الثلاثاء، 10 أبريل 2018

كيف يتوب تارك الصلاة وكيف يستقيم عليها مع هذه الفتن؟

السؤال



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



أرجو أن تأخذوا هذا السؤال بعين الاعتبار فأنا حائر جدًا، وأريد

جوابا مفصلا من أحد الشيوخ الكرام.



أنا شاب كباقي الشباب المفتون، نسأل الله العفو والمغفرة والهداية،

أترك الصلاة لأسباب كثيرة منها كثرة الاحتلام، وفي بعض الأحيان

بسبب ممارسة العادة السرية فيعييني الاغتسال كثيرًا، فأترك الصلاة

في كل مرة.


لدي أسئلة أتمنى أن أجد الجواب الكافي الشافي عنها!


كيف تكون توبة تارك الصلاة بالضبط؟ هل يجب علي أن أغتسل بنية

الدخول في الإسلام من جديد أم بنية الغسل لرفع الجنابة؟

وهل يجب عليه النطق بالشهادتين أم لا؟


وكيف سيستقيم على أداء الصلاة مع هذه الفتن المحيطة بنا من كل مكان؟


إنا لله وإنا إليه راجعون، أرجو جوابا عن كل هذه الأسئلة مفصلا.


جزاكم الله خيرًا.



الإجابــة



بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل/ خ حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،


فمرحبًا بك أيها الولد الحبيب في استشارات إسلام ويب،

نسأل الله تعالى أن يهديك وييسر لك أسباب الخير.

نحن ندعوك أولاً أيها الحبيب إلى المسارعة بهذه التوبة التي تسأل

عنها وعدم التسويف بها، ومما يبعثك على ذلك تذكر الثواب الذي

ينتظرك إذا أديت هذه الصلاة، وفي المقابل العقوبات التي تنتظر تارك

الصلاة إذا هو فرط أو تكاسل، فالصلاة عمود الإسلام كما أخبر عنها

النبي - صلى الله عليه وسلم – وهي أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة

من عمله، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر،

هكذا قال عليه الصلاة والسلام.

والصلاة أيها الحبيب هي أول أوصاف المفلحين أهل الإيمان الذين ذكرهم

الله تعالى في سورة المؤمنون،

فقال:

{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ {1} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ }

وختم هذه الصفات العظيمة بالمحافظة على الصلاة فقال:

{ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ {9} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ {10}

الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {11} }.

والصلاة سبب حفظ العبد من المكروهات، فقد قال عليه الصلاة والسلام:

(من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله)،

وهي سبب لتكفير الذنوب والسيئات، فقد عليه الصلاة والسلام:

(إذا قام العبد يصلي جيء بذنوبه كلها فوضعت بين كتفيه، فكلما ركع

أو سجد تساقطت عنه ذنوبه)


فهذه تطهير لهذا الإنسان، ولذلك مثّلها النبي - صلى الله عليه وسلم –

بالنهر الجاري، وأن المصلي يغتسل في هذا النهر خمس مرات،

هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا: لا.

قال: (ذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهنَّ الخطايا)

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

وقد أرشد النبي - صلى الله عليه وسلم – طلاب الجنة والحريصين عليها،

فقد سألوا أحد المقربين إليه - وهو خادمه ثوبان – حين قال له:

(أسألك مرافقتك في الجنة؟ فقال: أعني على نفسك بكثرة السجود)،

وهي من أسباب الحفظ والوقاية من عذاب القبر، فإذا وضع الإنسان في

قبره كانت الصلاة عند رأسه، فإذا جاء العذاب يريد أن يدخل إليه من

هذه الجهة قالت الصلاة: (ما قِبلي مَدْخل).


ولك أن تتصور أيها الحبيب من لا يصلي، كيف سيكون حاله من حيث

تجمّع الذنوب، والسيئات عليه، ومن حيث حاله في القبر إذا جاءه

العذاب وليس له وقاية تقِيه من هذا العذاب، فإذا نُصبت الموازين،

وجاء الإنسان من غير صلاة كيف سيكون وضعه؟

فهذه المواقف الشديدة والمسالك الصعبة التي تنتظرنا سواء في حياتنا

الدنيا أو بعد مفارقة هذه الدنيا، السبيل الأعظم والوسيلة الكبرى التي

نقدمها ليخلصنا الله تعالى من كل شاق وعسير المحافظة على هذه

الفريضة العظيمة، وهي فريضة الصلاة.

ومما لا شك فيه أيها الحبيب أن ترك الصلاة هي أعظم الذنوب بعد الكفر

بالله تعالى عند من لا يقول بأن تاركها كافر، وقد اتفقت كلمة المسلمين

على أن تارك الصلاة يستحق القتل، وما هذا إلا دلالة على بشاعة هذ

ا الذنب وعظمته. هذا كله أيها الحبيب يبعثك إلى معرفة قدر الصلاة

لتحافظ عليها، ويعرفك أيضًا قُبح ترك الصلاة فتسارع بالتوبة منه.

أما التوبة فإنها تتحقق بالمحافظة على هذه الصلوات، فجمهور العلماء

على أن تارك الصلاة ليس بكافر، وهذا الذي نميل إليه، ومن ثم لا نطالبه

إلا بأن يندم على ذنبه السالف ويعزم على أن لا يرجع إليه في المستقبل،

ويترك هذا التقصير في الحال، ويواظب على الصلوات الخمس.

ويجب عليه أن يصليها في جماعة، والأفضل له بلا شك أن يصليها

في جماعة المسجد، فإن الرفقة الصالحة لها أثر بالغ على إيمان الإنسان،

فالصاحب ساحب كما يقول الحكماء، والنبي - صلى الله عليه وسلم –

يقول: (المرء على دين خليله)

فحاول دائمًا أن تلتحق بالرفقة الصالحة،

وأن تتعرف على الرجال والشباب الطيبين، وحاول أن تكثر من حضور

مجالس العلم والذكر، وأن تكثر من سماع المواعظ التي تذكرك بالجنة

وما فيها من النعيم الذي أعده الله عز وجل لأوليائه وأحبابه.

وحاول كذلك أن تستمع للمواعظ التي تذكرك بالنار وما فيها من الشدائد،

والقبر وما فيه من أهوال، والعرض على الله تعالى يوم القيامة،

ووقوف الناس للحساب والجزاء، فكل هذه المواعظ تطرد من القلب الغفلة

وتحييه، فإذا صلح القلب صلح سائر العمل.

واجتهد أيها الحبيب بقدر استطاعتك في قضاء ما فاتك من الصلوات.

وأما ما ذكرت من كونك تُجنب، فإن هذا ليس عذرًا في ترك الصلاة،

فالواجب عليك أن تغتسل بعد الجنابة، وإذا قُدّر أنك لم تستطع الاغتسال

لأنك لا تجد الماء بعد البحث عنه أو لمرض أو لشدة برد، فالواجب

عليك أن تتيمم ثم تصلي، فلا تجعل من هذا وسيلة للشيطان لصرفك

عن الصلاة.

وأما العادة السرية فننصحك بتجنبها، ومحاولة الأخذ بأسباب

اجتنابها والسلامة منها، ومن ذلك تجنب المثيرات مرئية أو مسموعة

أو غير ذلك، والإكثار من الصوم بقدر الاستطاعة إن كنت تقدر عليه،

وتجنب الخلوة بنفسك، وعلى فرض أنك وقعت فيها

فالواجب عليك أن تبادر بالاغتسال لتصلي.

حاول أيها الحبيب أن تقضي ما فاتك من الصلوات خروجًا من خلاف

العلماء في إيجاب القضاء، واستعن بالله تعالى، وأكثر من دعائه

بصدق واضطرار، فسيتولى عونك، فإنه لا يرد طالبًا.

نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير ويأخذ بيدك إلى مرضاته.

الشيخ/ أحمد الفودعي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق