الخميس، 9 مارس 2023

كسوف الشمس

كسوف الشمس



لنتأمل هذه الأسرار الشاملة لظاهرة جميلة ومعقدة تشهد

على عظمة الخالق وصدق نبيه عليه الصلاة والسلام....



أسرار كسوف الشمس والقمر

يقول تبارك وتعالى في حق نبيه الأعظم صلى الله عليه وسلم:



{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى *

وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى *

عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى }

[النجم:1-5].



هذا النبي الكريم حدثت ظاهرة في زمانه، حيث انكسفت الشمس، فأسرع

الناس وبدؤوا يقولون إن الشمس انكسفت لموت إبراهيم ابن النبي

عليه الصلاة والسلام، فقد تصادف في ذلك اليوم أن ابن سيدنا محمد

صلى الله عليه وسلم وهو إبراهيم مات في نفس اليوم الذي انكسفت فيه

الشمس. ومن عادة القدماء أنهم ينسبون أي ظاهرة إلى أساطير

وخرافات، فكانوا عندما تنكسف الشمس يقولون إنها انكسفت لموت

إنسان عظيم، وكانوا أحيانا يقولون إن هذا دليل على أننا سنخسر

هذه المعركة أو أن ذلك الملك سيموت أو سيزول ملكه.



من الأشياء المضحكة التي كان بعض الناس يعتقدون بها كما في الصين

القديمة كانوا يعتقدون أن الشمس عندما تنكسف كأن هنالك تِنِّيناً ابتلع هذا

الشمس فكان يضربون على الطبول، ويقذفون بالأسهم إلى السماء لإخافة

هذا التنين، ثم يقولون إن هذا التنين خاف وقذف بالشمس وهرب، وكان

بعض الناس يعتقد أن الشمس إذا انكسفت فهذا يدل على أن هنالك حدثاً

عظيماً سيحدث، لأنهم كانوا يربطون الشمس بالآلهة. هذه المعتقدات كانت

بالنسبة لذلك الزمن معتقدات يقينية، ولكننا نحن اليوم ننظر إليها

على أنها مجرد أساطير.



وعندما جاء الناس إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا لقد

انكسفت الشمس بسبب لموت إبراهيم، ماذا قال لهم؟ هل أقرهم على

أخطائهم أم أنه صحَّح لهم المعتقدات؟

قال صلى الله عليه وسلم:



( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تبارك وتعالى

لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته )

حديث صحيح رواه الإمام البخاري والإمام في مسلم

رحمهما الله تبارك وتعالى.



نستطيع أن نستنتج من هذا الحديث الشريف عدة معجزات ينفرد بها

سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسوف نرى بأن هذا النبي عليه الصلاة

والسلام هو أول إنسان وبوحيٍ من الله طبعاً يضع أساساً صحيحاً

لدراسة علم الفلك.

ربما من أهم الآثار التي يخلفها كسوف الشمس الاضطراب لدى بعض

الحيوانات والطيور، الطيور تتوقف عن التغريد، بعض الحيوانات تظن

بأن الليل قد خيّم فتأوي إلى أوكارها، الزهور التي عادة ما تنفتح في

النهار وتنغلق في الليل فإنها بمجرد أن يحدث الكسوف فإنها تنغلق

على نفسها لأنها تظن أن الليل قد خيم. وهنالك نتائج المدّ والجزر

ونتائج كثيرة.



كسوف الشمس ... آية من آيات الله

تضمنت بعض الأساطير أفكاراً نراها مضحكة في عصرنا هذا، ولكنها

كانت هي التفسير المنطقي قبل آلاف السنين. فقد كان الصينيون يفسرون

ظاهرة كسوف الشمس على أن تنّيناً يحاول أن يبتلع قرص الشمس

لذلك كانوا يضربون بالطبول ويقذفون بالسهام لأعلى محاولة منهم إخافة

التنين وإعادة الشمس لهم من فمه! وفي الهند كان الناس يغمرون

أنفسهم بالماء عند رؤيتهم هذه الظاهرة لكي لا يسقط عليهم شيء منه

وحتى يومنا هذا يعتقد الإسكيمو أن الشمس تختفي وتذهب بعيداً أثناء

ظاهرة كسوف الشمس ثم تعود من جديد!! ولغاية قرون قليلة في عام

1230 م حدث كسوف في أوروبا الغربية في الصباح مما اضطر العمال

للرجوع إلى منازلهم لظنهم أن الليل قد خيم! ولكن في غضون ساعة

استعادت الشمس سطوعها مما أدهش الجميع.



عندما تقدم العلم وبدأ عصر الكشوفات الفلكية والبحث العلمي، وجد

العلماء تفسيراً لهذه الظاهرة، واتضح أنها ظاهرة طبيعية تحدث نتيجة

دوران القمر حول الأرض، ووقوع القمر بين الشمس والأرض مما يمنع

رؤية الشمس. وتتكرر هذه الظاهرة باستمرار بقانون كوني ورياضي

محسوب ويمكن التنبؤ به مسبقاً.



كيف يحدث كسوف الشمس؟

إن القمر يدور حول الأرض، والأرض تدور حول الشمس كما هو معلوم،

فلكل منهم مدار محدد وفلك محسوب بدقة فائقة. وعندما يمرّ القمر بين

الأرض والشمس أثناء النهار فإنه سيحجب ضوء الشمس عنا وتغيب هذه

الشمس لفترة من الزمن هي ما نسميه بكسوف الشمس، ويكون القمر

والأرض والشمس على خط واحد أثناء حدوث هذه الظاهرة.



أنواع الكسوف الشمسي

وربما يكون من أجمل أنواع الكسوف هو ما نسميه بالكسوف الكلي عندما

تختفي أشعة الشمس بشكل كامل. أما إذا مرّ القمر أمام الشمس وحجب

جزءاً منها فإن هذا سيسمى بالكسوف الجزئي. وهنالك نوع ثالث هو

الكسوف الحلقي عندما لا يعترض القمر الشمس بشكل كامل بل تظهر

هالة دائرية حوله وهو أيضاً من المناظر الجميلة والرائعة.



إن قطر الشمس أكبر من قطر القمر 400 مرة، وحتى يحدث الكسوف

يجب أن تكون الشمس أبعد بـ 400 مرة من بعد القمر عن الأرض

وعندها سيغطي قرص القمر قرص الشمس، ويظهران كأنهما بنفس

الحجم، وطبعاً سوف يحدث الكسوف في هذه الحالة.



خطورة النظر إلى الشمس أثناء الكسوف

إن النظر إلى الشمس أثناء أي نوع من الكسوف يسبب أضراراً دائمة

للعين بسبب تلقيها كمية من الإشعاعات الخطرة والمركزة. وحتى

النظارات الشمسية التي يستعملها البعض فهي خطرة أيضاً ولا تمنع

كل الأشعة تحت الحمراء الضارة.كما ينبغي الحرص على الأطفال ومنعهم

من النظر إلى الكسوف لتفادي الأخطار المحتملة على عيونهم. ولكن

هنالك تقنية بسيطة يمكن من خلالها النظر إلى كسوف الشمس وهي أن

نستخدم قطعة من الكرتون المقوى ونحدث فيها فتحة بقطر ميليمتر واحد

فقط ويمكن استعمالها بأمان ورؤية البقع الشمسية أو حتى

الانفجارات الشمسية.



لا تنظر إلى الشمس أثناء الكسوف الكلي أو الجزئي أو الحلقي بالعين

المجردة، فإن هذا سيسبب أضراراً دائمة في شبكية العين، وقد لا تظهر

هذه الأضرار إلا بعد فترة من الزمن. وقد يتسبب ذلك في العمى

الدائم للعين.

إن الخطر يأتي من الأشعة تحت الحمراء المخفية، وهي لا تُرى بالعين

ولذلك يظن الناظر إلى الشمس أنه لا مشكلة في ذلك وهو لا يعلم أن هذه

الأشعة الخطرة إذا ما دخلت عيناه فيمكن أن تسبب جروحاً بالغة

في الشبكية. ويمكن النظر فقط لثوان قليلة بالعين المجردة في

حالة الكسوف الكامل.

يمكن النظر للكسوف الشمسي بشكل آمن بطريقة إحداث ثقب صغير جداً

يدخل منه ضوء الشمس وينعكس على ورقة أو كرتونة، طبعاً لا يجب

أن ننظر من خلال الثقب مباشرة إلى الشمس.



التأثيرات المترافقة مع الكسوف الكلي

في حالة الكسوف الكلي وحالما يبدأ القمر بالعبور أمام الشمس يبدأ الظلام

بالحلول حتى يغطي السماء بشكل تام، ونرى منظراً فريداً ورائعاً:

ظلام أثناء النهار!

هنالك العديد من الظواهر تحدث أثناء الكسوف. فالأزهار سوف تبدأ

بالانحناء وتبدأ تنغلق على نفسها كما لو كان ليلاً! النحل يصبح في حيرة

من أمره، والطيور تتوقف عن التغريد، وتنخفض درجة الحرارة قليلاً.

ثم يستمر القمر برحلته ويغادر من أمام الشمس وتبدأ الشمس بالظهور

من جديد وتعود الأمور تدريجياً كما كانت، ببساطة هذا كل شيء يحدث.



الهدي النبوي في الكسوف

رأينا فيما سبق كيف تطورت المعرفة بالكسوف من الأساطير والخرافات

وصولاً إلى التفسير العلمي الذي أظهر بأن الكسوف هو حدث كوني عادي

جداً. فالشمس لا تنكسف لحياة ملك ولا لموت حاكم، فالأمر أكبر من ذلك

بكثير.الثابت أن هذه المعتقدات كانت سائدة في حياة سيدنا محمد

صلوات الله عليه وسلامه. وقد شاءت إرادة الله تعالى أن يحدث الكسوف

على زمن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. وعلى الفور سارع الناس

للقول بأن أحد العظماء مات أو وُلد!ولكن ماذا كان موقف من تلقى علمه

من ربّ الشمس والقمر؟؟ هل صحح المعتقدات؟ هل وضع الأساس العلمي

قبل أن يراه العلماء بأكثر من ألف سنة؟ هل وافقهم على معتقدهم

أم هداهم إلى الحقيقة العلمية اليقينية؟



لقد قال كلمات قليلة لخّص فيها كل الحقائق التي اكتشفها العلماء

في القرن العشرين؟ لقد خاطب قومه ومن بعدهم

فقال عليه أفضل الصلاة والسلام:



( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى لا ينخسفان

لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى

وإلى الصلاة )

[رواه البخاري و مسلم وغيرهما].



لقد حدّد هذا الحديث عدة حقائق علمية لم تكن معروفة من قبل:

1- وضّح الحديث الشريف أن الشمس والقمر مخلوقات وآيات سخرها الله تعالى

ولا علاقة لهما بما يحدث على الأرض من ولادة أو موت أحد أو غير

ذلك. وفي هذه العبارة قد وضع الرسول الكريم أساساً للبحث العلمي

في الظواهر الكونية على اعتبار أنها آيات من عند الله ومخلوقات

تخضع لإرادة خالقها عز وجل.



2- أشار الحديث إلى أن هذه الظاهرة تحدث بفعل الشمس والقمر معاً!

بينما كان الناس يعتقدون أن القمر لا علاقة له بهذه الظاهرة، بل إنهم

كانوا يعتقدون أن الشمس تختفي وتذهب بعيداً أو أن هنالك قوة

ما تحاول أن تلتهمها.



ولو كان رسول الله يأتي بشيء من عنده لكان وافقهم على معتقدهم. ولكن

نجده عليه الصلاة والسلام يميز بين الحق والباطل، كيف لا

وهو الذي قال الله تعالى عنه:



{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى }

[النجم: 3-4].

3- لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفزع إلى الصلاة والدعاء

عند كسوف الشمس: (فافزعوا إلى الصلاة). أليس هذا أسلوباً لوقاية

العين من الأشعة تحت الحمراء الخطيرة والتي قد تسبب العمى الدائم؟

وإذا كانت الزَّهرة تنحني أوراقها عند كسوف الشمس وربما هي تسجد

لله تعالى، أفلا نسجد نحن لله تعالى كما علّمنا الرسول الكريم

عليه الصلاة والتسليم؟



4- روى البخاري عن المغيرة بن شعبة قال: انكسفت الشمس يوم مات

إبراهيم، فقال الناس: انكسفت لموت إبراهيم،

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:



( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد

ولا لحياته، فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي )



وقد وجدتُ في هذه الرواية إعجازاً في قوله عليه الصلاة والسلام:



( حتى ينجلي ).



أليست هذه العبارة تحمل إشارة إلى جلاء القمر أي ذهابه من أمام

الشمس؟ وفي معجم مختار الصحاح نجد معنى كلمة (ينجلي) أي ينكشف،

ومعنى ذلك أن القمر قد أظل الشمس وسوف ينجلي ويذهب عنها وسوف

تنكشف الشمس من جديد، وهذه منتهى الدقة اللغوية والعلمية،

والله تعالى أعلم.



5- هنالك شيء مهم يثبت أن محمداً صلى الله عليه وسلم رسول من عند

الله تعالى، وهو أن هذا النبي الكريم لو كان يريد الشهرة والمال وجاءه

من يمدحه ويجعل من كسوف الشمس مناسبة لموت ابنه، فلو كان

الرسول كذلك لسكت عن هذا الأمر، وترك الناس يقدسونه ويرفعون

من شأنه. ولو كان يجب المديح والثناء لتركهم يتحدثون عن كسوف

الشمس وأنها انكسفت بسبب موت ابنه إبراهيم، وهذا سيزيده علوّاً

عند قومه.



ولكنه عبد من عباد الله تعالى لا يريد شيئاً إلا رضا ربه والقرب منه

وتبليغ ما أُمر به. وهذا يؤكد أنه رسول صادق لم تكن الشهرة تعني

بالنسبة إليه شيئاً، بل كان كل همه رضوان الله تعالى. ولذلك فقد مدحه

الله في كتابه الكريم فقال عنه:



{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ

بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ * فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ

عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ }

[التوبة: 128-129].

يتضح لنا مما سبق أن الكسوف آية من آيات الله تعالى كما حدّثنا عنها

حبيبنا عليه الصلاة والسلام عندما قال:



( آيتان من آيات الله )



وبما أنه ينبغي على المؤمن أن يتفكر في آيات الله تعالى فإن قراءة

أبحاث كهذه هي نوع من أنواع العبادة لله!



وهذه الكلام ليس من عندي بل هو كلام الله تعالى القائل:



{ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }

[يونس: 24].



ويقول أيضاً:



{ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ }

[البقرة: 266].



والقرآن يحضنا على التفكر في مخلوقات الله وآياته الكونية، وذلك

لنصبح أكثر علماً بالله تعالى. وعسى أن نكون من الذين

قال الله تعالى فيهم :



{ وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا }

[الفرقان: 73].



وما هي أسباب الكسوف ونتائجه؟

الأرض التي نسكن عليها تدور حول الشمس دورة كاملة كل سنة، والقمر

يدور حول الأرض، ويستغرق شهراً قمرياً كاملاً حتى يُتمّ دورته. إذاً لدينا

الأرض يدور حولها القمر، وتدور الأرض مع القمر حول الشمس،

ويتصادف أن يقع القمر في وجه الشمس، وتكون الشمس مشرقة

وترسل بأشعتها باتجاهنا وأثناء دوران القمر فإنه في أوقات محددة يقع

أمام الشمس تماماً فيحجب ضوء الشمس فنقول إن الشمس قد كُسفت.

عندما تنكسف الشمس فإن هذه الظاهرة خطيرة جداً لان الشمس هي

السراج الذي يبث الضوء وتبث الإشعاعات الخطيرة، ومن أخطر هذه

الإشعاعات الأشعة تحت الحمراء. والأشعة تحت الحمراء هي أشعة تبثها

الشمس بشكل دائم، ونتلقاها ولكنها لا تضر بنا لأننا لا ننظر للشمس

مباشرة، ولكن أثناء الكسوف يقع القمر أمام الشمس فيحجب جزءاً منها

ويبقى جزء ظاهر ويسمى هذا الكسوف الجزئي، وعندما ينطبق قرص

القمر تماماً أمام قرص الشمس ويحجب ضوءها بالكامل فهذا هو الكسوف

الكلي حيث تختفي الشمس وتظلم الدنيا فجأة لمدة دقيقة أو دقيقة

ونصف ثم تعود.



عندما يمرّ القمر أمام الشمس يحجب جزءاً من ضوئها، فإذا نظرنا

إلى الكسوف في هذه اللحظة فإننا نستطيع أن ننظر إلى الشمس ولكن

لا نرى الأشعة تحت الحمراء التي تأتينا فبمجرد النظر لمدة ثوانِ قليلة

فإن شبكية العين تصاب بجروح وقروح خطيرة، وقد تسبب هذه الأشعة

العمى المؤقت أو الدائم، ولذلك فإن العلماء يقولون: لا يجوز النظر إلى

الشمس أثناء الكسوف لأنها تبث كميات كبيرة من الأشعة تحت الحمراء.

إن القمر لا يبث أي أشعة، والله تبارك وتعالى وصفه بدقة قال:



{ وَقَمَرًا مُّنِيرًا }

[الفرقان: 61]



ليس فيه ضياء، وليس فيها إشعاعات، إنه يعكس هذه الإشعاعات فيصلنا

من الإشعاعات ما هو سليم ومفيد لنا، لذلك شبه الله تعالى القمر بأنه جسم

منير، وجسم يبث النور، بينما الشمس هي ضياء وسراج. ولذلك عندما

ننظر إلى القمر أثناء الكسوف فهذا ليس فيه أي مشكلة.



والظاهرة الثانية هي خسوف القمر أو كسوف القمر، فالقمر يعكس أشعة

الشمس باتجاهنا فنراه في السماء قمراً منيراً كما حدثنا الله تبارك وتعالى

عن هذه الآيات الكونية بقوله:



{ تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا

وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا }

[الفرقان:61].



الذي يحدث أن الأرض تقع في الوسط بين القمر وبين الشمس، فتحجب

ضوء الشمس عن القمر، فنرى القمر في ليلة الخسوف وكأنه قرص

نحاسيٌ باهت، هذا ما يُسمّى بكسوف القمر أو خسوف القمر.

إن هذا الكسوف يحدث على الأرض، ولكن أيضا هنالك كسوف يحدث

على جميع الكوكب ومعظم الكوكب في الكون لها أقمار تدور حولها وهذه

الأقمار أحياناً تمر أمام الشمس وتحجب ضوء الشمس عن هذا الكوكب،

فيصاب هذا الكوكب بالكسوف، وقد صوّر العلماء كسوفاً كبيراً حدث على

كوكب المشتري، الصورة التقطها مرصد هابل الفضائي التابع لوكالة

ناسا، والبقعة السوداء تمثل ظل القمر التابع للمشتري أثناء

كسوف الشمس بالنسبة له.

ـــــــــــ
بقلم المهندس /عبد الدائم الكحيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق