الأحد، 12 فبراير 2023

الحياة السرية

باحثون يكشفون "الحياة السرية" للثدييات في المناطق الاستوائية



بعد فحص 2,3 مليون صورة توصل علماء لاكتشافات "رائعة" عن أنماط السلوكيات اليومية لدى 166 فصيلة من حيوانات المناطق الاستوائية بالعالم كالنمور والغوريلات وفصائل مهددة بالانقراض. إنها خطوة مهمة للمحافظة على الحيوانات والبيئة.


عكف فريق بحثي من النرويج على دراسة "أنماط نشاط الثدييات" في المناطق الاستوائية من العالم، فضلا عن الأسباب والمحفزات التي تحرك سلوكيات معينة لدى هذه الحيوانات.
ويعتمد هذا الفريق على شبكة من الكاميرات المثبتة في شتى أنحاء الغابات والأحراش في قارات أسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، وزهاء 3ر2 مليون صورة فوتوغرافية. ويقصد بـ"أنماط نشاط الكائنات" المختلفة أساليب وتوقيتات النوم والغذاء والحركة لديها، والتي تختلف من حيوان لآخر.
ويؤكد العلماء أن الآليات التي تفسر هذه السلوكيات ليست مفهومة تماما لدى البشر حتى وقتنا هذا، رغم أهميتها البالغة في جهود المحافظة على الحيوانات والبيئة بشكل عام.

وتوصل فريق بحثي من جامعة "علوم الحياة" في النرويج إلى اكتشافات رائعة تتعلق بأنماط السلوكيات اليومية المتسقة لدى الحيوانات التي تعيش في المناطق الاستوائية في مختلف أنحاء العالم، بعد فحص الصور الفوتوغرافية التي تم التقاطها في إطار الدراسة.
اختلافات سلوكيات الحيوانات اللاحمة عن العاشبة
وتقول الباحثة أندريا فاليو فارغاس، رئيسة فريق الدراسة، إن "العوامل الرئيسية التي تحدد الأنشطة اليومية للثدييات بشكل عام هي حجم الجسم ونوعية الغذاء التي تقتات عليها هذه الحيوانات". فالحيوانات اللاحمة الضخمة والحيوانات التي تتغذى على اللحوم والعشب معا تنشط على الأرجح خلال ساعات النهار بعكس الفصائل الأصغر حجما ذات نفس الطبيعةالغذائية، في حين أن الحيوانات العاشبة الضخمة تنشط على الأرجح ليلا، بعكس الحيوانات العاشبة الأصغر حجما.
وأضافت فاليو فارغاس، في تصريحات للموقع الإلكتروني "سايتيك ديلي" المتخصص في الأبحاث العلمية: "نفترض أن هناك صلة بين حجم الحيوان، وما يعرف باسم قيود ضبط حرارة الجسم"، بمعنى أن الحيوانات الأكبر حجما تستهلك كميات أكبر من الطاقة للاحتفاظ بدرجة حرارة مثالية في الأجواء الدافئة، ولعل هذا هو السبب وراء نشاط الكائنات العاشبة الضخمة ليلا بغرض الحفاظ على الطاقة. وكشفت الدراسة التي نشرت في الدورية العلمية "نيتشر كوميونيكشنز" أن الثدييات التي تقتات على الحشرات تعتبر الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة عبر قارات العالم، حيث أن الحيوانات الأكبر من هذه الفصيلة تنشط نهارا في الأمريكيتين، وتنشط ليلا في قارتي أسيا وأفريقيا.
ويقول الباحثون إنه في حين تتأثر الحيوانات العاشبة بحرارة الطقس، فإن الحيوانات اللاحمة، لاسيما الضواري الرئيسية، تنتهج أنماطا سلوكية تتماشى مع طبيعة أنشطة فرائسها. وتوضح فاليو فارغاس: "لقد وجدنا تداخلا كبيرا بين أنشطة الحيوانات المفترسة الرئيسية وفرائسها من الحيوانات العاشبة". وبالمثل تلاحظ أن الفرائس الأصغر حجما تحاول دائما تفادي الضواري الكبيرة. وتقول فاليو فارغاس: "لم نستطع أن نحدد على سبيل المثال ما إذا كان اختفاء الحيوانات المفترسة في قمة الهرم الغذائي في بعض المحميات له تأثير على سلوكيات الفرائس، أو ما إذا كان نقص الفرائس يؤثر على سلوكيات الضواري، وما هي احتمالات هذا التأثير المتتالي على النظام البيئي بشكل عام".
أماكن وحيوانات الدراسة
واستقى الفريق البحثي معلوماته من ثلاث مناطق استوائية رئيسية، وهي المناطق المدارية الجديدة والمناطق المدارية الأفريقية والغابات المدارية في منطقة الهند الماليزية.
وفي إطار البرنامج البحثي، التقطت الكاميرات حيوانات تنتمي إلى 166 فصيلة مثل النمور والغوريلات والجاموس البري والخنازير البرية وابن آوي، ومن بينها كثير من الفصائل المهددة بالانقراض، وحيوانات لا نعرف عنها الكثير من المعلومات، وتم تجميع هذه الصور في إطار "شبكة تقييم ومراقبة الأنظمة البيئية المدارية" وهي برنامج بحثي استمر على مدار عدة سنوات، وشمل 17 محمية طبيعية في العديد من المناطق الجغرافية في مختلف أنحاء العالم.
وضم الفريق مجموعة كبيرة من الباحثين الذين عكفوا على جمع بيانات بشأن التنوع البيولوجي في الغابات المدارية لاسيما بين الفقاريات الأرضية، وتم إطلاق هذه المبادرة بغرض إيجاد نظام انذار مبكر للغابات الاستوائية من أجل فهم طريقة استجابة أشكال الحياة البرية حيال التغيرات على النطاقات المحلية والاقليمية والعالمية.

هل يتأثر سلوك الحيوان بالقارة التي يعيش فيها؟
وأكدت فاليو فارغاس أن الدراسات أسفرت عن نتائج مدهشة، وأوضحت: "قد تظن أن هناك بعض الاختلافات بين الأنظمة البيئية في قارات متباعدة مثل افريقيا وأسيا، وأن هناك فروق شاسعة بين الفصائل الحيوانية، لاسيما الفصائل المتوطنة، فعلى سبيل المثال، لا توجد أفيال أو غوريلات في حوض الأمازون، مثلما لا توجد حيوانات آكل النمل المدرع في ماليزيا"، ولكن في حقيقة الأمر، وجد الباحثون اختلافات ضئيلة للغاية بين الأنماط السلوكية للحيوانات في مختلف قارات العالم.
وأوضحت أن أنشطة تناول الغذاء لدى الثدييات في المناطق المدارية بشكل عام يبدو أنها تتشكل من واقع عمليات وقيود متماثلة رغم اختلاف المناطق الجغرافية وتباعدها، مضيفة أن هذا الأمر يبدو مثل "عملية نشوء متوازية تحدث في مختلف أنحاء العالم في نفس الوقت، وتسفر عن نتائج متشابهة المرة تلو الأخرى".
وتفسر فاليو فارغاس هذه الفكرة قائلة إن "انشطة الحيوانات العاشبة والحيوانات آكلة الحشرات يبدو أنها تتشكل من خلال عوامل مناخية، في حين أن سلوكيات الضواري والفرائس من ناحية أخرى، تتأثر بالتفاعلات بين الفصائل الحيوانية المختلفة"
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق