الجمعة، 25 أغسطس 2017

*همسات*



فلنفتح مسامع القلب، فما نحن في هذه الحياة الدنيا الآن إلا نسخة،

لا الأصل الحقيقي الذي يكون في الآخرة، حيث هناك الحياة.

إن من يذوق أشد ألوان العذاب في هذه الدنيا إنما يكون نسخة؛

لأن كل عذاب الدنيا مجتمعاً لا يساوي شيئاً ولا ذرة من عذاب الآخرة،

فعذاب الدنيا إنما يقع على النسخة، وكذلك نعيمها.

كل سعادات الدنيا زائلة، وإن أي فرح في الدنيا إنما هو نسخة مصغرة

من فرح الآخرة، لكن فرح الدنيا يزول، فما أضحكك صباحاً قد يبكيك

مساء.. أما فرح الآخرة فلا يزول إنما هو باق دائم.

يمشي الملك وحوله حارسه، والوزير وخلفه حاجبه، وشتان بين

وزير وبواب أو ملك وجندي!!

في نظر النس تبدو المسافة بين الوزير والفَرّاش

كما بين السماء والأرض، ولكن..

{ .. وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا }

قد يكون الفرَّاش والذي يجمع القمامة في درجات عليا عند الله لا يستطيع

ملك من ملوك الدنيا وصولها، فالمسافة الحقيقة التي تفصل

بين العباد هناك في الآخرة.

التفاوت والتفاضل هناك في الآخرة.

أولك أيها الإنسان..

نطفة نذرة (حقيرة)،

وآخرك جيفة قذرة.

في الدنيا لا يثبت ولا يدوم الحال لأحد، فقد تكون اليوم آمناً صحيحاً غنياً،

وتصبح غداً خائفاً

مريضاً محتاجاً..

فلا تنظر لأي شخص مهما علا شأنه وعظمت مكانته في هذه الدنيا

الزائلة، لا تنظر إلى غيرك هنا،

بل انظر إلى نفسك وأين تحط رحالك هناك في الآخرة الباقية.

ولا تظن أن الله قد خلق الجنة وحواليها مصائد،

بل إن أبواب الجنة مفصلة لكي يلجها الجميع.

فما خلق الله أحداً من الناس إلا وخلق له مكانه في الجنة، يريد أن يُدخِله

فيها، والله أعطانا منهجاً يمكننا تطبيقه.

والمهم هو أن نعمل لنحافظ على هذا المكان، وأن تكون الهمة والطموح

والغاية العظمى أن ندخل جنة الفردوس بغير حساب ولا عتاب

ولا سابقة عذاب.

{. يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ..} ،

{ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ ..}

فمن رحمة الله تعالى أن جعل باب التوبة مفتوحاً ليلج فيه من أراد النجاة،

{.. وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ }.

الاستغفار حال، لا مقال.

الاستغفار أمر بفعل، لا بقول.

الاستغفار حالة قلبية يسبقها اعتصار وحسرة وشعور بضآلة

النفس أمام الذنب.

فكيف أخرج عن طاعة الله بهذا الذنب الحقير؟!

وكيف أدع نفسي أسيرةَ الهوى والمعاصي؟!

{ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا }

ورد اسم الله الغفور في القرآن بألفاظ متغايرة:

"الغفار، الغفور، ذو مغفرة، واسع المغفرة، خير الغافرين، غافر الذنب".

ليعلم المذنب عظيم رحمة الله وأنه واسع المغفرة لمن صدق وتاب وأناب.

إن كل ألفاظ الدنيا تسقط عندما تخرج الروح، حتى الاسم يسقط

ويبقى اللقب الأعظم والأسمى والأعلى (*عبد* الله).

هذا المدح والثناء الدائم الذي لا يزول، وهو الباقي الذي لا يغيره

كيد كائد ولا حسد حاسد، لأنه من الله الحي القيوم.

إن أسمى المراتب والأوسمة أن تكون عند الله

*(نعم العبد)*

{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ *

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }

سورة الحجر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق