الاثنين، 23 مارس 2020

مخاطر التمييز


مخاطر التمييز


الوالدان هما المثل الأعلى والقدوة التي يتبعها الأولاد في تصرفاتهم
وأفعالهم، وعلاقة الوالدين بأبنائهم علاقة خاصة جداً بالنسبة للطرفين وذات
أثر قوي جداً بالنسبة للأبناء، لأن النشأة الأولى للأبناء والوعي المبكر لهم
يتم تحت مظلة الأسرة وتوجيه الوالدين ما يزيد الأطفال تعلقا بهما أكثر
مع مرور الأيام.

والأبناء نواة الأسرة واللبنة الأولى في بناء المجتمع ويجب الاهتمام بهم
بعناية بالغة وحذر شديد، وهذه المهمة تقع على عاتق الأب والأم وأهم ما
عليهما فعله تجاه أبنائهما هو المساواة وعدم التمييز بينهم الأمر الذي يؤدي
إلى نجاحهم وتثبيت دعائم بناء شخصياتهم، وعكس ذلك لا يصح لما لهذه
المسألة من حساسية عميقة الأثر بين الأبناء تجاه بعضهم وتجاه أبويهما
وتجاه المجتمع إضافة إلى ضياع هؤلاء الأبناء وربما تشردهم، للخروج من
واقعهم إلى عالم يبحثون فيه عن المساواة وعدم التمييز فيتقربون إليه مهما
كان هذا العالم ومهما كانت النتيجة.

لذا نوصي الوالدين أن يتعاملا بالعدل والمساواة بين الأبناء في كل التعاملات
وفي جميع الأمور ويعملا على نشر الحب والعطف والحنان بين جميع الأبناء
وإشراك الجميع في الحديث والطعام والخروج من المنزل والذهاب إلى
الرحلات، والنظر إلى جميع الأبناء بعين الرضا التي لا تميز بين واحد وآخر،
لينعموا بالسعادة تحت مظلة العدالة الأسرية، ويبقى فهم الأبناء عاملا أساسيا
مساعدا ونعمل على إروائهم من نبع الأبوة جرعات من الحب والعطف
والحنان وبمقادير وافرة ومتساوية.

دور الأبناء في عامل التمييز
الأبناء كحبات العنب على عنقودها لا تكاد تميز بينها، وهذا أيضاً الوضع
المفترض في تعامل الآباء مع الأبناء، لكن الواقع يشير إلى أن هناك من يميز
بين أبنائه، ومنهم من يفضل أحداً على الآخر لاختلاف نفسياتهم، كما أن
منهم من يجاهر بهذا التفضيل، وقد يكون الأمر خفية عند بعضهم الآخر،
فهل يا ترى للأبناء دورٌ في عامل التفضيل؟

هناك عوامل تفضيل
- قد يكون هناك عند الأب أو الأم تفضيل لأحد الأبناء على الآخرين بحسب
مميزات ذلك الولد أو تلك البنت.. فهذه أحاسيس ومشاعر لا يستطيع الإنسان
التحكم فيها وإظهارها كما يحب ويشتهي.. لكن أغلب الآباء والأمهات لا
يُظهرون تعاطفهم أو تفضيلهم مع ذلك الابن أو البنت أمام البقية من الأبناء،
حتى لا تحدث حساسيات تولد مشاكل فيما بينهم؛ إذ إن لكل واحد من الأبناء
خصوصية مختلفة عن الآخرين، وعلى قدر الخصوصية التي يتمتع
بها تكون المحبة والتفضيل.

- التفضيل للأكثر برا
قد يستأثر الابن نفسه بمحبة والديه من خلال طاعته لهما وأسلوبه الهادئ
في التعامل معهما، واعتمادهما عليه في أمور لا تُسند إلاّ له من بين إخوته.
فالنفس البشرية بطبيعتها تحب من

يُحسن لها ويستجيب لطلباتها وتميل له، ولذا فغالب الميل - المسوّغ وغير
المقصود من الوالدين- يكون لولدهما الأكثر براً بهما، وأحياناً في بعض
المجتمعات يتوجه لفئة الإناث من منطلق ضعفهن، وفي مجتمعات أخرى
ترجح كفة الذكور كونهم الأقوى والأجدر بالرعاية، وكلا الطرفين مخطئ
في ذلك.

إن التفضيل بين الأبناء موجود، وقد يتعمد بعض الآباء التحدث عن إيجابيات
الابن البار ليتأثر به البقية ويحذون حذوه فالآباء والأمهات يفضلون
الابن البار المطيع والأكثر لباقة.

ولا أرى أنه يدخل في دائرة التمييز الاهتمام بالمريض حتى يشفى..
وبالمسافر حتى يعود.. وبمن يعانون من تخلّف أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

اختلاف الطبائع
قد يكون هناك بعض التفضيل، والسبب اختلاف طبائع الأبناء؛ فهذا حنون
أكثر.. وآخر جدي.. وهذه ودودة.. والأخرى خلافها.

ويوجد لدى بعض الأبناء أسلوب مميز منذ الصغر في التعامل مع الآباء
والتعاطي مع المواقف بشكل إيجابي، وهذا يفرض على الأب أسلوباً معيناً
لتعزيزه واحترامه وتقديره، صحيح يوجد اختلاف بين الأبناء في الطباع
والسلوك، وأكيد هناك من السلبيات الموجودة في كل شخصية، لكن لا يمكن
أن أفضل أحداً على أحد؛ لأن كل واحد منهم له إيجابياته ومميزاته،
التي من المفترض أن ننظر لها نظرة إنصاف.

المعاملة بالمثل
إن الأبناء يختلفون في طريقة التعامل؛ فهذا يحتاج للحزم، وهذا لا يصلح معه
إلاّ اللين، وذاك يحتاج للتحفيز، أما التفضيل بصورته الواضحة فهو غير
موجود، لكن راحة النفس هي التي تتفاوت نسبتها عند أحدهم دون الآخر؛
فاللّين الهيّن منهم من يسمع ويُحكم عقله ويستجيب للنصح، ومن لديه
الإحساس بالأسرة وبمن حوله، ولا تطغى عليه النظرة الأنانية، لا بد أنه
سيحظى بقدر وافر من الميل له. ودائماً ما يميل الآباء للابن الهادئ المهذب.

وقد لا يدرك الآباء مدى خطورة هذه الظاهرة التي يمكن أن تتسبب بحدوث
الكثير من المشاكل النفسية لأبنائهم مثل الكُره والغيرة ما بين الإخوة إلى
جانب أن هذا التأثير النفسي السلبي يبقى راكدا في نفوس الأخوة حتى بعد
أن يكبروا ويصبحوا شبابا.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق