الثلاثاء، 18 فبراير 2014

الكرم الخفي


كان فيما كان شاب ثري ثراء عظيما و كان يغدق على اصدقائه أيما إغداق
و هم بدورهم يجلونه و يحترمونه بشكل لا مثيل له....
و دارت الايام دورتها
و تفتقر العائلة إفتقاراً شديداً فقلب الشاب أيام رخائه ليبحث عن أصدقاء
الماضي فعلم أن أعز صديق كان يكرمه و يغدق عليه و أكثرهم مودة و قربا
منه قد أثرى ثراء لا يوصف  فتوجه إليه طالبا مساعدته ...
فلما وصل باب القصر طالبا مقابلة صديقه
أستقبله الخدم و ذهبوا فاخبروا صديقه بذلك؛
فنظر إليه ذلك الرجل من خلف ستار ليرى شخصا رث الثياب عليه آثار الفقر.
فلم يرض بلقائه ..... فعاد الشاب و هو يتألم على الصداقة كيف
ماتت و على القيم كيف تذهب بصاحبها بعيدا عن الوفاء ....
و لما ذهب بعيدا عن دياره
صادف ثلاثة من الرجال عليهم أثر الحيرة و كأنهم يبحثون
عن شيء؛
 
فقال لهم ما أمر القوم ؟
 
قالوا له نبحث عن رجل يدعى فلان أبن فلان و ذكروا اسم والده.
 
فقال لهم إنه أبي و قد مات منذ زمن؛
 
 فحوقل الرجال و تأسفوا و ذكروا أباه بكل خير و قالوا له إن أباك كان يتاجر
بالجواهر و له عندنا قطع نفيسة من المرجان كان قد تركها عندنا أمانة؛
فأخرجوا كيسا كبيرا قد ملئ مرجانا فدفعوه إليه و رحلوا و الدهشة تعلوه
و هو لا يصدق ما يرى و يسمع ....
و مضى في طريقه ؛
وبعد برهة من الوقت صادف إمرأة كبيرة في السن عليها آثار النعمة و الخير
 
 فقالت له : يا بني أين أجد مجوهرات للبيع في بلدتكم،
 
 فتسمر الرجل في مكانه ليسألها إن كان يعجبها المرجان،
 
 فقالت له نعم المطلب ...
 
 فأبتاعت منه بضع قطع و وعدته بالعودة لشراء المزيد ..
و هكذا عادت الحال إلى يسر بعد عسر و عادت تجارته تنشط بشكل كبير ...
فتذكر بعد حين من الزمن ذلك الصديق الذي ما أدى حق الصداقة ؛
فبعث له ببيتين من الشعر بيد رسول جاء فيهما :
 
صحبت قوما لئاما لا وفاء لهم       يدعون بين الورى بالمكر و الحيل
كانوا يجلونني مذ كنت رب غنى      و حين أفلست عدوني من الجهل
 
فلما قرأ ذلك الصديق هذه الابيات ؛ كتب على ورقة ثلاثة أبيات
 و بعث بها إليه جاء فيها :
 
أما الثلاثة قد وافوك من قبلي                 و لم تكن سببا إلا من الحيلِ
أما من أبتاعت المرجان والدتي          و أنت أنت أخي بل منتهى أملي
و ما طردناك من بخل و من قلل           لكن عليك خشينا وقفة الخجلِ
!!!!!!!!!!!!!!!
 
أين نحن من هذه الأخلاق ؟
لا حول و لا قوة إلا بالله ....
اللهم أصلح بواطننا و ظواهرنا
ربنا سبحانك فأنت أرحم الراحمين .
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق