سبحانك لا أحصي ثناءً عليك
من أقوال أ. وجدان العلي
هذا الثناء الذي ينطلق به لسان العبد، لا يدع القلب إلا مغمورًا بالنور،
محفوفًا بالرحمات والبركات والمنن التي لا يلحقها وصفٌ. وهذا مقامٌ له
شرفٌ وهيبةٌ وجلال: فهذا عبدٌ عاين منةَ رب العالمين عليه فانطلق لسانه
بالثناء إقرارًا بفضل ربه عليه وإحسانه إليه=وهذا عبدٌ لا يلتفت إلى عمله،
ولا يبصر منه شيئًا، فلا يرى وسيلةً إلى ربه إلا الثناءَ عليه=وهذا عبدٌ قد
جهِده الكرب وأحاطت به الهموم ، ولا يرى ربُّه منه إلا حُسْنَ الثناء
عليه=وهذا عبدٌ قد بسط الحبُّ سلطانه على قلبه فهو مشغولٌ بحبيبه لا يلتفت
عنه ولا يبصر لنفسه حاجةً إلا أن يثني عليه=وهذا عبدٌ أبصر جلال أسماء
ربه وصفاته، وباشرَ قلبَهُ أنوارُها، فامَّحت من قلبه أسئلتُه وحاجاتُه
ورغائبه، وليس إلا الثناء على ربه وسيده وفاطره ورازقه ومُقيتِه وراحمه،
الذي لم يزل يعفو عنه، ويستره، ويعافيه، ويكلؤه، ويعينه، ويسدده، ويهديه،
ويبسط له من الحب في قلوب الخلق، والرزق الذي تقوم به حياته، يصرف
عنه السوء، ويقضي له حاجاته، ويُحسن إليه مع إساءته وتقصيره، ويجيبه
في ضرائه وشدته، ويشكره على القليل، ويحجب عن الخلق سوءاته
ومثالبه، ويحوجه إليه ليمنَّ عليه، ويضطره إليه ليلوذ به.. فيردد الفقير
ما قاله أعلم الخلق به:
سبحانك لا أحصي ثناءً عليك، أنتَ كما أثنيتَ على نفسك! فمن قام بقلبه مثل
هذه المشاهد العلوية= ارتفعت عنه أدخنة المحن، وتكشفت عنه سحب الهم،
وقام يرفل في سعادةٍ تضحك وتهرول في أودية الروح هرولة الطفل في
حقول النور.. ولذلك كانت أدعية الكرب ناطقةً بالثناء على الرب تبارك اسمه
وتعالى جَدُّه: لا إله إلا الله العظيم الحليم..لا إله إلا الله ربُّ العرش العظيم.
.لا إله إلا الله ربُّ السموات وربُّ الأرض رب العرش الكريم. الله الله ربي
لا أشرك به شيئا.. لا إله إلا أنت سبحانك! إني كنتُ من الظالمين! وإنها
لأبجدية حبٍّ، تسبق بالضراعة سبقًا بعيدًا، وتحمل أنفاسها صاعدةً بها إلى
العرش، عائدةً بالإجابة من ربٍّ شكور، كريم، كتب على نفسه الرحمةَ مِنَّةً
منه وفضلا!
الأحد، 13 ديسمبر 2020
سبحانك لا أحصي ثناءً عليك
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق