الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

ابنتي تفتقد القدرة على التواصل

ابنتي تفتقد القدرة على التواصل

أ. عائشة الحكمي

السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
لقد بدأت معاناة ابنتي منذ دخولها الصف الأول الابتدائي، فلم تكن تُعانِي
في الروضة من هذه الأعراض، فليس لها صديقات، ولا تشارك أثناء الحصة،
ولا ترفع صوتَها في القراءة، وخاصَّة أنها في مدرسة تحفيظ؛
ممَّا أدَّى إلى تحويلها إلى مدرسة أخرى غير تحفيظ، علمًا بأنَّ ابنتي
تعرَّضت للعنف من قِبَلِ صديقاتها لإرغامها على دخول الفصل؛
فساءَت حالتها دون أنْ تُخبِرني، ولأنَّني انتَقلت إلى مدينةٍ أخرى
فكانت تلك هي المدرسة التي تعرَّضت للعنف، فلم أسأل جيدًا عن مدارس أخرى؛
لأنَّني وثقت في أحد أقربائنا وقد أشار إلينا بتسجيلها هناك،
فقمت بنقلها مباشرةً إلى مدرسةٍ أخرى، وهذا هو سبب النقل، وهذه
ليست أوَّل مرَّة أقوم بنقلها، فبعد أن أتمَّت الصف الثالث انتقلنا إلى
مدينةٍ أخرى، فأكمَلت الصف الرابع والخامس، وفي الصف السادس
حدَث لها ما حدَث، مع العلم أنَّني قمت بعرضها على أخصائيين نفسيِّين بإحالةٍ
من المدرسة، ومع العلاج والجلسات لم تتحسَّن، بل ازدادت مَخاوِفها للانتِقال
إلى المدرسة المتوسطة؛ لما سمعته من معاملة المديرة المتشدِّدة،
إلاَّ أنَّني استفسرت عن حقيقة ذلك فوجدت المديرة ليست كما ذكرت.

الآن هي تُحاوِل أن تعود إلى مدرسة التحفيظ زعمًا أنها أفضل،
ولم تُبدِ تحسُّرًا على فَقْدِ صديقاتها، وتلك هي عادتها دائمًا عندما أنقلها
إلى مدرسة أخرى، إلاَّ أنَّ الفرق أنها لم تكن تَخافُ المدرسة الجديدة كتخوُّفها الآن،
فهل أرغمها على دخول المدرسة المتوسطة، أم أدخلها مدرسة التحفيظ
كما تُرِيد هي، علمًا بأنَّ الأخصائيَّة الاجتماعيَّة أشارت عليَّ بإدخالها مدرسة أهليَّة،
أو بأن ننتَقِل إلى مَوطِننا الأصلي لتدرس مع قريباتها، مع العلم أنها درست
معهم الروضة والصُّفوف الأول، فهي كثيرًا ما تَلعَب مع فتيات وفتيان أصغر
منها سِنًّا في النِّطاق الأسري، كما أنَّني أُلاحِظ أنها تتحدَّث مع نفسها
بصوتٍ مسموع، خاصَّة عندما نكون بعيدًا عن الأهل،
وفي الآوِنة الأخيرة بدأت تقضم شفتيها، ولا تهتمُّ بمظهرها أو نظافتها
إلا إذا وجَّهتها لأهميَّة النظافة والترتيب واحتِرام المواعيد،
إلا أنَّني أجد اهتِمامها عندما تَكون
هناك حفلة أو قدوم أحد لزيارتنا.

تحبُّ أن تخلو بنفسها بعيدًا عنَّا، حاولت أن أعمل لأسرتي لقاءً في آخَر
كلِّ أسبوع فكانت تُبدِي اهتِمامًا على أن تكون هناك "تورتة" بل وتصرُّ عليها.

أرجو منكم الإفادة بالحلِّ قبلَ نهاية العام الدراسي الحالي، وجزاكم الله خيرًا.
الجواب
أختي الفاضلة، (أم عبدالله)، حيَّاكِ الله.
الأهمُّ من مسألة انتِقال ابنتك من مدرسةٍ إلى مدرسةٍ أخرى هو التشخيص
الصحيح والأكيد لحالتها المرَضيَّة، كنت أرجو لو أنَّكِ كتبتِ لي التشخيص
الذي ذكَرَه لك الأخصائيُّون، لكنَّك - مع الأسف -
أغفلتِ النقطة الأهمَّ في استشارتك، والله المستعان.

إنما أستَقرِئ من وصفِكِ البسيط بعضَ المؤشِّرات التشخيصيَّة لحالة ابنتك،
غير أنِّي لا أُعطِيكِ جزمًا على أنً ما أقوله لك هو الصواب، فقط أقول لك
ما بدر بذهني من القراءة الأولى، حيث أرى ابنتك تُعانِي نوعًا
من أنواع التوحُّد Autism يُعرَف باسم اضطراب أسبرقر Asperger's Disorder.

يدخل هذا الاضطراب تحتَ مسمَّى طيف التوحُّد ؛ لكون الطفل لديه
بعض التصرُّفات المُشابِهة للتوحُّد، لكن يميِّزه عن غيره من الأنواع الأخرى
للتوحُّد وجودُ خللٍ كيفيٍّ في التواصل والتفاعل الاجتماعي، إضافةً إلى ن
مطٍ استِحواذي متكرِّر من الاهتِمامات والنشاطات، كما هو الحال
مع موضوع الكعك "التورتة" على سبيل المثال.

حقيقةً أتوقَّف كثيرًا إذا تعلَّق الأمر بالتوحُّد؛ من أجل ذلك أفضِّل بدايةً
وقبل الحديث عن المدرسة أن تَعرِضي ابنَتَكِ على مركز خاص لإجراء
الاختِبارات والفُحُوصات اللازمة لتشخيص التوحُّد، فإذا كانت ابنتك
تُعانِي بالفعل من أحد أنواع التوحُّد فلن يكون الحلُّ في الانتِقال إلى مدرسةٍ أخرى،
بل في الانتِقال إلى معهد للتربية الخاصَّة.

يُمكِنك اصطِحاب ابنتك إلى معهد التربية الفكريَّة بالمدينة المنورة؛
حيث يوجد فيه مركزٌ للتوحُّد، وهو قسمان: أحدهما للبنين، والآخر للبنات.

معهد التربية الفكرية - بالمدينة المنورة:
ت: 8380138 - 8369345

عزيزتي، يُؤسِفني بحقٍّ ألاَّ أكون قد أفدتك بصورة موسَّعة، فأنا هنا لا
أَتعامَل مع المشكلة كمشكلةٍ قبل أن أصل إلى التشخيص الأكيد لحالة ابنتك
- شفاها الله وعافاها، وأعانكِ وزوجَكِ على تربيتها ورعايتها.

ومتى ما أظهرت نتائج الفحوص سلامةَ ابنتكِ، فاكتُبِي لي ثانيةً مع
وصفٍ دقيقٍ لحالتها، وسيكون لكلِّ حادث حديثٌ ساعتئذٍ.

سأَبقَى بانتظارك - إن شاء الله - دمتِ وابنتكِ بألف خير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق