الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

إن لم تكن ذئبًا.. أكلتك الذئاب

 
يأتي خراب الحياة الاجتماعية من خراب القيم التي تسود فيها ،
 ومن القيم الفاسدة أن الحياة غابة ، وهي صراع بين القوي والضعيف ،
فعليك أن تكون شرساً مع الآخرين ،
وأن تتمثل بصفات الجبارين المعتدين حتى لا تؤكل ،
فإما أن تكون ذئباً  بين ذئاب الحياة ، أو تكون فريسة لتلك الذئاب ،
فلا مكان للضعفاء في الأرض ، ولا رحمة ولا قانون عند الأقوياء ،
ومهما  كانت الحملان وديعة وبريئة ،
فإن هذا مما يغري الذئب بالسطو والاعتداء ،
 فعليك في قانون الغابة أن تكون مفترساً
حتى تسلم من أذى الأشرار ،
 
وكلمة :
(إذا لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب)  

تسمعها مرارا من مختلف طبقات الناس ،
وهذه الكلمة الموجزة تحمل مضموناً كاملاً للحياة ،
ولو تمثلنا بها ضد أعدائنا من الغزاة  والمحتلين لكان الأمر سهلاً ،
ولكن المؤسف أن نتمثل بها في مجتمعاتنا الإسلامية
ضد بعضنا البعض ، فالغني يأكل الفقير ، والقوي يأكل الضعيف ،
والقاتل والسارق والمرتشي وجميع الخارجين على القانون يبررون
أفعالهم القبيحة بمثل تلك الكلمة .
 
وهذه الكلمة يمكن أن ننظر إليها بمنظارين : 
الأول :  

منظار الإنسان الذي يريد أن يحظى بما يستطيع من متاع الدنيا
وحطامها بأية وسيلة كانت ،
فلا عجب لمثل هذا المنافس على مغانم الأرض أن تكون هذه الكلمة
شعاره ومنهجه ،
ففما هو إلا ذئب يسيل لعابه عند رؤية كل فريسة ،
ويحمل في نفسه الحقد والشراسة تجاه المجتمع .
 
 
والثاني : 

 منظار الإنسان الذي يريد أن يعيش حياة سوية ،
ملتزماً بهدي دينه ، محترماً للقانون ،
فينال من المتاع ما قسم الله له ،
 ويسعى في نصرة الحق وأداء الواجب ،
ومثل هذا لا يمكن أن يكون ذئباً يسعى لافتراس غيره ،
ولا أن يكون حملاً تلتهمه أنياب الذئاب ،
 وإنما يسلك سبيل العفة والتسامي ،
 وينهج نهج الملائكة الكرام لا نهج الحيوانات المفترسة ،
وينظر إلى القوة على أنها أداة لإحقاق الحق
لا إخراسه ودعم  الباطل ،
 وهو يأبى الانخراط مع عصابة الذئاب الدنيوية التي تجمعها  
 المصالح العاجلة ،
فهذا خير له من أن يكون ذئباً يعتدي على الناس ثم يقتصون منه
يوم القيامة ،
فالمؤمن سيف  من سيوف الله ، يقيم الله به الحق والعدل ،
لا ذئب حقد وطمع وجشع .

 
إن الحياة في ظاهرها تبدو بأنها صراع بين القوي والضعيف ،
وفي حقيقتها هي صراع بين الخير والشر ، والحق والباطل ،
إنها ابتلاء وامتحان للناس ،
وعلى العاقل أن يكون مع الحق والمنطق لا مع البطن والشهوة ،
 بمعنى أن يكون عبداً ربانياً لا ذئباً بشرياً ،
وهو ما أشارت إليه آيات عدة .
 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق