تلميذ مسلم يلقن معلمه...
تروِّج وسائل الإعلام في الغرب إلى مفهومٍ للحرِّيَّةِ يسند إمكانيَّة العروض
السِّينمائيَّة المسيئة للرَّسول صلى الله عليه وسلم ، وما تمَّ من رسوم مهينة
لشخصه الكريم ولملايين المسلمين في هذه البلاد. كما تحاول العديد من
المؤسَّسات التَّربويَّة إقناع روَّادها من الأطفال والكبار أنَّ من حرِّية التَّعبير
أن تقول ما تحبّ، ومن كبت الحرِّيَّات أن تمنع ذلك، ولا تعير اهتماماً لكون
هذا قد يمسُّ من كرامة فئة معتبرة في المجتمع..
وفي هذا السِّياق، اختارت إحدى المدرِّسات في فرنسا أن يكون موضوع
الدَّرس "الحرّيّة".. لعلَّها تبتغي بذلك تهيئة الأنفس لقبول مثل هذا النَّوع
من السُّخرية. وأطنبت القول في شرح أنَّ الحرِّية تسمح لك أن تدلي برأيك
كما تريد، وليس لأحد أن يعترض على ذلك.. ثمَّ طلبت من كلِّ تلميذ في الفصل
اختيار شخصيَّة ما وتحرير فقرة لوصف هذه الشَّخصيَّة ثمَّ رسمها. وكان
من بين التَّلاميذ طفل مسلم.. فاختار هذا الأخير وصف معلِّمته، ونعتها بنعوت
سخيفة. ثمَّ ختم فقرته برسم صورتها في شكل مرعب معبِّر عن شراسة
كريهة.. فغضبت غضباً متناهياً أفقدها توازنها، وصبَّت عليه وابل سخطها..
ثمَّ تركت الأطفال في القسم من دون رعاية أحد، وأخذت تنتقل من قسم إلى
آخر لتشهِّر بهذا التِّلميذ.. وعرف كلُّ المعهد بقصَّة الولد مع معلِّمته.. وتأخَّر
الولد عن أمِّه الَّتي أتت كعادتها للعودة به إلى البيت، وأعلمتها أخته عند
خروجها أنها سمعت تلاميذ المعهد يتحدَّثون عمَّا وقع لأخيها مع معلِّمته..
فقد مُنِع الطِّفل من الخروج حتَّى يأتي مسؤول مكلَّف بالبحث في مثل
هذه القضايا من إدارة التَّفقديَّة العامَّة للنَّظر في ما جدَّ..
وفي خضمِّ الاضطراب، غفلت المعلِّمة والمسؤولون هناك عن إعلام الوالدَين
بأنَّ ابنهما لا يزال داخل المعهد، وهذا خطأ إداريٌّ فادح.. انفعال المعلِّمة
الجنونيّ أدَّى إلى تصرُّف غير موزون، ونُشِر الخبر في المعهد كلِّه ممَّا
أوصل المعلومة إلى الأخت فالأمّ الّتي لم تتوان في إعلام الأب، فحضر.
ورتَّب اللّه دخول الوالدَين إلى المعهد في الوقت الّذي وصل فيه مسؤول
التَّفقُّديَّة العامَّة.. فانكشف بذلك للجميع خطورة التَّقصير الإداريِّ في حقِّ
الوالدَين، وتمكَّنا من حضور جلسة تأديب لابنهما ما كانا ليحضراها لولا
ترتيب اللّه.. وأسفرت الجلسة على اعتذار للوالدين من طرف مسؤول
التّفقديّة والإدارة وتبرئة الطِّفل.. ثمَّ إنَّ رواج القصَّة في المعهد أعطى درساً
للجميع مفاده أنّ مفهوم الحرّيّة الّذي أرادت المعلِّمة أن تمرِّره كان خاطئاً؛
فهي رضيت أن يساء إلى شخص الرَّسول صلى الله عليه وسلم برسوم
وضيعة باسم الحرّيّة، وكرهت أن يستخدم هذا المفهوم بنفس
الطَّريقة تجاهها هي..!
لسنا مع وصف تلميذ لمعلِّمته بنعوت سيِّئة، وليس الطِّفل ذاته من الأطفال
الذين تربَّوا على عدم احترام معلِّميه، ولكنَّه شعر باعتداء على شخص
الرَّسول الكريم [ وهو يحبُّه حبّاً فطريّاً، وبفعل انتمائه إلى الإسلام لم يرضَ
بمثل هذه الإساءة باسم الحرّيّة، فأراد أن يفهم معلّمته - ببراءة الأطفال
العاديَّة ليس إلَّا- أنَّ هذا المفهوم للحرِّيَّة غير سليم. وأدركت الإدارة المركزيَّة
أنَّه لم يقصد أبداً الإساءة إلى معلِّمته، فتفهَّمت موقفه وأنصفته، واعتذرت
عمَّا وقعت فيه المعلِّمة ثمَّ إدارة المعهد، من خرقٍ للقوانين..
هذه القصَّة الواقعيَّة تكشف عن تصرُّف بريء تلقائيٍّ ينبئ عن ذكاء الطِّفل
وشجاعته من جهة، وسلامة الفطرة والبديهة لديه من جهة أخرى. وتلفت
الانتباه إلى أمور عدَّة من أهمّها أنَّ اللّه تعالى قد تولَّى الدِّفاع عن الرَّسول
[، فاستخدم المعتدي ذاته، ورتَّب الأسباب لكشف حاله ليرجع العدوان عليه..
كما تثبت لنا أنَّ الحرِّيَّة ليست فعل كلِّ ما نريد وكما نريد؛ حتَّى وإن كان في
ذلك ضرر لأنفسنا أو للآخر..!
وتذكِّرنا بالمعنى الرَّاقي للحرِّيَّة الّذي تمليه الآيات القرآنيَّة وسيرة الرَّسول
صلى الله عليه وسلم ذاته. وشتَّان بين بيان ينبثق من حقيقة ساطعة كاملة
تقوم أساساً على توازن يجعل الفرد يأخذ بعَين الاعتبار حقَّه وحقّ الآخر في
ذات الوقت، وهو يمارس حرِّيَّته.. وبين أن يصبح الإنسان عبداً لرغبته
وشهوته؛ وإن تسبَّب هذا في إيذاء غيره.
فما العبادة إلَّا شكر للَّه تعالى وطاعة مطلقة للخالق
ورسوله صلى الله عليه وسلم أمراً ونهياً وتحليلاً وتحريماً.
وما هذا الخضوع التَّام للقوَّة العليا التي أوجدت هذا العالم وخلقت الإنسان؛
إلَّا عتق من عبوديَّة ما سواه وتحرُّر من الانحناء للباطل أو خضوع
الإنسان للإنسان قهراً وظلماً.
الإيمان يشحن قلب المؤمن شجاعة وقوَّة، وهو الّذي جعل ربعيَّ بنَ عامر
يقول لرستم قائد الجيوش الفارسيَّة: "نحن قوم ابتعثنا اللَّهُ لنخرج الناسَ
من عبادة العباد إلى عبادة اللَّه وحده...
المؤمن لا يخاف إلَّا من ذنبه ومن غضب ربِّه، ولا يعتدي على حقِّ غيره.
فيعيش حرّاً ولا يمنع حرِّيَّة الآخرين، إنَّما هو مكلَّف بأمانة التَّبليغ والبيان
وحسن الأداء. فإذا عمل أتقن، وإذا رعى أنصف وحفظ.. فهو يحفظ حقَّ
المجالس وآدابها.. وحقَّ حرِّيَّة التَّعبير من دون اعتداء على كرامة النَّاس،
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال:
ما خطبنا نبيّ اللّه صلى الله عليه وسلم إلّا قال:
«لا إيمان لمن لا أمانة له، و لا دين لمن لا عهد له»
(رواه أحمد في مسنده).
تروِّج وسائل الإعلام في الغرب إلى مفهومٍ للحرِّيَّةِ يسند إمكانيَّة العروض
السِّينمائيَّة المسيئة للرَّسول صلى الله عليه وسلم ، وما تمَّ من رسوم مهينة
لشخصه الكريم ولملايين المسلمين في هذه البلاد. كما تحاول العديد من
المؤسَّسات التَّربويَّة إقناع روَّادها من الأطفال والكبار أنَّ من حرِّية التَّعبير
أن تقول ما تحبّ، ومن كبت الحرِّيَّات أن تمنع ذلك، ولا تعير اهتماماً لكون
هذا قد يمسُّ من كرامة فئة معتبرة في المجتمع..
وفي هذا السِّياق، اختارت إحدى المدرِّسات في فرنسا أن يكون موضوع
الدَّرس "الحرّيّة".. لعلَّها تبتغي بذلك تهيئة الأنفس لقبول مثل هذا النَّوع
من السُّخرية. وأطنبت القول في شرح أنَّ الحرِّية تسمح لك أن تدلي برأيك
كما تريد، وليس لأحد أن يعترض على ذلك.. ثمَّ طلبت من كلِّ تلميذ في الفصل
اختيار شخصيَّة ما وتحرير فقرة لوصف هذه الشَّخصيَّة ثمَّ رسمها. وكان
من بين التَّلاميذ طفل مسلم.. فاختار هذا الأخير وصف معلِّمته، ونعتها بنعوت
سخيفة. ثمَّ ختم فقرته برسم صورتها في شكل مرعب معبِّر عن شراسة
كريهة.. فغضبت غضباً متناهياً أفقدها توازنها، وصبَّت عليه وابل سخطها..
ثمَّ تركت الأطفال في القسم من دون رعاية أحد، وأخذت تنتقل من قسم إلى
آخر لتشهِّر بهذا التِّلميذ.. وعرف كلُّ المعهد بقصَّة الولد مع معلِّمته.. وتأخَّر
الولد عن أمِّه الَّتي أتت كعادتها للعودة به إلى البيت، وأعلمتها أخته عند
خروجها أنها سمعت تلاميذ المعهد يتحدَّثون عمَّا وقع لأخيها مع معلِّمته..
فقد مُنِع الطِّفل من الخروج حتَّى يأتي مسؤول مكلَّف بالبحث في مثل
هذه القضايا من إدارة التَّفقديَّة العامَّة للنَّظر في ما جدَّ..
وفي خضمِّ الاضطراب، غفلت المعلِّمة والمسؤولون هناك عن إعلام الوالدَين
بأنَّ ابنهما لا يزال داخل المعهد، وهذا خطأ إداريٌّ فادح.. انفعال المعلِّمة
الجنونيّ أدَّى إلى تصرُّف غير موزون، ونُشِر الخبر في المعهد كلِّه ممَّا
أوصل المعلومة إلى الأخت فالأمّ الّتي لم تتوان في إعلام الأب، فحضر.
ورتَّب اللّه دخول الوالدَين إلى المعهد في الوقت الّذي وصل فيه مسؤول
التَّفقُّديَّة العامَّة.. فانكشف بذلك للجميع خطورة التَّقصير الإداريِّ في حقِّ
الوالدَين، وتمكَّنا من حضور جلسة تأديب لابنهما ما كانا ليحضراها لولا
ترتيب اللّه.. وأسفرت الجلسة على اعتذار للوالدين من طرف مسؤول
التّفقديّة والإدارة وتبرئة الطِّفل.. ثمَّ إنَّ رواج القصَّة في المعهد أعطى درساً
للجميع مفاده أنّ مفهوم الحرّيّة الّذي أرادت المعلِّمة أن تمرِّره كان خاطئاً؛
فهي رضيت أن يساء إلى شخص الرَّسول صلى الله عليه وسلم برسوم
وضيعة باسم الحرّيّة، وكرهت أن يستخدم هذا المفهوم بنفس
الطَّريقة تجاهها هي..!
لسنا مع وصف تلميذ لمعلِّمته بنعوت سيِّئة، وليس الطِّفل ذاته من الأطفال
الذين تربَّوا على عدم احترام معلِّميه، ولكنَّه شعر باعتداء على شخص
الرَّسول الكريم [ وهو يحبُّه حبّاً فطريّاً، وبفعل انتمائه إلى الإسلام لم يرضَ
بمثل هذه الإساءة باسم الحرّيّة، فأراد أن يفهم معلّمته - ببراءة الأطفال
العاديَّة ليس إلَّا- أنَّ هذا المفهوم للحرِّيَّة غير سليم. وأدركت الإدارة المركزيَّة
أنَّه لم يقصد أبداً الإساءة إلى معلِّمته، فتفهَّمت موقفه وأنصفته، واعتذرت
عمَّا وقعت فيه المعلِّمة ثمَّ إدارة المعهد، من خرقٍ للقوانين..
هذه القصَّة الواقعيَّة تكشف عن تصرُّف بريء تلقائيٍّ ينبئ عن ذكاء الطِّفل
وشجاعته من جهة، وسلامة الفطرة والبديهة لديه من جهة أخرى. وتلفت
الانتباه إلى أمور عدَّة من أهمّها أنَّ اللّه تعالى قد تولَّى الدِّفاع عن الرَّسول
[، فاستخدم المعتدي ذاته، ورتَّب الأسباب لكشف حاله ليرجع العدوان عليه..
كما تثبت لنا أنَّ الحرِّيَّة ليست فعل كلِّ ما نريد وكما نريد؛ حتَّى وإن كان في
ذلك ضرر لأنفسنا أو للآخر..!
وتذكِّرنا بالمعنى الرَّاقي للحرِّيَّة الّذي تمليه الآيات القرآنيَّة وسيرة الرَّسول
صلى الله عليه وسلم ذاته. وشتَّان بين بيان ينبثق من حقيقة ساطعة كاملة
تقوم أساساً على توازن يجعل الفرد يأخذ بعَين الاعتبار حقَّه وحقّ الآخر في
ذات الوقت، وهو يمارس حرِّيَّته.. وبين أن يصبح الإنسان عبداً لرغبته
وشهوته؛ وإن تسبَّب هذا في إيذاء غيره.
فما العبادة إلَّا شكر للَّه تعالى وطاعة مطلقة للخالق
ورسوله صلى الله عليه وسلم أمراً ونهياً وتحليلاً وتحريماً.
وما هذا الخضوع التَّام للقوَّة العليا التي أوجدت هذا العالم وخلقت الإنسان؛
إلَّا عتق من عبوديَّة ما سواه وتحرُّر من الانحناء للباطل أو خضوع
الإنسان للإنسان قهراً وظلماً.
الإيمان يشحن قلب المؤمن شجاعة وقوَّة، وهو الّذي جعل ربعيَّ بنَ عامر
يقول لرستم قائد الجيوش الفارسيَّة: "نحن قوم ابتعثنا اللَّهُ لنخرج الناسَ
من عبادة العباد إلى عبادة اللَّه وحده...
المؤمن لا يخاف إلَّا من ذنبه ومن غضب ربِّه، ولا يعتدي على حقِّ غيره.
فيعيش حرّاً ولا يمنع حرِّيَّة الآخرين، إنَّما هو مكلَّف بأمانة التَّبليغ والبيان
وحسن الأداء. فإذا عمل أتقن، وإذا رعى أنصف وحفظ.. فهو يحفظ حقَّ
المجالس وآدابها.. وحقَّ حرِّيَّة التَّعبير من دون اعتداء على كرامة النَّاس،
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال:
ما خطبنا نبيّ اللّه صلى الله عليه وسلم إلّا قال:
«لا إيمان لمن لا أمانة له، و لا دين لمن لا عهد له»
(رواه أحمد في مسنده).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق