاهد كثيرة تبخَّرت فيها الكرامة، وهدَّدوني فاضطررتُ أن أترجَّى بعضَهم.
لا تقولوا: إنه عقاب من الله، فما أكلتُ يومًا حرامًا، وكنتُ أمينًا في عملي، لكنها حكمة الله.
صرتُ بعدها عاملًا، عملتُ في كل شيء، بعتُ الخَضروات، عملتُ بائعًا جوَّالًا للقهوة والشاي،
ونادلًا في المطاعم، هل تعلمون حجم الانكسار في نفس شخص كان يومًا من الأيام ذا مال كثيرٍ،
أجبرتْه الحياة أن يعمل أجيرًا مقابل دراهم قليلة عند أحدهم؟! وقد سخِر مني وشَمِتَ بي الكثير من أقاربي،
لكني ابتلعتُ كلَّ كلام مَن كان يسخر ويَشمَت!
سبع سنوات كاملة وأنا أُسدد ما تراكم عليَّ من ديون، ولم أجد أحدًا يهوِّن عليَّ ما أنا فيه إلا أُمي،
فقد كانت تؤمن أني سأعود، وسأرجع يومًا ما كما كنتُ، وأنه ذات يوم سأبني شركة ضخمة.
منذ أيام قليلة دفعتُ آخَر دينٍ مُستحق عليَّ، وقد ماتتْ أمي قبل دفْع آخر دينٍ بشهورٍ، أرجو أن تكون وصلتْكم الصورة كاملةً، وما أنا فيه من وجعٍ!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،
أما بعد:
فأخي الكريم، لقد قرأتُ رسالتك، فتبيَّن لي منها أسلوبٌ أدبي رفيع، يدل
على أنك مثقف وصاحب حِس أدبي رائع، عبَّر بوضوحٍ عن فداحة مُصيبتك.
والغالب أن أهل المصائب تشغلهم فداحةُ المصيبة عن حُسن التعبير عن مشكلتهم، فتضطرب حروفهم،
فحُسن تعبيرك هنا يدل على أنك صاحب هِمة لا تَنكسر بمشيئة الله أمام العواصف والقواصف، فهنيئًا لك ذلك!
لا أُخفيك سرًّا، أعجبتني كثيرًا رُوحك الوثابة؛ حيث لم تجلس في بيت أهلك تبكي، ولم تستسلم لهَوْل الصدمة،
بل قمتَ بأعمال يسيرة، وتحمَّلت استهزاء مَن لا خلاق لهم، حتى استطعت سداد ديونك،
فحقًّا أنت نموذجًا يُحتذى به، وأبشِر فإنك ستأخذ من حسنات كل من استهزَؤوا بك يوم القيامة،
وإن سامحتَهم فهو خيرٌ لك ولهم، وتكفير لخطاياكم جميعًا.
عند تأمُّلي في مشكلتك، وجدتُ فيها ما يدل على طيبة قلبك التي تَم
استغلالها ببشاعة ودهاء،
وعمومًا أُوصيك بالآتي:
♦ تذكَّر أن ما أصابك قضاء وقدرٌ، كتبه الله عليك قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة؛ لقوله سبحانه:
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }
[القمر: 49]،
قال ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية:
حتى وضْعك يدَك على خدك، فهي بقدر الله .
وقال سبحانه:
{ مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ }
[التغابن: 11]،
قال علقمة رحمه الله في هذه الآية: "هو الرجل تُصيبه المصيبة،
فيعلم أنها من الله، فيصبر ويحتسب".
♦ اعلَم أن ما يُصيب المؤمن من المصائب، فيه حِكمٌ يعلمها الله سبحانه؛ منها:
رفع الدرجات في الجنة، وتكفير الخطايا، ومنها أنها دلالة على محبة الله للمبتلى،
وقد يكون منها أن الله يصرفَ بها فتنًا كثيرة وخطيرة لا يعلمها المبتلى، ولو علِم بها لاستبدلَ حزنه بالفرح والشكر لله، تأمَّل كثيرًا قولَه سبحانه:
{ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ
ٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }
[البقرة: 216]،
اقرأْها كثيرًا وتأمَّلها؛ لتعلم يقينًا حِكَمَ الله العظيمة.
♦ الإيمان بالقدر ركنٌ من أركان الإيمان، والصبر واجب، والرضا مستحب.
♦ أُوصيك بكثرة الدعاء؛ فهو سلاح عظيم نَضعف عنه أحيانًا، أو نقلل منه بسبب ضَعف إيماننا،
ادعُ الله أن يُصبرك، وأن يجعل ما أصابك رِفعةً لك وتكفيرًا لخطاياك، وادْعُه أن يعوِّضك خيرًا مما أُخِذ منك؛ قال سبحانه:
{ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ }
[النمل: 62].
♦ اعلَم رحمك الله أن ما يصيب المؤمن تارةً يكون ابتلاءً لا علاقة له بالمعاصي، بل محبة من الله للمؤمن، ولرفع درجاته عند الله سبحانه،
كما كان يحصُل من الابتلاءات للأنبياء، وهم أفضل الخلق، بل لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفَر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر،
وتارة يكون بسبب ظُلمٍ أو معاصٍ، أيًّا كان السبب، فوصيتي لكَ هي وصية الله للمؤمنين بالإكثار من الاستغفار؛ قال سبحانه:
{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا *
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا }
[نوح: 10، 12]،
فانظُر كيف جعل الله الاستغفار سببًا للرزق وتفريج الكرب.
وأُوصيك أيضًا بكثرة الاسترجاع، فهو بلسمٌ عظيم، وسببٌ قوي لتفريج الكرب؛ قال سبحانه:
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة: 155 - 157].
تأمَّل الحديث الذي في صحيح الإمام مسلم، قالت أمُّ سلمة رضي الله عنها: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
(ما من عبد تُصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجِرني
في مصيبتي، وأخلِف لي خيرًا منها - إلا آجره الله تعالى في مصيبته، وأخلَف له خيرًا منها)،
قالت: فلما توفِّي أبو سلمة، قلتُ: مَن خير من أبي سلمة؟ قلتُ ما أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم،
فأخلَف الله لي خيرًا منه رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
ومما يُسليك أن تتذكر أمرين مهمين جدًّا:
الأول: أنها أهون من غيرها؛ حيث لم تكن في دينك، ولم تُذهب دينَك أو عقلك، فلم تؤدِّ بك للتعامل بالحرام لتعويض خسارتك.
الثاني: أنك عندما تتذكر مصائبَ غيرك، تهون عليك مصيبتُك، ومن أمثلة ذلك الذي في ثوانٍ معدودة أصبح معاقًا بسبب حادث مفاجئ.
وأُوصيك بأخذ الحَيطة مستقبلًا، فلا تَثق في أي إنسان وحتى لو كان ثقةً،
احتَطْ لنفسك بالكتابة الرسمية والتوثيق والشهود، وادرُس أي مشروع مستقبلي دراسةً مستفيضة،
ولا تستعجل، واستخِر الله كثيرًا قبل الإقدام على أي عملٍ.
حفِظك الله وفرَّج كُربتَك، وجعَلها رِفعةً لك وتمحيصًا، وصلِّ اللهم على نبينا محمدٍ.
منقول للفائدة والعظة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق