الجمعة، 14 أغسطس 2015

التسمِّي بالاسم المشترك


الســــؤال :
يسعدني أن أتحدث في رسالتي المتواضعة إلى سماحتكم فأنا
أتحدث إلى واحد من أشهر الشخصيات الإِسلامية في عالمنا
الإِسلامي وغيره وأرجو أن يتسع صدركم الكبير لقراءة هذه
السطور ولكم من الله جزيل الشكر والعرفان وجزاكم الله خيرًا عنا.
(ذو الجلال والإِكرام) اسم من أسماء الله الحسنى وهو تعظيم لله
عن كل شيء وتنزيه له، وقد قرأت لسماحتكم رسالة مرسلة إلى
العاهل السعودي وكنتم قد بدأتموها بقولكم: (جلالة الملك) ألستم
معي في أن الجلالة لله وحده، وأن الملك اسم من أسمائه الحسنى
لا يجوز تسمية شخص بها أيًّا كانت صفته وشخصيته، فنرجو
إيضاح ذلك من سماحتكم حتى لا يقع المسلمون في إثم من جراء
تنزيه الأشخاص بهذه الصفات التي اختصها الله لنفسه دون غيره
اللهم إلاَّ (رؤوف رحيم) صفة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي نفس الوقت تصادفت تحت يدي وأنا أتصفح في (المجلة
العربية) في العدد (89) منها رسالة شكر من الأستاذ/ محمد
النويصر رئيس المكتب الخاص للعاهل السعودي إلى القائمين
على إخراج المجلة وهو يبدأ رسالته بقوله: (لقد تسلم جلالة
مولاي حفظه الله خطابكم المرسلة وبه أعداد المجلة..). فهل أنتم
معي في ذلك أيضًا في قوله: جلالة مولاي؟

الإجابة
إن كثيرًا من الأسماء مشتركة بين الله تعالى وبين غيره من مخلوقاته في
اللفظ والمعنى الكلي الذهني، فتطلق على الله بمعنى يخصه تعالى ويليق
 بجلاله سبحانه، وتطلق على المخلوق بمعنى يخصه ويليق به، فيقال
مثلاً: الله حليم وإبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حليم، وليس حلم
إبراهيم كحلم الله، والله رؤوف رحيم، ومحمد صلى الله عليه وسلم رؤوف
رحيم، وليس رأفة محمد صلى الله عليه وسلم ورحمته كرأفة الله بخلقه
ورحمته، والله تعالى جليل كريم ذو الجلال والإِكرام على وجه الإِطلاق،
وكل نبي كريم جليل، وليست جلالة كل نبي وكرمه كجلالة غيره من
الأنبياء وكرمه ولا مثل جلال الله وكرمه، بل لكل من الجلالة والكرم
 ما يخصه، والله تعالى حي، وكثير من مخلوقاته حي، وليست حياتهم
كحياة الله تعالى، والله سبحانه مولى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم
وجبريل وصالح المؤمنين، وليس ما لجبريل وصالح المؤمنين من ذلك
مثل ما لله من الولاية والنصر لرسوله صلى الله عليه وسلم... إلى غير
ذلك من الأمثلة الكثيرة المذكورة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
 الثابتة عنه، ولا يلزم من ذلك تشبيه المخلوق بالخالق في الاسم
أو الصفة وأسلوب الكلام، وما احتف به من القرائن يدل على الفرق بين
ما لله من الكمال في أسمائه وصفاته وما للمخلوقات مما يخصهم من ذلك
على وجه محدود يليق بهم.

واقرأ ذلك في القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم مع التدبر وإمعان
النظر يتضح لك الأمر ويذهب عنك الإِشكال بحول الله وقوته، ثم ارجع إلى
ما ذكر شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله في أول رسالة [التدمرية]، فإنه
وفَّى المقام حقه. 
 
و بالله التوفيق ،
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية و الإفتاء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق