الاثنين، 14 ديسمبر 2020

روائع الإعجاز النفسي (11)

 

روائع الإعجاز النفسي (11)


كيف عالج القرآن الفشل واليأس؟
ماذا يمكن لإنسان فقد الأمل من كل شيء أن يفعل؟ كيف يمكن له أن ينجح
في الدنيا والآخرة؟ ينادي الله تعالى هؤلاء اليائسين الذين أسرفوا على
أنفسهم وارتكبوا المعاصي، يناديهم نداء مفعماً بالرحمة، يقول تعالى:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ
وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ }
[الزمر: 53-54].

في هذا النداء يأمر الله هؤلاء اليائسين بألا يفقدوا الأمل من رحمة الله
تعالى، ويخبرهم بأن الذنوب والفشل والمعاصي وكل أنواع الإسراف التي
ارتكبوها فإن الله تعالى يمحوها بلمح البصر بشرط أن يرجع الإنسان وينيب
إلى الله تعالى بقلب سليم!

ثم يحذرهم من عذاب سيأتيهم إن لم يفعلوا ذلك ويرجعوا إلى الله ويتوبوا
إليه. إذن تأمل معي كيف جاءت الآية الأولى بخبر إيجابي والآية الثانية
جاءت بخبر سلبي، فالآية الأولى تتحدث عن مغفرة الله ورحمته،
وعدم اليأس:

{ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ }.

أما الآية الثانية فتحذر من عواقب عدم الرجوع إلى الله وأن العذاب سيأتي:

{ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ }.

ثم تأتي الآيات التالية لتصور لنا نتائج الأعمال السلبية إذا بقينا عليها،
وتأمرنا بتغييرها فوراً، يقول تعالى:

{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ
بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }
[الزمر: 55].

وتأمل معي أخي الحبيب الأمر الإيجابي

{ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ }
ويليه مباشرة النتيجة السلبية المؤلمة لمن لا ينفذ الأمر الإلهي

{ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ }.

ثم تأتي مرحلة التصور لنتائج الفعل السلبي من خلال آيات مرعبة، تصور
لنا هذه الآيات احتمالات متعددة لنتائج سلبية مؤكدة الحدوث فيما لو لم
نستجب للتغيير الإيجابي الذي يأمرنا القرآن به، يقول تعالى:

{ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ
وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ *
أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ *
بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آَيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ *
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ
لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ }
[الزمر: 56-60].

وتتضمن هذه الآيات تصورات لما يمكن حدوثه:

{ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا }: نتيجة سلبية تتضمن الحسرة والندم.
بتغييرها فوراً، { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي }: نتيجة سلبية تتضمن أحلاماً
لن تتحقق. (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ): نتيجة سلبية تتضمن تمنّي الرجوع
إلى الماضي ولكن هيهات أن يحدث ذلك.

ولكن ماذا يحدث لو استجبنا للبرمجة القرآنية وطبقنا ما أمرنا الله تعالى به

من كتاب روائع الإعجاز النفسي
بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق