تقليد وغَيرة ومراهقة متأخرة !
الجزء الأول
تعيش بعض النساء حالات مختلفة من السلوكيات خلال فترة حياتها،
فنجدها في صغرها تأخذ دور المرأة وتحاول جاهدة إثبات نضجها،
بينما نجدها في عمر النضوج تسعى لأن تكون في عمر الفتاة المراهقة
التي تحتاج إلى من يضع قدمها على طريق الحياة، وأصعب ما تمر به
من حالة هي حالة الهرم والكبر، لا سيما عندما تكون أماً لمراهقات،
فنجدها تسعى لأن تحاكيهن في طريقة الكلام واللبس والأفكار،
غير آبهة بعمرها الوقور الذي يتطلب منها الحكمة والتروي والاحتواء،
مما يجعلها في صدام دائم مع بناتها، الأمر الذي يجعلها أحياناً تستكبر
أي تصرف منهن، وتشعر بأن اهتمامهن بأنفسهن يظهر عمرها الحقيقي
بعين والدهن فينطلق سيناريو: "البنت جارة أمها".
ومهما كانت الأسباب والدوافع لابد أن يُظهر الأب التوازن العاطفي والاعتدال
السلوكي، من خلال إشاعة روح الحب ومشاعر الحنان داخل الكيان المنزلي
بصورة متوازنة، حتى لا تنتشر "فيروسات" الغيرة داخل النسق الأسري،
كذلك لابد أن يُشعر الزوج شريكة حياته بالأمان الوجداني،
وأن يجعلها تشعر بأنها الأساس في حياته، إضافةً إلى أهمية إشاعة
ثقافة الحوار الواعي داخل البيت الأسري بعيداً عن صراعات الشك
والارتياب، مما يضمن -بإذن الله- تحقيق الاستقرار الأسري،
وإظهار ألوان المحبة والمودة والألفة والتضامن داخل النسيج المنزلي.
"الرياض" تطرح المشكلة غير المقصودة داخل الأسرة،
وتعد سلوكا نفسيا غير متعمد، فتشعر بعض الأمهات بنار الغيرة من بناتهن،
خاصةً بعدما يتقدم بها العمر وترى أن طفلتها الصغيرة أصبحت أكثر منها
جمالاً، وما يزيد من عذابها اهتمام زوجها بابنتهما وتدليله إياها،
لدرجة أنها تشعر بأنها ضرّتها، وتعبر الأم عن هذه الغيرة بتقليد ابنتها
في لباسها وسلوكها متناسية أن الزمن لن يعود إلى الوراء.
غيرة الأم
وقالت "ي" - معلمة-: "البنت جارة أمها" ينطبق في بيتنا بشكل كبير،
فوالدتي تزوجت والدي وهي لازالت صغيرة بالسن،
وعلى الرغم من فارق العمر الكبير بين والدي ووالدتي إلاّ أنني كنت الابنة
المدللة لوالدي حتى كبرنا، فأصبحت أمي تحاول جاهدة
أن تسترد مكانة الابنة المدللة لوالدي، بينما هو بفطرته يحن علينا كثيراً،
ولا يقبل أن تتعامل معنا والدتي بالند أو كأخت لنا متنازلة عن أمومتها
مقابل دلالها، مضيفةً أنها ترفض أن نخدم والدي المسن،
فعند حصول أي عارض بينهما تحاول جاهدة منعنا من خدمته أو تلبية
أموره، فعندما نرفض ذلك تفسره هي عقوقاً وعدم احترام لها.
وأوضحت "ف" أنها تُعاني كثيراً من تصرفات أمها التي ليس لها مبرر
سوى الغيرة، مضيفةً: "تعبت نفسياً من هذا الأمر،
فهي مثلاً تمنعني من دخول المطبخ حين يكون والدي موجوداً في المنزل،
حتى لا يعرف أنني طبخت الغداء، وتمنعني من وضع المكياج والجلوس
مع أبي أو تقديم الشاي له أو خدمته في أي شيء يطلبه مني،
كما تعاملني وكأني ضرتها ولست ابنتها"، مبينةً أنها ابنتها الكبرى
ولديها الكثير من الأخوة والأخوات، لكن حقيقة لم تشعر يوماً بقربها
كأم لها بعد تخرجها من الجامعة، فأصبحت تكره نجاحها أو تفوقها،
وتسعى جاهدة لإظهارها بصورة الجاهلة أمام والدها، مما جعلها تبتعد عنها
كثيراً وتتخذ من زميلاتها في العمل أمهات بديلات للأسف!.
الأب يتحمل مسؤولية التوازن العاطفي عبر إشاعة الحُب والحنان
داخل المنزل.. لا تَمل للبنات وتنسى الأم
الزوج السبب
وأكد "س" -55 عاماً- على أن هناك زوجات تعميهن الغيرة
حتى أمام بناتهن، ولا يقتنعن بأن تلك الفتاة الصغيرة قد كبرت
وأصبحت شابة مستقلة تحاول جاهدة إبراز جمالها وأنوثتها،
في الوقت الذي تكون فيه الأم قد هرمت، مضيفاً أن بعض الأمهات
تحاول جاهدة من التضييق على ابنتها وإظهارها بصورة الفتاة غير المبالية،
والتي لا تستحق الاحترام أو الثقة، ليبقى زمام أمرها بيد والدتها،
لافتاً إلى أنه طبيعي أن ترفض الابنة هذا الوضع،
وتحاول جاهدة أن تكشف ذلك لوالدها، مما يخلق فجوة بين الابنة والأم،
مُحملاً الزوج جزءا كبيرا من غيرة الأمهات،
معتبراً أنه ليس مطلوبا من الرجل أن يكون أبا جيدا،
بل يجب أن يكون زوجا ذكيا يستطيع أن يعطي زوجته مكانتها،
وأن ابنتهما ما هي إلاّ ثمرة لحبهما ويسعيان لتنمية شخصيتها
في بيئة سوية.
وأشارت السيدة "م" إلى أنها كأم تحرص تماماً على تنشئة فتياتها بطريقة
سوية، مضيفةً أن المرحلة التي قد تمضي بها المرأة من حالة عدم اتزان
هي طبيعية جداً، لكن استمرارها غير طبيعي، فكل أم تسعد ببناتها
وتعمل جاهدة أن تنمي شخصيتها وتجعلها قوية وأن تقربها من والدها،
مبينةً أن الأب هو قوة الفتاة التي يجب أن تستند عليه، إلاّ أنه يجب على الأم
العاقلة أن تتفهم تلك العلاقة بين الأب وابنته والتي مرت هي بها عندما كانت
تحت أكناف والدها وجد بناتها.
سيناريو تنافسي
وتحدث "خالد الدوس" - باحث اجتماعي ومختص بالقضايا الأسرية
والاجتماعية- قائلاً: إن الأم هي المصدر الدافئ الذي لا نهاية له للجميع،
ولولا الخصائص "الفسيولوجية" و"السيكولوجية" والتركيبة الأنثوية
التي منحها الله إياها من الحب والصبر والتحمل والتفاني والإخلاص
والإيثار، وكذلك التضحية والوفاء في كيانها الإنساني الفطري لانهارت
الحياة كلها وانقرضت البشرية، مضيفاً أنها تتحمل الجزء الأكبر
من مسؤولية تنشئة أبنائها في السنوات الأولى في حياتهم،
وهي التي تضع اللبنات الأولى في تشكيل الشخصية السوية وملامحها،
وإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية والوجدانية والعقلية،
مبيناً أنه حين تبدأ مكروبات العمليات الاجتماعية الهدامة وإرهاصاتها
في الظهور كالحسد والكذب والغيرة المرضية.. الخ، وتغلغلها داخل النسيج
المنزلي، تبدأ تعيش هذه الأسرة أو تلك حالة من فقدان التوازن النفسي
والوجداني والتربوي، وبالتالي قد تؤثر هذه المثالب والأمراض الاجتماعية
على البناء الأسري ووظائفه المختلفة،
مشيراً إلى أنه عندما نتناول واحدة من العمليات الاجتماعية المناهضة
للقيم التربوية وهي "مرض الغيرة" في الحياة الزوجية
والتي تمتد لتأخذ مظهرا آخر وهو غيرة -بعض- الأمهات من بناتهن،
قد يكون من الغرابة والمحزن بذات الوقت أن تشعر الأم بالغيرة نحو ابنتها
وترى فيها منافساً جديداً تشاركها الحب الموجه من زوجها.
وأضاف: هذا السيناريو التنافسي يصبح واقعياً عندما نرى الأب يهتم
بابنته أكثر من اهتمامه بزوجته في علاقة كيميائية ربما تسرق الابنة
أنظار ومشاعر واهتمام أبيها عن أمها، وبالتالي تحظى بحبه وعاطفته
ومشاعره الأبوية كالسؤال عنها باستمرار ومداعبتها،
ولا يكاد يرى في الكيان الأسري أحداً سواها، بعد أن كانت الأم
هي من تحظى بهذه المساحة الوجدانية من الحب والاهتمام دون منافس.
مشكلة خطيرة
وأوضح "الدوس" أن غيرة الأم من ابنتها ليست ظاهرة في نسيجنا
المجتمعي، بل هي مشكلة خطيرة تبدأ تتسع دائرتها بسبب التغيرات
الاقتصادية والاجتماعية وتحولاتها الثقافية التي ألقت بظلالها
على البناء الأسري ووظائفه، نتيجة التحديث والمعاصرة،
وقد تكون من الأسباب أيضاً خلل وظيفي في تنشئة الأم النفسية والاجتماعية
والأخلاقية والعقلية في مرحلة طفولتها، وفشلها في تكوين خصائص
وسمات شخصية إيجابية، وبالتالي تنشأ وهي تشعر بالعجز والضجر
والضعف وعدم القدرة على التنافس المقبول،
ثم تصدر سلوكيات مخالفة مصبوغة بلون انفعالي يأخذ الشكل المرضي،
إضافةً إلى ضعف الوازع الديني للأم التي تغار من ابنتها
في هذا الاتجاه غيرة وحسدا تجاه ما تحظى به ابنتها من محبة ومكانة
من والدها، مؤكداً على أن الدين عامل إيجابي في تنمية السلوك الاجتماعي
السليم وصيانة معاييره الأخلاقية وضبط توازنه.
وأضاف أن بعض الآباء يكون ناجحاً وبارعاً في تكوين علاقات أسرية
إيجابية سواء مع الزوجة أو الأبناء والبنات في قالب متزن،
فيكون هو ربان السفينة الأسرية التي يقودها إلى بر الأمان بكل وعي
ورقي، وإلى تحقيق مزيد من الاستقرار والهدوء والتوازن من خلال منهجه
التربوي الوسطي، فيصبح هنا أبا ناجحا بكل المعايير الاجتماعية والمقاييس
التربوية، لا يسمح للعمليات الاجتماعية الهدامة بالتوطين
داخل نسيجه الأسري.
مبالغة كبيرة
وأكد "الدوس" على أن هناك بعض الآباء يكون محروما منذ طفولته
من الحنان والعواطف والمشاعر الأبوية لأسباب قد تكون لوفاة أحد والديه
في صغره، أو ظروف معيشية قاسية وخلاف ذلك،
وبالتالي يصبح رجلا عاطفيا صرفا تتجه بوصلة مشاعره الوجدانية لأبنائه
لدرجة قد تصل حّد المبالغة بالذات البنات،
مضيفاً أن البنات دائماً ما ينلن النصيب الأكبر من اهتمام وحُب الآباء
والرضوخ لطلباتهن، حتى لو كانت مخالفة لقواعد الضبط الاجتماعي
والقيمي، مضيفاً أن مثل هذا النمط من الآباء الذين ينتهجون أسلوب الدلال
الزائد والإفراط العاطفي الذي لا يقل خطورة عن الصرامة والقسوة في البناء
التربوي له آثار عكسية، وتداعيات سلبية على البناء الأسري،
مبيناً أننا لا نطالب نزع الرحمة والشفقة ومشاعر الحب من قلب الأب،
ولكن لابد أن يحدث ذلك بتوازن واعتدال، مشيراً إلى أن البنت –خاصةً
في طفولتها- تحب أن تقلد أمها في كثير من الاتجاهات السلوكية،
وفي عاداتها وتقاليدها والأمهات يفرحن بذلك التقليد، لتكبر البنت ويكبر
معها هذا السلوك النمذجي، ذاكراً أنه كما يميل قلب الأب إلى الأم بالحب
والمشاعر الرومانسية من الطبيعي أن يميل قلبه أيضاً إلى ابنته خاصةً
عندما تحظى بالدلال الزائد وتلبية كل طلباتها، فيزيد بالتالي تعلق البنت بأبيها.
وأضاف: البنت "كيميائياً" تسيطر على مشاعر وقلب وحُب وعواطف أبيها
حتى يغدق عليها ألوان طيف المشاعر الوجدانية، مما قد يثير في بعض
الأحيان مشاعر الأم ويشعل نار الغيرة ويؤججها في قلبها،
لدرجة أن بعض الأمهات فعلاً يشعرن بالضيق من خدمة البنت لأبيها بصورة
مبالغة، لذلك لا غرابة أن نجد أحياناً تنافسا شريفا في الطعم واللون
والرائحة بين البنت وأمها على كسب قلب الأب.
انتظرونا فى الجزء الثانى ان شاء الله
الجزء الأول
تعيش بعض النساء حالات مختلفة من السلوكيات خلال فترة حياتها،
فنجدها في صغرها تأخذ دور المرأة وتحاول جاهدة إثبات نضجها،
بينما نجدها في عمر النضوج تسعى لأن تكون في عمر الفتاة المراهقة
التي تحتاج إلى من يضع قدمها على طريق الحياة، وأصعب ما تمر به
من حالة هي حالة الهرم والكبر، لا سيما عندما تكون أماً لمراهقات،
فنجدها تسعى لأن تحاكيهن في طريقة الكلام واللبس والأفكار،
غير آبهة بعمرها الوقور الذي يتطلب منها الحكمة والتروي والاحتواء،
مما يجعلها في صدام دائم مع بناتها، الأمر الذي يجعلها أحياناً تستكبر
أي تصرف منهن، وتشعر بأن اهتمامهن بأنفسهن يظهر عمرها الحقيقي
بعين والدهن فينطلق سيناريو: "البنت جارة أمها".
ومهما كانت الأسباب والدوافع لابد أن يُظهر الأب التوازن العاطفي والاعتدال
السلوكي، من خلال إشاعة روح الحب ومشاعر الحنان داخل الكيان المنزلي
بصورة متوازنة، حتى لا تنتشر "فيروسات" الغيرة داخل النسق الأسري،
كذلك لابد أن يُشعر الزوج شريكة حياته بالأمان الوجداني،
وأن يجعلها تشعر بأنها الأساس في حياته، إضافةً إلى أهمية إشاعة
ثقافة الحوار الواعي داخل البيت الأسري بعيداً عن صراعات الشك
والارتياب، مما يضمن -بإذن الله- تحقيق الاستقرار الأسري،
وإظهار ألوان المحبة والمودة والألفة والتضامن داخل النسيج المنزلي.
"الرياض" تطرح المشكلة غير المقصودة داخل الأسرة،
وتعد سلوكا نفسيا غير متعمد، فتشعر بعض الأمهات بنار الغيرة من بناتهن،
خاصةً بعدما يتقدم بها العمر وترى أن طفلتها الصغيرة أصبحت أكثر منها
جمالاً، وما يزيد من عذابها اهتمام زوجها بابنتهما وتدليله إياها،
لدرجة أنها تشعر بأنها ضرّتها، وتعبر الأم عن هذه الغيرة بتقليد ابنتها
في لباسها وسلوكها متناسية أن الزمن لن يعود إلى الوراء.
غيرة الأم
وقالت "ي" - معلمة-: "البنت جارة أمها" ينطبق في بيتنا بشكل كبير،
فوالدتي تزوجت والدي وهي لازالت صغيرة بالسن،
وعلى الرغم من فارق العمر الكبير بين والدي ووالدتي إلاّ أنني كنت الابنة
المدللة لوالدي حتى كبرنا، فأصبحت أمي تحاول جاهدة
أن تسترد مكانة الابنة المدللة لوالدي، بينما هو بفطرته يحن علينا كثيراً،
ولا يقبل أن تتعامل معنا والدتي بالند أو كأخت لنا متنازلة عن أمومتها
مقابل دلالها، مضيفةً أنها ترفض أن نخدم والدي المسن،
فعند حصول أي عارض بينهما تحاول جاهدة منعنا من خدمته أو تلبية
أموره، فعندما نرفض ذلك تفسره هي عقوقاً وعدم احترام لها.
وأوضحت "ف" أنها تُعاني كثيراً من تصرفات أمها التي ليس لها مبرر
سوى الغيرة، مضيفةً: "تعبت نفسياً من هذا الأمر،
فهي مثلاً تمنعني من دخول المطبخ حين يكون والدي موجوداً في المنزل،
حتى لا يعرف أنني طبخت الغداء، وتمنعني من وضع المكياج والجلوس
مع أبي أو تقديم الشاي له أو خدمته في أي شيء يطلبه مني،
كما تعاملني وكأني ضرتها ولست ابنتها"، مبينةً أنها ابنتها الكبرى
ولديها الكثير من الأخوة والأخوات، لكن حقيقة لم تشعر يوماً بقربها
كأم لها بعد تخرجها من الجامعة، فأصبحت تكره نجاحها أو تفوقها،
وتسعى جاهدة لإظهارها بصورة الجاهلة أمام والدها، مما جعلها تبتعد عنها
كثيراً وتتخذ من زميلاتها في العمل أمهات بديلات للأسف!.
الأب يتحمل مسؤولية التوازن العاطفي عبر إشاعة الحُب والحنان
داخل المنزل.. لا تَمل للبنات وتنسى الأم
الزوج السبب
وأكد "س" -55 عاماً- على أن هناك زوجات تعميهن الغيرة
حتى أمام بناتهن، ولا يقتنعن بأن تلك الفتاة الصغيرة قد كبرت
وأصبحت شابة مستقلة تحاول جاهدة إبراز جمالها وأنوثتها،
في الوقت الذي تكون فيه الأم قد هرمت، مضيفاً أن بعض الأمهات
تحاول جاهدة من التضييق على ابنتها وإظهارها بصورة الفتاة غير المبالية،
والتي لا تستحق الاحترام أو الثقة، ليبقى زمام أمرها بيد والدتها،
لافتاً إلى أنه طبيعي أن ترفض الابنة هذا الوضع،
وتحاول جاهدة أن تكشف ذلك لوالدها، مما يخلق فجوة بين الابنة والأم،
مُحملاً الزوج جزءا كبيرا من غيرة الأمهات،
معتبراً أنه ليس مطلوبا من الرجل أن يكون أبا جيدا،
بل يجب أن يكون زوجا ذكيا يستطيع أن يعطي زوجته مكانتها،
وأن ابنتهما ما هي إلاّ ثمرة لحبهما ويسعيان لتنمية شخصيتها
في بيئة سوية.
وأشارت السيدة "م" إلى أنها كأم تحرص تماماً على تنشئة فتياتها بطريقة
سوية، مضيفةً أن المرحلة التي قد تمضي بها المرأة من حالة عدم اتزان
هي طبيعية جداً، لكن استمرارها غير طبيعي، فكل أم تسعد ببناتها
وتعمل جاهدة أن تنمي شخصيتها وتجعلها قوية وأن تقربها من والدها،
مبينةً أن الأب هو قوة الفتاة التي يجب أن تستند عليه، إلاّ أنه يجب على الأم
العاقلة أن تتفهم تلك العلاقة بين الأب وابنته والتي مرت هي بها عندما كانت
تحت أكناف والدها وجد بناتها.
سيناريو تنافسي
وتحدث "خالد الدوس" - باحث اجتماعي ومختص بالقضايا الأسرية
والاجتماعية- قائلاً: إن الأم هي المصدر الدافئ الذي لا نهاية له للجميع،
ولولا الخصائص "الفسيولوجية" و"السيكولوجية" والتركيبة الأنثوية
التي منحها الله إياها من الحب والصبر والتحمل والتفاني والإخلاص
والإيثار، وكذلك التضحية والوفاء في كيانها الإنساني الفطري لانهارت
الحياة كلها وانقرضت البشرية، مضيفاً أنها تتحمل الجزء الأكبر
من مسؤولية تنشئة أبنائها في السنوات الأولى في حياتهم،
وهي التي تضع اللبنات الأولى في تشكيل الشخصية السوية وملامحها،
وإشباع حاجاتهم النفسية والاجتماعية والوجدانية والعقلية،
مبيناً أنه حين تبدأ مكروبات العمليات الاجتماعية الهدامة وإرهاصاتها
في الظهور كالحسد والكذب والغيرة المرضية.. الخ، وتغلغلها داخل النسيج
المنزلي، تبدأ تعيش هذه الأسرة أو تلك حالة من فقدان التوازن النفسي
والوجداني والتربوي، وبالتالي قد تؤثر هذه المثالب والأمراض الاجتماعية
على البناء الأسري ووظائفه المختلفة،
مشيراً إلى أنه عندما نتناول واحدة من العمليات الاجتماعية المناهضة
للقيم التربوية وهي "مرض الغيرة" في الحياة الزوجية
والتي تمتد لتأخذ مظهرا آخر وهو غيرة -بعض- الأمهات من بناتهن،
قد يكون من الغرابة والمحزن بذات الوقت أن تشعر الأم بالغيرة نحو ابنتها
وترى فيها منافساً جديداً تشاركها الحب الموجه من زوجها.
وأضاف: هذا السيناريو التنافسي يصبح واقعياً عندما نرى الأب يهتم
بابنته أكثر من اهتمامه بزوجته في علاقة كيميائية ربما تسرق الابنة
أنظار ومشاعر واهتمام أبيها عن أمها، وبالتالي تحظى بحبه وعاطفته
ومشاعره الأبوية كالسؤال عنها باستمرار ومداعبتها،
ولا يكاد يرى في الكيان الأسري أحداً سواها، بعد أن كانت الأم
هي من تحظى بهذه المساحة الوجدانية من الحب والاهتمام دون منافس.
مشكلة خطيرة
وأوضح "الدوس" أن غيرة الأم من ابنتها ليست ظاهرة في نسيجنا
المجتمعي، بل هي مشكلة خطيرة تبدأ تتسع دائرتها بسبب التغيرات
الاقتصادية والاجتماعية وتحولاتها الثقافية التي ألقت بظلالها
على البناء الأسري ووظائفه، نتيجة التحديث والمعاصرة،
وقد تكون من الأسباب أيضاً خلل وظيفي في تنشئة الأم النفسية والاجتماعية
والأخلاقية والعقلية في مرحلة طفولتها، وفشلها في تكوين خصائص
وسمات شخصية إيجابية، وبالتالي تنشأ وهي تشعر بالعجز والضجر
والضعف وعدم القدرة على التنافس المقبول،
ثم تصدر سلوكيات مخالفة مصبوغة بلون انفعالي يأخذ الشكل المرضي،
إضافةً إلى ضعف الوازع الديني للأم التي تغار من ابنتها
في هذا الاتجاه غيرة وحسدا تجاه ما تحظى به ابنتها من محبة ومكانة
من والدها، مؤكداً على أن الدين عامل إيجابي في تنمية السلوك الاجتماعي
السليم وصيانة معاييره الأخلاقية وضبط توازنه.
وأضاف أن بعض الآباء يكون ناجحاً وبارعاً في تكوين علاقات أسرية
إيجابية سواء مع الزوجة أو الأبناء والبنات في قالب متزن،
فيكون هو ربان السفينة الأسرية التي يقودها إلى بر الأمان بكل وعي
ورقي، وإلى تحقيق مزيد من الاستقرار والهدوء والتوازن من خلال منهجه
التربوي الوسطي، فيصبح هنا أبا ناجحا بكل المعايير الاجتماعية والمقاييس
التربوية، لا يسمح للعمليات الاجتماعية الهدامة بالتوطين
داخل نسيجه الأسري.
مبالغة كبيرة
وأكد "الدوس" على أن هناك بعض الآباء يكون محروما منذ طفولته
من الحنان والعواطف والمشاعر الأبوية لأسباب قد تكون لوفاة أحد والديه
في صغره، أو ظروف معيشية قاسية وخلاف ذلك،
وبالتالي يصبح رجلا عاطفيا صرفا تتجه بوصلة مشاعره الوجدانية لأبنائه
لدرجة قد تصل حّد المبالغة بالذات البنات،
مضيفاً أن البنات دائماً ما ينلن النصيب الأكبر من اهتمام وحُب الآباء
والرضوخ لطلباتهن، حتى لو كانت مخالفة لقواعد الضبط الاجتماعي
والقيمي، مضيفاً أن مثل هذا النمط من الآباء الذين ينتهجون أسلوب الدلال
الزائد والإفراط العاطفي الذي لا يقل خطورة عن الصرامة والقسوة في البناء
التربوي له آثار عكسية، وتداعيات سلبية على البناء الأسري،
مبيناً أننا لا نطالب نزع الرحمة والشفقة ومشاعر الحب من قلب الأب،
ولكن لابد أن يحدث ذلك بتوازن واعتدال، مشيراً إلى أن البنت –خاصةً
في طفولتها- تحب أن تقلد أمها في كثير من الاتجاهات السلوكية،
وفي عاداتها وتقاليدها والأمهات يفرحن بذلك التقليد، لتكبر البنت ويكبر
معها هذا السلوك النمذجي، ذاكراً أنه كما يميل قلب الأب إلى الأم بالحب
والمشاعر الرومانسية من الطبيعي أن يميل قلبه أيضاً إلى ابنته خاصةً
عندما تحظى بالدلال الزائد وتلبية كل طلباتها، فيزيد بالتالي تعلق البنت بأبيها.
وأضاف: البنت "كيميائياً" تسيطر على مشاعر وقلب وحُب وعواطف أبيها
حتى يغدق عليها ألوان طيف المشاعر الوجدانية، مما قد يثير في بعض
الأحيان مشاعر الأم ويشعل نار الغيرة ويؤججها في قلبها،
لدرجة أن بعض الأمهات فعلاً يشعرن بالضيق من خدمة البنت لأبيها بصورة
مبالغة، لذلك لا غرابة أن نجد أحياناً تنافسا شريفا في الطعم واللون
والرائحة بين البنت وأمها على كسب قلب الأب.
انتظرونا فى الجزء الثانى ان شاء الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق