يعلم السرَّ وأخفى
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ
وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }.
تأمل قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى:
{ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ }
، لتعلم أنه تعالى لا يخفى عليه شَيْءٌ؛
{ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ
وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}.
وَقَالَ تَعَالَى:
{ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلامُ الْغُيُوبِ}.
وَقَالَ تَعَالَى:
{ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ }.
وأعظم من ذلك أن اللَّهُ تَعَالَى يَعْلَم السِّرَّ وَما هو أَخْفَى مِنَ السِّرِّ؛
فقد قَالَ تَعَالَى:
{ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى }.
وَالسِّرُّ هوَ مَا تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ، وَأَخْفَى مِنَ السِّرِّ مَا لَمْ تُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَكَ بَعْدُ.
وَاللَّهُ - تَعَالَى - السِّرُّ عنْدَهُ عَلَانِيةٌ؛ والإِخْفَاءُ عنْدَهُ كَالْمُجَاهَرةِ؛
{ سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ
وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ }.
وعِلمه تعالى ليس قاصرًا على مكنونات ضمائر البشر، وخفايا صدور العباد،
بل علمه محيط بجميع خلقه، لذلك قَالَ بعدها:
{ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ }.
ولا يغيبُ عن عِلْمِهِ شيءٌ مهما دقَّ؛
{ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ
وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }.
هل عندك يقين بهذا؟ - ولا إخاله يخفى عليك - وهل تقرر ذلك في نفسك؟
فاحذرْ أن تستخفي من العباد، ولا تستحي من رب العباد وَهُوَ يراك.
وإياك أن تكون كَهَؤُلَاءِ الذين ذمهم اللهُ بقوله:
{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِوَهُوَ مَعَهُمْ }.
وإذا كنت تستحيي من الخلق أن يروك على ذنب،
فالخالق أحقُّ أن يستحيا منه.
الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020
يعلم السرَّ وأخفى
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق