الاثنين، 26 ديسمبر 2016

قيم القرآن ومفاهيمه

 
 
 
 قِيَمُ القُرآن وَمفاهِيمه
 
{ رَبَّنا تَقَبّل مِنّا إنَّك أنتَ السَّميع العَليم }
[ البقرة : 127 ]
 
لَمْ تَرِد كلمة " النّجاح " في القرآنِ مُطلقاً
 بلْ وَصَفت الأعمال التي ارتَضاها الله ، وكتَب لها الأثرَ بالفلاح ؛
 ثمَّ بالقَبول !
 
والفلاحُ , مشتقّ مِن فلاحة الأرضِ ؛
حيث يبذُر المرء بذرة .. فإنْ تقبَّلها الله ؛
 آتَتْ أُكلها إلى يوم القِيامة !
 
وهذا معنى ؛
 
 { فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ }
[ آل عمران : 37 ]
 
قَبولاً, جعل من الطفلة معجزة ؛ ظلّت حكاية التّاريخ !
 
 
 
فما هي المَسافة ؛ بين "النّجاح" و "القَبول" ؟
 
ولَماذا الفَلاح .. دونَ النّجاح ؟
 
الفلاحُ  
هو سَعيٌ عميق في بَذر حبّة ؛
يحتاج نُموها انتظاراً طويلا ً!
 
 
الفلاحُ
هو صِلة الزّارع بِتقَلُّب المواسم , وصبره ,
 حتى تَنبثق الفَسيلة !
 
 
الفلاحُ
هو الرِّعاية الصّامتة للغُصن الرّطيب ؛ حتّى يُصبح شجرة وارِفة
فإنْ رضي اللهُ العمل تقبَّله !
 
 
فما هو القَبول ؟
 
القبَول
هو المَسافة بين حُقول ينتابُها الجَدْب
 وحُقول لا تعرف الشَّيخوخة !
 
حُقول, تظَلّ خَضراء ,
يصبُّ قمحها في مَوازين صاحِبها ؛
 حتّى قِيام السّاعة !
 
 
القَبول
هو معنى ( وإذا وقَع النّداء من الله بمحبةَ عملٍ ،
 أو مَحبة فُلان ؛ قَبِلتْه جميعُ البواطن )  
 
هكذا دونَ تفسير ، و لا منطِق ، ولا أسْباب
فقط ؛ لأنّ الله ؛ [وضَع له القبول في الأَرض ] !
 
وهذا يكفي , يكفي كيْ يقول السّلف بعدها ؛
 كلِمتهم العَميقة :
 
[ أيّها المَقبول , هنيئًا لك , أيها المَردود في سَعيِه ؛
جبَر الله مُصيبتك ]
لِماذا ؟
 
لِسببٍ واحِد
 يُعلنه القُرآن ألا وهو
 
{ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
[ المائدة : 27 ]
 
لذا قال أحدُ السّلف :
[ لوَ علِمُت أَّن الله تَقَبَّلِ منِّيَ سْجدة واِحَدة ، أْوَ صَدقةِ دْرهم واِحد ؛
 لم يَكنَ غائب أَحّب إلّيِ من اْلَمْوت ] !
 
هذا المعنى,
كانَ يكفي كيْ يقول علي رضي الله عنه - :

[ لا تهتمّوا لقِلّة العمل ؛ واهتمّوا للقَبول ]
 
 
يَكفي , كيْ يُصحّح الجَميع موازينه ،
ويَفهم لماذا لم يُذكر النّجاح في القُرآن ؛
و ذَكَر القَبول عِوضا عنه !
 
القَبول  
هو حياةُ العلماء,
 الذين لازالت صَدى خَطواتهم مُنذ مئات السّنين ؛
في مَسامِعنا !
 
 
القَبول ..
ليسَ نجاح اللحظة الرّاهنة ,
وليس لقطة الكاميرا البرّاقة , أو نُقطة مجدٍ عابرة !
 
 
بلْ هي ؛ لحظةٌ متجذّرة في العُمق, مُتجذّرة في مَلامح الكَون ,
 وفي ضَمير الوُجود !
 
 
الّذين يُدركون الفَرق ,
هم من يَعرفون كيف يَحفِرون حُضورهم بإتقانٍ مُذهل ؛
عبرَ حبّة عرقٍ سخيّة , تظلُّ تفور في تضاريسِ الفِعل البشريّ ؛
 حتّى تُصبح شلّالاً, أو رُبّما طوفاناً غامِراً !
 
 
أولئِك الّذين تتغيّر بَعدَهم الكَثير مِن المُعادلات !
ويحتارُ الشّيطان في بصيرتِهم ، وفَهمِهم لمعاني القُرآن !
 
 
هؤلاء ,همْ الّذين تظلّ حروف أسمائهم ؛
 ترنُّ في عمُر الأجيالِ كلِّها !
 
 
تأمّل فقط ,
كيفَ تعيشُ كلماتُ عالم مئاتُ السِّنين و تظلّ مَئذِنة باقية ؛
 لأنَّ صاحِبها كان يغرِسها لله ,  لله وحده !
 
وماكانَ لله ؛ دامَ واتّصل
وماكان لغيرِ الله ؛ انقَطع واضمَحلّ
وكانَ عُمره سنوات قَليلة !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق