الأحد، 3 فبراير 2019

زوجي يعوض ما فاته من المراهقة

زوجي يعوض ما فاته من المراهقة

أ. سحر عبدالقادر اللبان

السؤال

زوجي في منتصف الثلاثينيات من عمره، لم يعشْ مراحل عمره

مِن طفولةٍ، ومراهقةٍ، وشبابٍ، بشكلٍ طبيعي؛ وذلك نتيجة تربية أمِّه؛

فقد حمَّلَتْهُ المسؤولية منذ صغرِه، ومنعتْه مِن كلِّ شيءٍ في مراهقتِه،

فلم يحبَّ فتاةً، ولم يتحدثْ مع فتاةٍ، ولم تعوده الاهتمام بملابسِه،

ولا تصفيف شعره، ولا التنزُّه مع أصدقائه، ولا حتى لعب الكرة!

هو الآن يُريد أن يفعلَ كلَّ شيءٍ لم يفعلْه في سابقِ عَهْدِه، ففي الفترة

الأخيرة أجده يكتُب كثيرًا، وكتاباتُه وأفعالُه مُتعلِّقة بالماضي بشكلٍ غير طبيعيٍّ.

بدأتُ أشكُّ في وجود امرأة أخرى في حياته، فواجهتُه بذلك فحدثتْ مشادات

بيننا، ثم اعترف لي بأنه لم يعشْ حياته السابقة

بشكلٍ طبيعيٍّ ويحاول أن يعوِّضَها الآن!

انصحوني ماذا أفعل معه لكي أُساعده، مع العلم

بأنه يرفُض الذهاب للطبيبِ النفسيِّ.


الجواب

أُختي الفاضلة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أختي العزيزة،

نعم، زوجُك ربَّما يُعاني مِن فقدانه حياة الطفولة والمراهقة كما

أخبرت، ورُبَّما قد تزوجك على أمل أَنْ يلحقَ بركب حياة المراهقة

التي فقَدَها، ويجد فيك الذي فقده، لكن للأسف لم يجدْها فيكِ! رُبَّما

أَنت أيضًا قد تخطيتِ سِن المراهقة التي جاءك يبحث عنها فيكِ فلم يجدها!

وبما أنَّه قد تخطَّى العقد الثالث مِن عمره، وأصبح أكثر إدراكًا،

وعقله قد اكتمل، ووجد نفسه قد تخطى سِن المراهقة، وأي عمل قد

يقوم به سيُحاسب عليه، فراح يبثُّ أشواقه لتلك المرحلة الضائعة مِن عمره،

ويعيشها في خياله، ويُدَوِّنها على الورق بشكل خواطر أو أشعار.

لذلك فإني أَرى أَنَّ علاج زوجك هو موجود بين يديك،

فانتهزي الفُرصة قبل أن تضيعَ منك أيضًا.

أختي الكريمة، إذا أردتِ أن تنقذي زوجكِ ممَّا يُعاني منه، فعليك أن تدخُلي

في هذه التجربة التي قد جربَّها غيرُك، وجاءتْ بنتائجَ حميدةٍ؛

ألا وهي سلاح المرأة الذي لا يخيب، استعمليه أختي، وامتشقي سيف

أنوثة المرأة وإغرائها بوجه زوجك، وتعمَّدي أنْ تعيديه إلى عهد المراهقة

التي فَقَدَها، وأخذ يعيشها في الخيال، ولا تدَعِي خياله لينقلب إلى واقعٍ مريرٍ،

فقد تستعمل هذا السلاح امرأة ثانية غيرك، وتضيع منك هذه الفرصة التي

منحها لك زوجك، وأخبرك بما يُعاني منه، وكأنه يطلب منك بأنْ تعينيه،

وألَّا تُهمشيه، ولا تتغاضي عن مُتطلباته كزوجٍ له حقوق فرضَها الله عليك.

تصرَّفي أختي معه كمُراهقة، فبادِليه رسائل المحمول، وأرسلي له

رسائل إلكترونية، واجعليه يعيش حب المراهقة معك أنت، ولا يَغِب

عن خَلَدِك أنَّ زوجك الآن يعيش حياة النُّضج الكاملة، وأنَّه لم يزل في سِنٍّ

مَقبولة ومرغوبة من النساء، فإياك أن تَدَعِيه لقمة سائغة لغيرك مِن النساء

اللاتي هُنَّ محرومات، وبحاجة لأمْثاله، فابدئي من اللحظة العمل الجادّ؛

لكي تساعديه وتنقذيه، وتنقذي نفسك مِن مستقبلٍ مُكْفَهِرٍّ لا يعلم مداه إلاَّ

الله تعالى، وحافظي على أسرتك وبيتك، وعيشَا حياة الحبِّ والمراهقة

المطلوبة بينكما بشكلٍ طبيعيٍّ واقعي، وليس في الخيال.

واجعليه يُعيد حياته التي فَقَدَها، والتي يرسمها في خياله إلى واقعٍ حقيقيٍّ

يعيشها مع عشيقته الجديدة، والتي هي امرأته التي أَحلَّها الله له،

والتي كان يصبو إليها، ويعيش معها في مُخيَّلته منذ زمنٍ بعيدٍ.

وعليك أيضًا أختي العزيزة أن تُخرجيه مِن حياة الرتابة التي فرضتْها

عليه أُمُّه، والتي تأكل مِن عمره، وتجعليه يُحطِّم القمقم التي زجَّتْه أُمُّه فيه،

وينطلق إلى الحياة الجميلة التي وهبها اللهُ لعباده، ويتمتَّع بجمالها،

ويتغزَّل بها وبجمال الكون العظيم مِن خلال كتاباته،

عِوَضًا عن بثِّ أَشواقه وأماله الضائعة.

كما اهتمي بمَظْهَرِه، وادفعيه إلى الابتعاد عن الملابس

قديمة الطراز، وأكْثِري مِنْ مدح لباسه وهِنْدامِه.

واعمدي أختي إلى تغيير ترتيب أثاث البيت بين الحين والحين،

وأن تظهري دائمًا أمامه بكامل زينتك، وبكامل أناقتك، وبشكلٍ محبَّب إليه،

وأَنْ تُبدِّلِي ملابسك دائمًا ممَّا يجعلك مُلفتة لنظره، فيزهد في الأخريات

مِن النساء، وسيجد فيك ضالَّتَه التي كان يصبو إليها.

وإن كان الله قد أعطاكم نعمةَ الأطفال، فاجهدي في أنْ تُحَببيهم له،

وتعطيه الفرصة أَنْ يُلاعبهم ويتقرب إليهم كيفما يشاء،

وكما يحلو له، ويمضي معهم أوقات فراغه.

وفي النهاية، أوصيكِ أيضًا بأن تُخَصِّصِي أوقاتًا معيَّنة للنُزْهة من حين لآخر،

وأن تخرجوا أنتم والأولاد إلى الطبيعة، وفي رحلات داخل وخارج البلد.

واستعيني على كلِّ هذا بالتقرب إلى الله تعالى،

والدعاء له، ليحفظ عليك بيتك وزوجك وراحتكم.

منقول للفائدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق