الاثنين، 27 يناير 2014

الترغيب في الصمت ثانيًا: في السنة النبوية

عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه :
 عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
 
( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت )

قال ابن عبد البر:
[ وفي هذا الحديث آداب وسنن، منها التأكيد في لزوم الصمت،
وقول الخير أفضل من الصمت؛ لأن قول الخير غنيمة،
والسكوت سلامة، والغنيمة أفضل من السلامة ]
 
وقال النووي:
[ وأما قوله صلى الله عليه وسلم:
( فليقل خيرًا أو ليصمت )
فمعناه: أنه إذا أراد أن يتكلم؛ فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه
واجبًا أو مندوبًا فليتكلم، وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام،
سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين؛
فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه، مندوبًا إلى الإمساك عنه؛
مخافةً من انجراره إلى المحرم أو المكروه، وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا ]
عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 
( من صمت نجا )
قال القاري:
[ .. ( من صمت ):
أي: سكت عن الشرِّ
 ( نجا ): أي: فاز وظفر بكل خير، أو نجا من آفات الدارين ]
قال الغزالي:
[ من تأمل جميع... آفات اللسان علم أنه إذا أطلق لسانه لم يسلم،
وعند ذلك يعرف سر قوله صلى الله عليه وسلم:
( من صمت نجا )
لأن هذه الآفات كلها مهالك ومعاطب، وهي على طريق المتكلم،
فإن سكت سلم من الكل، وإن نطق وتكلم خاطر بنفسه،
إلا أن يوافقه لسان فصيح، وعلم غزير، وورع حافظ، ومراقبة لازمة،
ويقلل من الكلام؛ فعساه يسلم عند ذلك، وهو مع جميع ذلك لا ينفك عن الخطر،
فإن كنت لا تقدر على أن تكون ممن تكلم فغنم،
فكن ممن سكت فسلم، فالسلامة إحدى الغنيمتين ]
 
عن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
 
( من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة )
 
قال ابن عبد البر:
[ في هذا الحديث دليل على أن أكبر الكبائر إنما هي من الفم والفرج،
وما بين اللحيين الفم، وما بين الرجلين الفرج،
ومن الفم ما يتولد من اللسان وهو كلمة الكفر، وقذف المحصنات،
وأخذ أعراض المسلمين، ومن الفم أيضا شرب الخمر، وأكل الربا،
وأكل مال اليتيم ظلمًا، ومن الفرج الزنى واللواط ]
 
قال ابن حجر في شرح هذا الحديث:
[ فالمعنى من أدى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه،
أو الصمت عما لا يعنيه ضمن له الرسول صلى الله عليه وسلم الجنة...
فإن النطق باللسان أصل في حصول كل مطلوب،
فإذا لم ينطق به إلا في خير سلم، وقال ابن بطال:
دل الحديث على أن أعظم البلاء على المرء في الدنيا لسانه وفرجه،
فمن وقي شرهما وقي أعظم الشر ]

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق