خلق السماحة
يعتبر الكثير من الناس أن الإنسان الطيب الذي لا يُعقد الأمور، ويتواصل
بشكل مباشر ودون مراوغة، ويتسامح في بعض حقوقه، ويوفي الآخرون
حقوقهم، يعتبرونه شخصا "ساذجا" وربما اعتبروه "ضعيفا"، ذلك أن
القوة في رأيهم تقترن بسوء الأخلاق، بالغضب والانفعال والجدل وصعوبة
التعامل والعقاب الفوري بالمثل، ويعلمون أطفالهم بأن الإنسان إذا لم يكن
ذئبا فإن الذئاب ستأكله، وكأن الحياة الإنسانية غابة وحشية.
ولكن أتدرون موقع هذا الشخص في ديننا الكريم، ذلك الإنسان السهل
البسيط المباشر الذي يتسامح ويُحسن الظن،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار،
وبمن تحرم النَّار عليه؟ على كلِّ هيِّن ليِّن قريب سهل )
رواه الترمذي وابن حبان وصححه الألباني.
تأملوا معي في هذه الألفاظ النبوية الكريمة: هيّن، ليّن، قريب، سهل.
وكيف تتنافى مع الغلظة، والعدائية، والهجوم على الناس، والتربص بهم،
وعدم منحهم المعاذير، ورؤية حق الناس فقط، والجرح والإهانة،
والعناد وتصلب الرأي، والقسوة في التعاملات، والشح بما في اليد
وبما ليس في اليد!
أما ذلكم الهين المترفق بمن حوله، اللين السهل الانقياد للخير والحق،
القريب غير المتعالي ولا المتصلب على ما يراه، فإن جزاءه أن تحرم النار
عليه، ويا له من جزاء عظيم.. فهذه الدنيا بكل ما فيها من صراعات
ورغبات ومشاحنات زائلة فانية متاع الغرور. قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
آل عمران: 185
كما أن الله يدافع عنه، ويكسب سلام نفسه، ولا تضيع حقوقه كما يظن
الكثيرون، فالمشاحنات والغضب والاعتداء لا تحفظ الحقوق كما يظن
الحمقي، وإنما توقع الإنسان في الأمراض، وبغض الناس،
ولا تدفع عنه شرورا بقدر ما تجلبها.
قيمة السماحة
ويوضح هذا الحديث النبوي الكريم حديث آخر،
وهوقوله صلى الله عليه وسلم:
( رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى )
رواه البخاري.
والسمح هو السهل الخلوق الذي يترك المشاحنة ويأخذ العفو من الناس.
وهذه المواطن الثلاثة: البيع، والشراء، والاقتضاء، هي مواطن زلل
الأقدام، والتنمر على الناس، والظلم، وسوء الألفاظ، والمرواغات،
لذا فإن هذا السمح السهل الخلوق فيها استحق دعاء النبي
صلى الله عليه وسلم بالرحمة، والتحريم من النار.
التوسط فضيلة
السهولة والسماحة تضاد الغلظة والجفاء والعناء، ولا تعني بحال الضعف
والجبن كما قد يُساء الفهم، فالمؤمن ينتصر بعد ظلمه، ويحمي عرضه
وماله وحياته، ويحرص على ما ينفعه، ولكنه يحرص
على حسن خلقه أيضًا.
قال الماوردي – رحمه الله- في شرح الحديث الأول:
( بين بهذا الحديث أن حسن الخلق يدخل صاحبه الجنة ويحرمه على
النار، فإن حسن الخلق عبارة عن كون الإنسان سهل العريكة لين الجانب
طلق الوجه قليل النفور طيب الكلمة كما سبق لكن لهذه الأوصاف حدود
مقدرة في مواضع مستحقة فإن تجاوز بها الخير صارت ملقا،
وإن عدل بها عن مواضعها صارت نفاقا، والملق ذل والنفاق لؤم).
يعتبر الكثير من الناس أن الإنسان الطيب الذي لا يُعقد الأمور، ويتواصل
بشكل مباشر ودون مراوغة، ويتسامح في بعض حقوقه، ويوفي الآخرون
حقوقهم، يعتبرونه شخصا "ساذجا" وربما اعتبروه "ضعيفا"، ذلك أن
القوة في رأيهم تقترن بسوء الأخلاق، بالغضب والانفعال والجدل وصعوبة
التعامل والعقاب الفوري بالمثل، ويعلمون أطفالهم بأن الإنسان إذا لم يكن
ذئبا فإن الذئاب ستأكله، وكأن الحياة الإنسانية غابة وحشية.
ولكن أتدرون موقع هذا الشخص في ديننا الكريم، ذلك الإنسان السهل
البسيط المباشر الذي يتسامح ويُحسن الظن،
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار،
وبمن تحرم النَّار عليه؟ على كلِّ هيِّن ليِّن قريب سهل )
رواه الترمذي وابن حبان وصححه الألباني.
تأملوا معي في هذه الألفاظ النبوية الكريمة: هيّن، ليّن، قريب، سهل.
وكيف تتنافى مع الغلظة، والعدائية، والهجوم على الناس، والتربص بهم،
وعدم منحهم المعاذير، ورؤية حق الناس فقط، والجرح والإهانة،
والعناد وتصلب الرأي، والقسوة في التعاملات، والشح بما في اليد
وبما ليس في اليد!
أما ذلكم الهين المترفق بمن حوله، اللين السهل الانقياد للخير والحق،
القريب غير المتعالي ولا المتصلب على ما يراه، فإن جزاءه أن تحرم النار
عليه، ويا له من جزاء عظيم.. فهذه الدنيا بكل ما فيها من صراعات
ورغبات ومشاحنات زائلة فانية متاع الغرور. قال تعالى:
{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ}.
آل عمران: 185
كما أن الله يدافع عنه، ويكسب سلام نفسه، ولا تضيع حقوقه كما يظن
الكثيرون، فالمشاحنات والغضب والاعتداء لا تحفظ الحقوق كما يظن
الحمقي، وإنما توقع الإنسان في الأمراض، وبغض الناس،
ولا تدفع عنه شرورا بقدر ما تجلبها.
قيمة السماحة
ويوضح هذا الحديث النبوي الكريم حديث آخر،
وهوقوله صلى الله عليه وسلم:
( رَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، سَمْحًا إِذَا اشْتَرَى، سَمْحًا إِذَا اقْتَضَى )
رواه البخاري.
والسمح هو السهل الخلوق الذي يترك المشاحنة ويأخذ العفو من الناس.
وهذه المواطن الثلاثة: البيع، والشراء، والاقتضاء، هي مواطن زلل
الأقدام، والتنمر على الناس، والظلم، وسوء الألفاظ، والمرواغات،
لذا فإن هذا السمح السهل الخلوق فيها استحق دعاء النبي
صلى الله عليه وسلم بالرحمة، والتحريم من النار.
التوسط فضيلة
السهولة والسماحة تضاد الغلظة والجفاء والعناء، ولا تعني بحال الضعف
والجبن كما قد يُساء الفهم، فالمؤمن ينتصر بعد ظلمه، ويحمي عرضه
وماله وحياته، ويحرص على ما ينفعه، ولكنه يحرص
على حسن خلقه أيضًا.
قال الماوردي – رحمه الله- في شرح الحديث الأول:
( بين بهذا الحديث أن حسن الخلق يدخل صاحبه الجنة ويحرمه على
النار، فإن حسن الخلق عبارة عن كون الإنسان سهل العريكة لين الجانب
طلق الوجه قليل النفور طيب الكلمة كما سبق لكن لهذه الأوصاف حدود
مقدرة في مواضع مستحقة فإن تجاوز بها الخير صارت ملقا،
وإن عدل بها عن مواضعها صارت نفاقا، والملق ذل والنفاق لؤم).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق