الاثنين، 17 يونيو 2019

ثلاث تعظم بهن الصغائر


ثلاث تعظم بهن الصغائر

أن الذنوب نوعان صغير وكبير , يقول ابن القيم رحمه الله :

" الذنوب تنقسم إلى صغائر وكبائر بنص القرآن والسنة وإجماع السلف وبالاعتبار " "مدارج السالكين"

والذنوب الصغيرة بالفعل تكفر بالطاعات وباجتناب الكبائر مع التقوى ,

قال سبحانه : قال الله تعالى :

( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (

وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

" رمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة والصلاة إلى الصلاة

مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " ..ومثاله من الأحاديث

لكن هناك أمورا ذكرها العلماء تعظم بها الصغائر وتكبر ويثقل اثرها على قلب المرء

ونفسه حتى تهلكه وحتى تكبه على وجهه ,

فقد روى أحمد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ ) .

وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَرَبَ لَهُنَّ مَثَلًا :

( كَمَثَلِ قَوْمٍ نَزَلُوا أَرْضَ فَلَاةٍ فَحَضَرَ صَنِيعُ الْقَوْمِ ،

فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْطَلِقُ فَيَجِيءُ بِالْعُودِ وَالرَّجُلُ يَجِيءُ بِالْعُودِ حَتَّى جَمَعُوا سَوَادًا

فَأَجَّجُوا نَارًا وَأَنْضَجُوا مَا قَذَفُوا فِيهَا )

. صححه الألباني في "صحيح الترغيب"



فأولها ظن المرء أن ذنبه لا يغفر , وبالتالي فهو ييأس من المغفرة ,

وهو حينئذ يبحث لنفسه عن قناعة ذاتية بالاستمرار على الذنب ,

بل وفي بعض الاحيان يستحبه , وربما وصل به إلى استحلاله .

ومما لاشك فيه أنه لا ذنب يستعظم على رحمة الله ومغفرته ,

فهو سبحانه يقول " ورحمتي وسعت كل شىء " ,

ويقول سبحانه :" قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله

إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم " .

لكن الشيطان يسعى دوما لتيئيس العاصي من التوبة والمغفرة ,

ويقنطه من رحمة الله سبحانه , وكثيرا ما رأينا ذلك من الناس الذين يتركون

أنفسهم نهبا للشيطان , ويدعون قلوبهم في غفلة عن ذكر الله وعن الصلاة

والثاني احتقار الذنب واستصغاره , فإذا به يرى ذنبه صغيرا حقيرا لا أثر له ,

فعندئذ يتجرأ على الاكثار منه , بل قد يتجرأ على المجاهرة به ,

وربما تجرأ على الثبات عليه كذلك .

والمؤمن في ذلك يجب ألا ينظر إلى ذنبه كم هو صغير ,

بل عليه أن ينظر إلى عظمة ربه العظيم الذي أمره فقصّر ,

ونهاه فغفل ووعظه فأهمل , لذا يقول بلال بن سعد " لاتنظر إلى صغر معصيتك ,

ولكن انظر إلى عظمة من عصيت " , وفي صحيح البخاري قول

عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

" إنكم لتعملون أعمالا هي في أعينكم مثل الشعر كنا نعدها على

عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات "

وأما الثالث فهو الإصرار على الصغيرة , وما للإصرار سبب إلا الغفلة

والجهل وقلة الحياء منه سبحانه , فالغفلة تنسيه كونه مقيم على المعصية ,

والجهل يقلل في عينيه قدر الذنب , فهو يراه شيئا لايستحق المعاناة في الترك ,

ولا المجاهدة في الإقلاع عنه , ولا السعي للندم عليه .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق