التوحيد وأثره
لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل،
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم.
اعلم أخي الكريم وفقنا الله وإياك بأن للتوحيد حقيقة هي وراء الشهادة لله
باللسان أنه لا إله إلا هو مع كون الشهادة الباب الذي أوجب الله
على المؤمنين الدخول إليه منه، وكذا وراء التصديق والاعتقاد أيضا بأنه
هو الله الخالق الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة والطاعة والحكم، مع كون
التوحيد لا يتحقق إلا بذلك كله، وهذا الذي وراء النطق باللسان والتصديق
بالجنان، هو تحقق التوحيد في القلب والجسد بالعمل والمعاملة والسلوك،
وهو توحيد الله في أعمال الباطن والظاهر، فلا يخشى المؤمن إلا الله
{ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ }،
ولا يرهب سواه
{ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }
ولا يخاف أحدا غيره
{ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
ولا يتوكل إلا عليه
{ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
ولا يحب أحدا أكثر منه
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }
قال القرطبي في تفسيره:
(وقال ابن عباس : المراد بالأنداد الرؤساء المتبعون، يطيعونهم في معاصي
الله. وجاء الضمير في يحبونهم على هذا على الأصل، وقال ابن كيسان
والزجاج أيضا: معنى {يحبونهم كحب الله} أي يسوون بين الأصنام وبين الله
تعالى في المحبة. قال أبو إسحاق: وهذا القول الصحيح ،
والدليل على صحته: {والذين آمنوا أشد حبا لله}).
فإن تحقق توحيد الله في قلب المؤمن بإفراد الله وحده بأكمل الحب وأشده،
وبالخشية والخوف والرهبة منه وحده، والتوكل عليه وحده، فهو وحده الذي
بيده ضره ونفعه، وخفضه ورفعه، فقد تحررت روحه من كل أشكال العبودية
لغير الله، وصار المؤمن عبدا لله وحده وحرا ليس لغير الله في قلبه نصيب
وشرك، كما قالت امرأة عمران
{ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا }
يعني موحدا لك فهو حر من طاعة كل من سواك!
قال القرطبي في تفسيره: (قوله تعالى: {محررا} مأخوذ من الحرية
التي هي ضد العبودية، من هذا تحرير الكتاب، وهو تخليصه من الاضطراب
والفساد. عن عكرمة ومجاهد: أن المحرر الخالص لله عز وجل لا يشوبه
شيء من أمر الدنيا، وهذا معروف في اللغة أن يقال لكل ما خلص:
حر ومحرر بمعناه).
فإذا تحرر قلب المؤمن إلا من الله وحده، فقد استكمل توحيده الباطن،
فانعكس ذلك على عمله الظاهر كله بالإخلاص لله في الدعاء والدعوة والدين
والعبادة والطاعة
{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
قال القرطبي: (وقال الحسن: نسكي ديني. وقال الزجاج : عبادتي: ومنه
الناسك الذي يتقرب إلى الله بالعبادة. وقال قوم : النسك في هذه الآية جميع
أعمال البر والطاعات: من قولك نسك فلان فهو ناسك، إذا تعبد، {ومحياي}
أي ما أعمله في حياتي ومماتي أي ما أوصي به بعد وفاتي .
{لله رب العالمين} أي أفرده بالتقرب بها إليه .
وقيل : {ومحياي ومماتي لله} أي حياتي وموتي له).
وهذه حقيقة الإسلام لله بإخلاص الأعمال كلها له وحده، فلا يشرك مع الله
فيها أحدا، وإسلام الوجه إليه وحده بالقصد والنية فلا يبتغي وجه أحد
غير الله، كما قال تعالى
{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ }
قال القرطبي (ومعنى أسلم استسلم وخضع. وقيل: أخلص عمله).
فإذا حقق العبد المؤمن هذا التوحيد في القصد، والعمل لله الحق
وفي المعاملة مع الخلق، كانت الدنيا كلها وأهلها ودولها أهون في نفسه
وعينه من أن تحول بينه وبين الصدع بالحق، والنصح بالصدق،
وكان الله سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، فهو مع الله
وفي كنفه وعينه ورعايته يطمئن إليه إذا اضطرب الخلق، ويثق بوعده
إذا شك الخلق، ويأنس بقربه ويسعد بمعيته إذ استوحش الخلق!
لا حول ولا قوة إلا بالله، وحسبنا الله ونعم الوكيل،
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم.
اعلم أخي الكريم وفقنا الله وإياك بأن للتوحيد حقيقة هي وراء الشهادة لله
باللسان أنه لا إله إلا هو مع كون الشهادة الباب الذي أوجب الله
على المؤمنين الدخول إليه منه، وكذا وراء التصديق والاعتقاد أيضا بأنه
هو الله الخالق الواحد الذي يجب إفراده بالعبادة والطاعة والحكم، مع كون
التوحيد لا يتحقق إلا بذلك كله، وهذا الذي وراء النطق باللسان والتصديق
بالجنان، هو تحقق التوحيد في القلب والجسد بالعمل والمعاملة والسلوك،
وهو توحيد الله في أعمال الباطن والظاهر، فلا يخشى المؤمن إلا الله
{ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ }،
ولا يرهب سواه
{ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ }
ولا يخاف أحدا غيره
{ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
ولا يتوكل إلا عليه
{ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
ولا يحب أحدا أكثر منه
{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا
يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ }
قال القرطبي في تفسيره:
(وقال ابن عباس : المراد بالأنداد الرؤساء المتبعون، يطيعونهم في معاصي
الله. وجاء الضمير في يحبونهم على هذا على الأصل، وقال ابن كيسان
والزجاج أيضا: معنى {يحبونهم كحب الله} أي يسوون بين الأصنام وبين الله
تعالى في المحبة. قال أبو إسحاق: وهذا القول الصحيح ،
والدليل على صحته: {والذين آمنوا أشد حبا لله}).
فإن تحقق توحيد الله في قلب المؤمن بإفراد الله وحده بأكمل الحب وأشده،
وبالخشية والخوف والرهبة منه وحده، والتوكل عليه وحده، فهو وحده الذي
بيده ضره ونفعه، وخفضه ورفعه، فقد تحررت روحه من كل أشكال العبودية
لغير الله، وصار المؤمن عبدا لله وحده وحرا ليس لغير الله في قلبه نصيب
وشرك، كما قالت امرأة عمران
{ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا }
يعني موحدا لك فهو حر من طاعة كل من سواك!
قال القرطبي في تفسيره: (قوله تعالى: {محررا} مأخوذ من الحرية
التي هي ضد العبودية، من هذا تحرير الكتاب، وهو تخليصه من الاضطراب
والفساد. عن عكرمة ومجاهد: أن المحرر الخالص لله عز وجل لا يشوبه
شيء من أمر الدنيا، وهذا معروف في اللغة أن يقال لكل ما خلص:
حر ومحرر بمعناه).
فإذا تحرر قلب المؤمن إلا من الله وحده، فقد استكمل توحيده الباطن،
فانعكس ذلك على عمله الظاهر كله بالإخلاص لله في الدعاء والدعوة والدين
والعبادة والطاعة
{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }
قال القرطبي: (وقال الحسن: نسكي ديني. وقال الزجاج : عبادتي: ومنه
الناسك الذي يتقرب إلى الله بالعبادة. وقال قوم : النسك في هذه الآية جميع
أعمال البر والطاعات: من قولك نسك فلان فهو ناسك، إذا تعبد، {ومحياي}
أي ما أعمله في حياتي ومماتي أي ما أوصي به بعد وفاتي .
{لله رب العالمين} أي أفرده بالتقرب بها إليه .
وقيل : {ومحياي ومماتي لله} أي حياتي وموتي له).
وهذه حقيقة الإسلام لله بإخلاص الأعمال كلها له وحده، فلا يشرك مع الله
فيها أحدا، وإسلام الوجه إليه وحده بالقصد والنية فلا يبتغي وجه أحد
غير الله، كما قال تعالى
{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ }
قال القرطبي (ومعنى أسلم استسلم وخضع. وقيل: أخلص عمله).
فإذا حقق العبد المؤمن هذا التوحيد في القصد، والعمل لله الحق
وفي المعاملة مع الخلق، كانت الدنيا كلها وأهلها ودولها أهون في نفسه
وعينه من أن تحول بينه وبين الصدع بالحق، والنصح بالصدق،
وكان الله سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، فهو مع الله
وفي كنفه وعينه ورعايته يطمئن إليه إذا اضطرب الخلق، ويثق بوعده
إذا شك الخلق، ويأنس بقربه ويسعد بمعيته إذ استوحش الخلق!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق