الأربعاء، 1 أغسطس 2012

نعم الدواء ... الغمّ


بسم الله الرحمن الرحيم

كان ملك في الزمان الأوّل, وكان مثقلا كثير الشحم لا ينتفع بنفسه,

فجمع المتطببين وقال:احتالوا إليّ بحيلة يخفّ عني لحمي هذا قليلا.
فما قدروا له على شيء, فبعث له رجل عاقل أديب متطبّب, فبعث إليه وأشخصه فقال له: عالجني ولك الغنى.
قال: أصلح الله الملك, أنا متطبّب منجّم. دعني أنظر الليلة في طالعك: أي دواء يوافق طالعك فأسقيك.
فغدا عليه, فقال: أيها الملك, الأمان؟
قال: لك الأمان.
قال: رأيت طالعك يدلّ على أن الباقي من عمرك شهر, فان أحببت عالجتك, وإن أردت بيان ذلك, فاحبسني عندك, فان كان لقولي حقيقة فخلّ عني, وإلا فاستقص مني.
فحبسه, ثم رفع الملك الملاهي واحتجب عن الناس, وخلا وحده مهتما كلما انسلخ يوم ازداد غمّا حتى هزل وخف لحمه, ومضى لذلك ثمانية وعشرون يوما, فبعث إليه وأخرجه. فقال: ما ترى؟
قال: أعز الله المك. أنا أهون على الله عز وجلّ من أن أعلم الغيب, والله ما أعرف عمري, فكيف أعرف عمرك؟ إنما لم يكن عندي دواء إلا الغمّ, فلم أقدر أن أجلب اليك الغمّ إلا بهذه العلّة.
فأجازه وأحسن اليه.
الأذكياء
لابن الجوزي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق