الأحد، 22 مارس 2020

أركان العبادة وأصولها

أركان العبادة وأصولها

‎‎ العبادة تقوم على أركان ثلاثة هي: المحبة، والرجاء، والخوف. ‏

1. المحبة لله تعالى:‏

‎‎ فهي أصل الإسلام، وهي التي تحدد صلة العبد بربه تبارك وتعالى، وهي

نعمة لا يدركها إلا من ذاقها، وإذا كان حب الله لعبد من عبيده أمراً هائلاً

عظيماً وفضلاَ غامراً جزيلاً، فإن إنعام الله على العبد بهدايته لحبه وتعريفه

هذا المذاق الجميل الفريد الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها، ولا شبيه

له، هو إنعام عظيم وفضل غامر جزيل أيضا. وقد تواردت الآيات القرآنية

الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة بهذه المعاني، فقال الله عز وجل:

{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا }

[مريم: 24]. ‏

‎‎ وقال عز وجل:

{ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ

وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا

أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ

وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }

[التوبة: 24]. ‏

‎‎ وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

(ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا

سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا

يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّار ) رواه البخاري. ‏

‎‎ وحب الله تعالى ليس مجرد دعوى باللسان، ولا هياماً بالوجدان، بل لابد أن

يصاحبه الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على هداه وتحقيق

منهجه في الحياة، والإيمان ليس كلمات تقال، ولا مشاعر تجيش ولكنه طاعة

لله والرسول، وعمل بمنهج الله الذي يحمله الرسول، قال الله عز وجل:

{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ

وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران: 31]. ‏

‎‎ تنبيه:‏

‎‎ ولكن بقي أن نشير هنا -تأكيداً لما سبق - إلى أن هذه المحبة هي غير

المحبة الطبيعية للشيء، وغير محبة الرحمة والإشفاق ، كمحبة الوالد لولده

الطفل، وليست محبة الإلف والأنس كمحبة الإخوة لبعضهم، أو لمن يجمعهم

عمل واحد أو صناعة واحدة. وإنما هي المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله

تعالى، ومتى أحب العبد بها غيره كانت شركاً لا يغفره الله، وهي محبة

العبودية المستلزمة للذل والخضوع والتعظيم وكمال الطاعة، وإيثاره

سبحانه وتعالى على غيره. فهذه المحبة لا يجوز تعلقها أصلاً بغير الله. ‏

‎2. الرجاء:‏

‎‎ تعريفه: هو الاستبشار بجود الرب تبارك وتعالى،

ومطالعة كرمه وفضله والثقة به. ‏

‎‎ الفرق بين الرجاء والتمني: أن الرجاء هو أن العبد يرجو ما عند الله

عز وجل في الدار الآخرة، والرجاء لا يكون إلا مع العمل، فإذا كان بدون

عمل فهو التمني المذموم، قال عز وجل:

{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا }

[الكهف: 110]. ‏

‎‎ فالرجاء هو التمني المقرون بالعمل وفعل السبب، أما التمني فهو الرغبة

المجردة عن العمل وبذل الأسباب. ‏

‎‎ عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل

موته بثلاث يقول:

(لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَل ) رواه مسلم. ‏

‎‎ وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال:

(قَالَ اللَّهُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ) رواه البخاري. ‏

3. الخوف:‏

‎‎ فكما أن العبد يرجو ثواب الله ومغفرته، كذلك فهو يخاف الله ويخشاه

، قال عز وجل:

{ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ } [آل عمران: 175]. ‏

‎‎ فمن اتخذ مع الله نداً يخافه فهو مشرك. ‏

‎‎ قال الله عز وجل:

{ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ ۚ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ ۚ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ

إِلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ۗ وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا ۗ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (80)

وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ

عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ۚ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }

[البقرة: 80-81]. ‏

‎‎ والقلب في سيره إلى الله عز وجل بمنزلة الطائر، فالمحبة رأسه، والخوف

والرجاء جناحاه، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران، ومتى

قُطع الرأس مات الطائر، ومتى فُقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر. ‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق