الاثنين، 17 نوفمبر 2014

أبي أدبني و لكن جدي لم يؤدب أبي

يحكى أن :
ملك من الملوك خرج مع وزيره للغزو، وفي الطريق شاهدا ولدًا يسير ،
فقال الملك للوزير: نحن في طريقنا إلى الغزو ، فلماذا لا نتفاءل
بهذا الولد؟ فلعله يكون فأل خير علينا.
قال الوزير للملك: سمعًا وطاعة يا سيدي.
فنادى الوزير على الولد، وطلب منه أن يحضر بين يدي الملك .
قال له الملك: ما اسمك ؟؟
أطرق الولد برأسه قليلًا ، ثم رفع رأسه، وقال: فتاح.
سر الملك وتفاءل بالخير، وأيقن بالنصر لأنه ذاهب إلى الغزو،
و اسم الولد الذي تفاءل به فتاح.
ثم سأل الملك الولد: إلى أين تذهب؟
أجاب الولد: إلى المعلم.
فازداد فرح الملك وسروره ،وازداد يقينه بالنصر
( الولد اسمه فتاح ، وذاهب إلى المعلم ) .
بعد ذلك سأل الملك الولد: وما درسك؟
فأجاب الولد:
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا }
عندما سمع الملك كلام الولد، فرح فرحًا كثيرًا، وأيقن يقينًا كبيرًا بالنصر،
واعتنق الولد، وقبله، وقال له:
اذهب يا بني على بركة الله إلى درسك.
وبالفعل ذهب الملك ووزيره للغزو ، وانتصر الملك في المعركة ،
وفي طريق العودة
قال الملك للوزير: نريد أن ندهب إلى المعلم ؛لكي نكافئ الولد
الذي تفاءلنا به، وكان فأل خير علينا، وانتصرنا في المعركة.
قال الوزير: سمعًا وطاعة يا مولاي.
ذهب الملك والوزير إلى المعلم ، واستقبلهما المعلم بالسلام والتحية ،
وأجلس الملك على يمينه والوزير على يساره.نظر الملك في وجوه
الأولاد، فرأى الولد الذي تفاءل به جالسًا في زاوية المجلس.
قال الملك للوزير: أريد الولد الجالس في الزاوية وأشار إليه بيده .
فصاح المعلم على الولد قائلا: عابس، تعالى يا بني
جاء الولد، وجلس بأدب بين يدي الملك استغرب الملك من الولد،
وقال في نفسه: عندما سألته قال لي: اسمه فتاح ، والآن المعلم يناديه
( عابس )
قال الملك للمعلم: دعه يقرأ في درسه
قال المعلم للولد: اقرأ يابني في درسك
فقرأ الولد: عبسى وتولى، أن جاءه الأعمى.
فازداد استغراب الملك ودهشته .
سأل الملك الولد: لماذا عندما سألتك عن اسمك قلت: فاتح ،،
وعندما سألتك عن درسك قلت:
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا }
قال الولد: أنا ولد صغير، وأنت ملك البلاد وعندما سألتني عن اسمي ،
فكرت في الأمر وقلت: من غير المعقول أن الملك يوقفني، ويسألني
عن اسمي من غير هدف، وقلت في نفسي لا بد أن الملك يتفاءل بي،
ولو قلت لك اسمي عابس؛ لتشاءمت مني، لأن عابس من مادة عبس
بمعنى قطب وجهه. ولو قلت لك أن درسي عبس وتولى ؛ لازددت تشاؤمًا،
ولذلك قلت لك: اسمي فتاح ، ودرسي: إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا ؛
لأكون فأل خير عليك.
أعجب الملك بأدب و ذكاء الولد ،وقال الوزير: أعطه دينارًا
رفض الولد أخذ الدينار،
فنهره الوزير، وقال له: أترفض عطية الملك ؟؟
قال الولد: أنا لا أرفض عطية الملك ، بل أتشرف بها، ولكن إذا رجعت
إلى البيت سيقول لي والدي: من أين لك هذا الدينار؟
قال الوزير : قل له من الملك
قال الولد: لن يصدقني وسيقول لي: إن الملوك لا يعطون دينارًا
فازداد إعجاب الملك بأدب الولد وذكائه و قال للوزير: أعطه مائة دينار.
بعد ذلك ودع الملك المعلم ، وخرج، فنادى المنادي: ابتعدوا عن طريق
الملك،افسحوا الطريق للملك . فابتعد الناس و وقفوا على جانبي الطريق،
ولكن هناك رجل كبير في السن، عليه ثياب رثة، وشعره كثيف، وحالته
لا تسر الناظرين، لم يبتعد عن الطريق ، وأخذ يكيل الشتم والسب للملك،
ويقول: من هذا الملك ؟ الفاعل .... الكذا...... الكذا....
فقال الملك: اقبضوا عليه، وأعلنوا في البلاد من أراد أن ينظر إلى تأديب
المسيء فليقبل.
فاجتمع الناس في ساحة كبيرة للنظر إلى تأديب المسيء خرج الولد
مع الأولاد من المعلم، فسمعوا المنادي، فذهبوا مع الناس ليروا كيف
سيكون تأديب المسيء فبينما هم يسيرون وإذا بالولد يحدق النظر بقوة ،
وفجأة أخذ يشق الصفوف، و يركض بسرعة كبيرة باتجاه الملك،
وعندما وصل إلى الملك، أخذ المائة دينار، ورماها في حضن الملك،
وقال له: هذه فداء لأبي .
فقال الملك للولد: هذا أبوك ؟؟
فقال الولد: نعم
فقال الملك: نعم الابن وبئس الأب .
فقال الولد: لا تقل هكذا، بل قل نعم الأب وبئس الجد، فأبي أدبني ،
ولكن جدي لم يؤدب أبي.
فقال الملك للولد: لقد عفونا عن أبيك إكرامًا لك
العبرة::
تأديب اﻷبناء التريث قبل الإجابة

واحترام الكبير وتوقيره الذكاء مع الأدب
يجلب السعادة .. قل خيرًا وإلا فاصمت .إلى من يشتكي سرعة الانفعال
اضبط صلاتك تنضبط انفعالاتك.!
قال تعالى
{ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20)
وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) }



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق