الأحد، 8 أبريل 2018

قضاء التائب عن ترك بعض الصلوات (1)


من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة المكرم أعاذه الله

من وساوس الشيطان ووفقه لما فيه صلاح أمر دينه ودنياه،

بعده:

وصلني كتابك المتضمن:

بيان أشياء وقعت منك وأشكل *عليك أمرها، وخفت من عاقبتها، وقد

سبق أن أجبناك في 13/ 7/ 1390هـ بطلب حضورك فلم يتيسر ذلك،

ونحن الآن نجيبك إن شاء الله على ما في خطابك:

أولاً:

ذكرت أنك تصلي في بعض الأوقات وتدع الصلاة في أوقات أخرى،

ويحصل منك العزم على التوبة في بعض الأوقات، ثم ترجع عن ذلك،

وربما أفضى بك ذلك التساهل إلى ترك بقية الأركان، وقد عزمت على

التوبة الصادقة والإقلاع التام فهل تقبل توبتك، أم تكون من الذين قال

الله فيهم:

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ

اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ }

الآية؟ وهل يشترط في التوبة النطق بالشهادتين بمسمع عالم؟

وهل لا بد من الغسل وصلاة ركعتين... إلى آخره؟



قد بين الله في كتابه العظيم أنه سبحانه يقبل التوبة من عباده مهما

تنوعت ذنوبهم وكثرت،

كما قال تعالى:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ

إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }،

أجمع العلماء أن هذه الآية في التائبين، وقد أخبر فيها سبحانه أنه

يغفر الذنوب جميعاً لهم، إذا صدقوا في التوبة إليه بالندم، *والإقلاع

من الذنوب، والعزم أن لا يعودوا فيها، فهذه هي التوبة، ونهاهم

سبحانه عن القنوط من رحمته، وهو اليأس مهما عظمت الذنوب

وكثرت، فرحمة الله أوسع، وعفوه أعظم،

قال تعالى:

{ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }،

وقال في حق النصارى:

{ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ }،

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

( الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تهدم ما كان قبلها )،

والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. فالواجب عليك الإقلاع من

جميع الذنوب، والحذر منها، والعزم على عدم العود فيها، مع الندم

على ما سلف منها إخلاصاً لله، وتعظيماً له، وحذراً من عقابه، مع

إحسان الظن به سبحانه، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أنه قال:

( يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني )،

وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر:

( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله )

أخرجه مسلم في صحيحه.

فاتق الله يا عبد الله، وأحسن ظنك بربك، وتب إليه توبة صادقة؛

إرضاء له سبحانه، وإرغاماً للشيطان، وأبشر بأنه سبحانه سيتوب

عليك، ويكفر سيئاتك الماضية إذا صدقت في التوبة، وهو سبحانه

الصادق في وعده، الرحيم بعباده.



أما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك بشرط، وإنما التوبة تكون

بالإقرار بما جحدته، وبعمل ما تركت، فإذا كان الكفر بترك الصلاة فإن

التوبة تكون بفعل الصلاة مستقبلاً، والندم على ما سلف، والعزيمة على

عدم العود، وليس عليك قضاء ما تركته من الصلوات؛ لأن التوبة تهدم

ما كان قبلها، أما إن كنت تركت الشهادتين، أو شككت فيهما فإن التوبة

من ذلك تكون بالإتيان بهما ولو وحدك،

فتقول: (أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله)

عن إيمان وصدق بأن الله معبودك الحق لا شريك له، وأن محمداً

صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله إلى جميع الثقلين،

من أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق