هل يُقَدَّم الزواجُ على الحج ؟!
عندنا بحث صغير جداً، وهو هل يقدم الزواج على الحج، أم يقدم الحج
على الزواج ؟ وإذا قلنا: الحج، نقصد به حج الفرض ؟
فإذا لم يتزوج الإنسان، ولا يخاف، ويتحمل المسؤولية، لا يعمل،
يخاف من المال الحرام، هذا صار عضواً أشلَّ، صار إنساناً سلبياً،
والجنة لا تدخلها إلا بالعمل، والعمل مجاله التعامل مع الناس، لذلك
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
( المسلم إذا كان مخالطا الناس، ويصبر على أذاهم خير من المسلم
الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم )
[ الترمذي، ابن ماجه عن ابن عمر]
فالسؤال الآية الكريمة:
{ الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ
وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ }
( سورة النور )
ألا تجدون في المجتمع إنسانًا ملكًا، وعنده زوجة شريرة، أو العكس،
امرأة طيبة طاهرة، مؤمنة طائعة لله عز وجل، وعندها زوج كالوحش،
فما معنى هذه الآية ؟ وفي المجتمع أمثلة كثيرة ؟
قل: هذه الآية صيغت صياغةً خبرية، لكن المراد منها إنشائي،
يعني ينبغي أن يكون الطيبون للطيبات، يا عبادي أنتم خلفائي في
الأرض، أنتم مخيرون، دققوا، ينبغي أن يكون الطيبون للطيبات.
أحيانا يكون عند إنسان بنت طاهرة حافظة للقرآن الكريم، متعلمة
العلم الشرعي، يخطبها إنسان جاهل، لكنه غني، فيوافق الأب على
هذا الزواج، وافق وما علم أن هذا الزواج قطعة من الجحيم، هو
يحتقر علمها، ويحتقر دينها، ويحتقر ورعها، ويعاملها بفظاظة،
هذه تحتاج إلى إنسان ديّن يعرف قيمة حفظها لكتاب الله، وقيمة دينها،
فالكفاءة في الزواج موضوع مهم جداً، لذلك يقدم الزواج على الحج
إذا خشي الزوج العنت،
وبعض العلماء قال: يقدم على حج الفرض، إذا خاف أن تزل قدمه،
لأنه من تزوج ملك نصف دينه، فليتقِ الله في النصف الآخر.
كلما تعقدت الحياة تأخر سن الزواج وكثر خطر الفسق
الحقيقة كلما تعقدت الحياة تأخر سن الزواج، وأبناء الريف يتزوجون
في العشرينات، أبناء المدن في الثلاثينات، وكلما تعقدت الحياة ارتفع
سن الزواج، وكلما ارتفع سن الزواج كثر خطر الفسق والفجور،
فلذلك ما من عمل أطيب من الدعوة إلى الزواج في وقت مبكر،
وما من سبيل إلى ذلك الزواج المبكر إلا تذليل الصعاب.
مرة قلت لكم:
هناك قرية من قرى دمشق أنا أكبرها، هذه القرية اجتمع كبراءها،
وقرروا أن مهر البنت في هذه القرية خاتم وساعة فقط، ولا نريد سوى
ذلك، وما من عمل أعظم من تسهيل الزواج، ابنتك خطبت لبسها
الزوج سوارا رفيعًا فلا بأس، أو خاتمًا رخيصًا فلا بأس، لا تدقق إطلاقاً،
الحياة جوهرها الوفاق الزوجي، هذا الذهب لا يقدم ولا يؤخر،
أما إذا شرط ثلاثمئة ألف ذهبًا، وغرفة النوم نحن نختارها،
فذهبوا، واختاروا غرفة بثلاثمئة وخمسين ألفًا، فهذه العقبات هي التي
تدعو إلى إحلال السفاح محل الزواج، وكلما الطلبات كثرت، وتعقدت
صار طريق الزواج مسدودًا، ولحم النساء رخيصًا، وكلما رخص لحم
النساء غلا لحم الضأن، وكلما قل ماء الحياء قل ماء السماء،
هذه قاعدة، أما إذا غلا لحم النساء رخص لحم الضأن، وإذا كثر ماء
الحياء كثر ماء السماء، هذه قاعدة، فلذلك هذه دعوة صارخة إلى
تخفيف أعباء الزواج، وهناك آية قرآنية تؤكد هذا المعنى،
سيدنا موسى حينما تزوج بنت سيدنا شعيب قال تعالى:
{ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ }
(سورة القصص)
هذه الآية يجب أن تكون شعار كل والد فتاة اتجاه من يخطب ابنته،
{ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ }
، كلما كبر عقل الأب والأم لا يدققون لا بغرف النوم، ولا في الذهب،
ولا بموقع المنزل، وكلما صار التعلق بالمظاهر والبعدِ عن جوهر
الحياة يصير التدقيق، وينتهي هذا الزواج إلى طلاق، ولا يزال في
فترة الخطوبة.
قال أب لصهره: أنا سوف أطلب منك النقد بالتقسيط، فقال له:
كيف هو هذا التقسيط ؟ قال له: كل يوم تكلم ابنتي كلمة طيبة،
كلامك الطيب، ومعاملتك الطيبة، رحمتك بزوجتك هذا هو النقد الذي تملكه.
هناك أشخاص يضعون عقبات، يضع مهرًا كبيرًا، وهو ليس عقبةً
، لأن الزوج الفاسق الفاجر يعاملها معاملة تطلب منه بعد حين أن تعفيه
من المهر، ليفتح لها الخلاص، فالمهر ليس عقبةً، ابحث عن زوج
مؤمن، إن أحب ابنتك أكرمها، وإن لم يحبها لم يظلمها، المؤمن
وقاف عند كتاب الله، المؤمن يخاف الله، يخشى عقاب الله عز وجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق