شرح الدعاء (82)
{عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}.
هذه دعوة مباركة أخرى ضمن دعوات موسى عليه السلام في الكتاب الحكيم.
حين قتل موسى عليه السلام القبطي أصبح {فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}،
{وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ
لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ}، فأثنى اللَّه تبارك وتعالى على
هذا الرجل الصالح .
ووصفه بالرجولية؛ لأنه خالف الطريق، فسلك طريقاً أقرب من طريق
الذين بعثوا وراءه، فسبق إلى موسى، فنصحه في الخروج فأخذ بها، فلما
أخذ طريقاً سالكاً قاصداً وجهة مدين، وهي جنوبي فلسطين حيث
لا ملك لفرعون بها.
قال تعالى: {وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ}: خرج منها فاراً بنفسه، منفرداً
خائفاً، لا شيء معه من زاد ولا راحلة، ولا حذاء، أسند إلى دعاء ربه
مستغيثاً به الذي من طرق بابه، ولاذ بجنابه، لا يردُّه، ولا يُخيّبه.
{عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ}: أي إلى الطريق الأقوم، والمختصر
الموصل إليها بسهولةٍ، ورفقٍ، فهداه اللَّه عز وجل إليها، وهداه سبحانه
وتعالى إلى الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة، فجعله هادياً مهدياً.
من فوائد هذا الدعاء:
1 – في هذه الآية تعليم وإرشاد أن على العبد أن يفرغ ما في وسعه
في بذل الأسباب، ثم يلجأ إلى اللَّه تعالى أن ييسر له الأسباب،
وهذا من كمال التوكّل .
2 – ((أن الناظر في العلم عند الحاجة إلى العلم، أو التكلم به إذا لم يترجّح
عنده أحد القولين؛ فإنه يستهدي ربه، ويسأله أن يهديه إلى الصواب من
القولين، بعد أن يقصد الحق بقلبه، ويبحث عنه، فإن اللَّه تعالى
لا يخيب من هذه حاله)).
3 – ينبغي للعبد أن يسأل ربه عز وجل الهداية الحسيّة، والمعنوية، حتى
يهديه ربه عز وجل إلى أسهل و أقرب الطرق الموصلة لذلك المقصد
في دينه ودنياه .
4 – افتقار الخلق كلهم إلى اللَّه تعالى بالهداية والتوفيق .
5 – فضل الدعاء في جلب المنافع، ودفع المضار .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق