الثلاثاء، 17 مارس 2020

أقسام الشرك الأصغر إجمالاً



أقسام الشرك الأصغر إجمالاً


تنوعت الأقوال في بيان أنواع الشرك الأصغر.

فمنهم من قال: (هو نوعان: ظاهر، وخفي)

فالظاهر: يكون بعمل رياء، كالتصنع لغير الله بعمل في ظاهره أنه لله،

وفي باطنه عدم الإخلاص لله به، ويكون باللفظ كالحلف بغير الله...

والخفي: ما ينتابه الإنسان في أقواله وأعماله في بعض الفترات

من غير أن يعلم أنه شرك)

ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:

( الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا ) .

ولكن هذا القول فيه نظر، فإن ما ينتابه الإنسان من أقواله أو أعماله في

بعض الفترات من غير أن يعلم أنه شرك ليس بشرك أصغر فقط، بل قد يدخل

في الشرك الأكبر أيضاً.

ومنهم من قال: إنه على نوعين:

أ- الشرك في النيات والمقاصد؛ ويدخل فيه:

1- الرياء.

2- إرادة الإنسان بعمله الدنيا.

ب- الشرك في الألفاظ؛ ويدخل فيه:

1- الحلف بغير الله.

2- قول القائل: ما شاء الله وشئت، ولولا الله وأنت، ونحوهما.

3- إسناد بعض الحوادث إلى غير الله عز وجل, واعتقاد تأثيره فيها،

مثل أن يقول: لولا وجود فلان لحصل كذا، ولولا الكلب لدخل اللص.

4- قول بعضهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، إن كان جرى

على لسانه من غير قصد

ولعل من أحسن ما يقال في بيان أنواع الشرك الأصغر ما يلي:

إن له أنواعاً كثيرة، ويمكن حصرها بما يأتي:

أولاً: قولي: وهو ما كان باللسان، ويدخل فيه ما يأتي:

1- الحلف بغير الله، على تفصيل في ذلك.

2- قول: (ما شاء الله وشئت)، أو: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب

الله وحسبك، ومالي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله

وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض، أو يقول: والله وحياة

فلان، أو يقول: نذر لله ولفلان، أو أنا تائب لله ولفلان، أو أرجو الله

وفلاناً ونحو ذلك
ولعل الضابط في هذا أن يكون الشيء مما يختص بالله جل وعلا، فيعطف

عليه غيره سبحانه لا على سبيل المشاركة وإنما بمجرد التسوية في اللفظ،

وأما إن كان يعتقد المشاركة فهذا يدخل تحت الشرك الأكبر.

3- وقوله: (قاضي القضاة).

4- وهكذا: التعبيد لغير الله، كعبد النبي وعبد الرسول

(إذا لم يقصد به حقيقة العبودية).

5- وإسناد بعض الحوادث إلى غير الله عز وجل، مثل أن يقول: لولا وجود

فلان لحصل كذا، ولولا الكلب لدخل اللص، وقول الرجل: لولا الله وفلان،

ولولا تجعل فيها فلاناً، ولولا البط في الدار لأتانا اللصوص...،

وأعوذ بالله وبك.

6- قول بعضهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، (على طريق غير الحقيقة).

ولعل الضابط في هذا: (الاعتماد على سبب لم يجعله الشرع سبباً)

ثانيا: فعلي: وهو ما كان بأعمال الجوارح، ويدخل فيه ما يلي:

1- التطير، (إذا لم يعتقد القدرة في المتطير به).

2- إتيان الكهان وتصديقهم، (إذا لم يعتقد وجود علم الغيب لديهم).

3- والاستعانة على كشف السارق ونحوه بالعرافين

(إذا لم يصاحبه اعتقاد علمهم الغيب).

4- تصديق المنجمين والرمالين وغيرهم من المشعوذين

، (إذا لم يصاحبه اعتقاد علمهم الغيب).

5- ولبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه،

(إذا لم يعتقد تأثيرها بذاتها).

ثالثاً: قلبي: ويدخل فيه ما يلي:

1- الرياء، (إذا كان يسيراً)، ولا يخلو من:

أ- أن يكون الرياء بالأعمال: كمن يصلي فيطيل القيام, ويطيل الركوع

والسجود, ويظهر الخشوع عند رؤية الناس له، ويصوم فيظهر للناس أنه

صائم، فيقول مثلاً مخاطباً غيره: اليوم يوم الاثنين والخميس ألا تعلم؟ ألست

بصائم؟ أو يقول له: أدعوك اليوم لتفطر معي، وكذلك في الحج والجهاد

فيذهب إليهما ومقصده المراءاة بهما، وكالمراءاة بالصدقة ونحوها.

ب- أو يكون الرياء من جهة القول: كالرياء بالوعظ والتذكير, وحفظ الأخبار

والآثار لأجل المحاورة وإظهار غزارة العلم، وتحريك الشفتين بالذكر في

محضر الناس، وإظهار الغضب للمنكرات بين الناس، وخفض الصوت

وترقيقه بقراءة القرآن ليدل بذلك على الخوف والحزن ونحو ذلك، إذا فعل

ذلك يقصد الرياء، ومن ذلك أيضاً: تحريك الشفتين بالذكر في محضر

الناس ويتغافل عنه في منزله.

ج- أو يكون الرياء من جهة الزي: كإبقاء أثر السجود على جبهته، ولبس

الغليظ من الثياب وخشنها مع تشميرها كثيراً ليقال: عابد زاهد، أو ارتداء

نوع معين من الزي ترتديه طائفة يعدهم الناس علماء ليقال: عالم.

د- أو يكون الرياء بالأصحاب والزائرين: كالذي يتكلف أن يستزير عالماً

أو عابداً ليقال: إن فلاناً قد زار فلاناً، ودعوة الناس لزيارته كي يقال: إن

أهل الخير يترددون عليه، وكذلك من يرائي بكثرة الشيوخ ليقال: لقي فلان

شيوخاً كثيرين واستفاد منهم, فيباهي بذلك.

هـ- أو يكون الرياء لأهل الدنيا: كمن يتبختر ويختال في مشيته، وتحريك يديه

وتقريب خطاه، أو يأخذ بطرف ثوبه، أو يصعر خده، أو يلف عباءته،

أو يحرك سيارته حركة خاصة.

و- أو يكون الرياء من جهة البدن: كأن يرائي بإظهار النحول والصفار ليوهم

الناس أنه جاد في العبادة كثير الخوف والحزن، أو يرائي بتشعيث الشعر

ليظهر أنه مستغرق في هم الدين لا يتفرغ لتسريح شعره، أو يرائي بحلق

الشارب واستئصال الشعر ليظهر بذلك تتبع زي العباد والنساك،

أو يرائي بخفض الصوت, وإغارة العينين, وذبول الشفتين ليدلك

على أنه مواظب للصوم.

هذه مجامع ما يرائي به المراؤون – غالباً –

يطلبون بذلك الجاه والمنزلة في قلوب العباد

2- إرادة الإنسان بعمله الدنيا:

المراد به: أن يعمل الإنسان أعمالاً صالحة يريد بها الدنيا، إما لقصد المال

أو الجاه، كالذي يجاهد أو يتعلم ليأخذ مالاً، أو ليحتل منصباً، أو يتعلم القرآن،

أو يواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد، أو نحو ذلك من الأعمال

الصالحة، لكن نيته الحصول على مصالح دنيوية لا طلب مرضاة الله.

والفرق بينه وبين الرياء:

أن المرائي إنما يعمل لأجل المدح والثناء، والمريد بعمله الدنيا

يعمل لدنيا يصيبها كالمال أو المنصب

فهذه أنواع الشرك الأصغر قد تكون هذه الأنواع في خصائص الربوبية، وقد

يكون في خصائص الألوهية، كما أن كل قسم من أنواع الشرك الأصغر يحتمل

أن ينقلب إلى شرك أكبر، وذلك من وجهين:

1- إذا صحبه اعتقاد قلبي، وهو تعظيم غير الله كتعظيمه.

كالحلف بغير الله معظماً له كتعظيم الله.

2- أو كان في أصل الإيمان، أو كثر حتى يغلب على العبد؛ كالمراءاة بأصل

الإيمان، أو يغلب الرياء على أعماله، أو يغلب عليها إرادة الدنيا بحيث لا

يريد بها وجه الله.

فهذه أنواع الشرك الأصغر على الإجمال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق