الثلاثاء، 23 مارس 2021

موسوعة المؤرخين (06)

 موسوعة المؤرخين (06)

ابن بشكوال (الجزء الثالث)

تابع مؤلفات ابن بشكوال:

كتاب "الغوامض والمبهمات من الأسماء":
ولابن بشكوال كتاب "الغوامض والمبهمات من الأسماء" وهو من الكتب
التي اتسعت روايتها، وهو مطبوع متداول. وهو معجم لكبار رواة الحديث
وذوي الأسماء العسيرة التهجية أو التي تختلط بغيرها من الأسماء،
فوضّحها، وقد نسج فيه على منوال الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد".
وقد أثنى الأئمة على هذا الكتاب في إتقانه وسعة جمعه رَغْم عدم ترتيبه،
قال الإمام الذهبي: "يُنبئ عن إمامته"، وقال زين الدين عبد الرحيم
بن الحسين العراقي: "وهو أكبر كتاب فيه (يعني في معرفة المُبْهَمات)،
جمع فيه ثلاث مئة حديث، وواحدًا وعشرين حديثًا، ولكنه على غير ترتيب"،
وقال ولي الدين العراقي: "وهو أنفس كتاب صُنِّف في المُبْهَمات .. غير
مرتب، فتصعب الاستفادة منه على من أراد ذلك". وقال السيوطي:
"وهو أكبر كتاب في هذا النوع وأنفسُه"، وقال شمس الدين السخاوي:
"وهو أجمعها".

كتاب "الفوائد المنتخبة من الحكايات المستغربة":
وهو عشرون جزءًا في مجلدٍ واحد، ويُعد هذا الكتاب من كتب الفوائد
الحديثية، التي يُعنى أصحاهبا فيها بانتقاء الغرائب والأفراد من مروياهتم،
لذا فإهنا تشتمل على الصحيح وغيره. وقد أسند ابن بَشْكُوال كل ما أورده
فيها، سواء أكان من الأحاديث المرفوعة أو الموقوفة أو الحكايات، أو غير
ذلك. ولعله رأى في حكاية الإسناد البراءة من العهدة فيما ساقه من الروايات
الباطلة التي لم يبيِّن أمرها.

كتاب "المستغيثين بالله تعالى":
وله كتاب "المستغيثين بالله تعالى عند المهمات والحاجات والمُتَضَرِّعين
إليه سبحانه بالرغبات والدعوات وما يسّر االله الكريمُ لهم من الإجابات
والكرامات"، واقتبس منه ابن حجر في الإصابة في تمييز الصحابة، وهذا
الكتاب يتحدث عن كريم إجابة االله تعالى، كاشف الكَرْب ومجيب دعوة
المضطر، لمن صَدَق في استغاثته ربه، وصَدَق في توكله عليه، وصَدَق
في إيمانه به، مع تضمنه أدعية للنجاة والفَرَج . وهو في جملته عبارة
عن قصص وحكايات عن النبي صلى االله عليه وسلم وأصحابه، وعن بعض
الأنبياء السابقين، وعن الصالحين والداعين من أمة نبينا محمد
صلى الله عليه وسلم ومن الأمم السالفة. وقد ساق المؤلف قسمًا منه
بإسناده، واكتفى في قسم آخر منه بذكر أسانيد المؤلفين الذين نقل عن كتبهم.
والكتاب جليل القدر، يرقق القلب، ويسلي النفس، ويبعث على اليقين،
ويدعو إلى الصلاح. لكن فيه بعض الأخبار الواهية التي يُعتذر عنها
بإيراد الإسناد.

كتاب "معجم الشيوخ":
وقد أثنى ابن الأبار عليه ورواه واقتبس منه، قال: "وله معجم في
مشيخته مفيد، قد كتـبته، ومن أغفل منهم في صِلته أثبته في هذا الديـوان
(يعني التكملة) واستدركته" وقد تقدم أن شيوخ ابن بشكوال نحو المائة،
ومعجم الشيوخ هذا مفقود.

كتب أخرى:
ولابن بشكوال عدة مصنفات أخرى، منها كتاب "ذِكر من روى الموطّأ
عن مالك" في جزأين، رتّب أسماءهم على حروف المعجم فبلغ عددهم ثلاثة
وسبعين رجلًا. وكتاب "المحاسن والفضائل في معرفة العلماء الأفاضل".
وله تاريخ صغير في أحوال الأندلس، كثيرًا ما نقل عنه المَقّري. وله
"الزيادات على كتاب الاستدراك على أبي عُمر بن عبد البَر الحافظ في كتابه
الاستيعاب في الصحابة رضي االله عنهم أجمعين لابن الأمين القُرْطُبي".
وله "زهاد الأندلس وأئمتها". وكتاب "قضاة قرطبة"، ومن كتبه: "أخبار
ابن المبارك"، "أخبارالأعمش"، "أخبار ابن وهب"، وله في أخبار
الترمذي، وابن عيينة، والنسائي، وإبراهيم الحربي، وأبي داوود، وغيرها.

وفاة ابن بشكوال:
وبعد تلك الحياة الحافلة بالجد والعطاء توفي ابن بشكوال رحمه الله تعالى،
وذلك في بلده (قرطبة) ليلة الأربعاء لثمان خلون من شهر رمضان، سنة
578هـ / 1183م، وله ثلاث وثمانون سنة وتسعة أشهر وخمسة أيام،
ودفن بمقبرة قرطبة بقرب قبر الإمام الفقيه يحيى بن يحيى بن كثير الليثي
تلميذ إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمهم الله جميعًا.

وختامًا: فإن هذا البحث ذكّر بتلك الشخصية الفذة، المتفننة في التحمل
والأداء، والمجوِّدة في التأليف والعطاء، التي وقفت مدتها على العلم والعمل،
واغتنمت في الخير دهرها لتعُِلّ بعد النَّهَل، وما زال عَبيرها يَفوح، وأَرِيجها
يَلوح، من خلال مؤلفاتها المُدَبِّجة المباركة، التي ما تفتأ تُذكر فتُشكر، وتُنشر
فتُكبر، فكم عَوّل عليها المستفيد، واستمد منها المستزيد. فرحمة الله على
هذا الإمام، وعلى سائر أئمة الإسلام، وصلى الله وسلم على البشير النذير،
والسراج المنير، سيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، وآخر
دعوانا أن الحمد الله رب العالمين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق