السبت، 6 يونيو 2020

الذين يكنزون الذهب والفضة

الذين يكنزون الذهب والفضة

الملحدون وضعوا سياسة مالية جعلت العالم أكثر بؤساً وشقاءً وأدت إلى
تركيز الثروة بيد القلة القليلة، ولذلك بدأو اليوم يعودوا لتعاليم الإسلام الذي
يأمر بتقليص الفارق بين الغني والفقير....

الإسلام حرّم بشدة تكديس الأموال وحذر من خطورة هذا الفعل، ولكن
الاقتصاد العالمي اليوم يقوم على مبدأ تكديس المال في فئة قليلة.. فكان له
عواقب وخيمة وسوف تكون له نتائج مدمرة على البشرية لو استمر الوضع
على ما هو عليه اليوم، لذلك بدأ الباحثون يحذرون من هذه الظاهرة
(ظاهرة تكدس الثروة في يدّ فئة قليلة من الأثرياء وحرمان الغالبية
من المال) لأنها ستدمر العالم.

قالت منظمة "أوكسفام" البريطانية إن ثروة 1 في المئة من أغنى أثرياء
العالم تفوق ثروات بقية العالم مجتمعة. فقد حثت منظمة أوكسفام في تقريرها
الذي صدر قبيل قمة المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس زعماء العالم
على اتخاذ إجراءات مناسبة لمواجهة عدم المساواة في امتلاك ثروات العالم.

وقالت المنظمة إن ثروات 62 شخصا من أغنى أغنياء العالم، تعادل جميع
ثروات نصف سكان العالم الأفقر. وتقول المنظمة إن 62 شخصا يملكون
ثروات تساوي ما يملكه 50 في المئة من سكان العالم الأكثر فقرا،
وهو ما يعني أن هناك تكتلا في تمركز الثروات.


حسب دراسات موقع أوكسفام، فإن نسبة الفقر تزداد ونسبة الأغنياء تزداد،
وفي عام 2014 نرى كيف يتقاطع المنحني الخاص بثروات يملكها 50 %
من سكان العالم مع ثروات يملكها 80 رجل من أثرياء العالم فقط!! ويقول
التقرير "بدلا من تأسيس اقتصاد من أجل ازدهار سكان العالم أجمع والأجيال
المقبلة، خلقنا اقتصادا لنسبة 1 في المئة من الأثرياء". ودعت أوكسفام
حكومات دول العالم إلى اتخاذ إجراءات لتخفيض أسعار الدواء، وفرض
ضرائب على الثروات، واستخدام ثروات الدولة للقضاء على عدم المساواة.

الإسلام يعالج مشكلة الفقر
لقد حرم الإسلام تكديس الأموال تحريماً شديداً لدرجة أن هذا المال الذي هو
سبب نعيمك في الدنيا سيكون سبباً في عذابك يوم القيامة.. قال تعالى:

{ وَ الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَ الْفِضَّةَ وَ لَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }
[التوبة: 34].

ولكن ماذا بعد ذلك وما نوع العذاب؟ قال تعالى في الآية التالية:

{ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ
وَ ظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ }
[التوبة: 35].

ولذلك فإن هذا التحذير الشديد سوف يعالج مشكلة تكدس الأموال في أيدي
القلة القليلة من الناس، وهذا ما حدث خلال فترة الحكم الإسلامي للعالم
في القرون الماضية وبخاصة القرون الأولى بعد النبي صلى الله عليه وسلم.
حيث تقلص الفارق بين الأغنياء والفقراء وأصبحت الطبقة المتوسطة هي
الغالبية العظمى (وبخاصة خلال العصر الأموي والعباسي).

ولكن في العصر الحديث ابتعد الناس عن تعاليم الإسلام، ونسوا هذه الآية
ونسوا لقاء الله تعالى فأنساهم أنفسهم، فلهثوا وراء المال ولم يجلب لهم
إلا مزيداً من التعاسة.

وهكذا فالنصيحة التي يقدمها الخبراء اليوم من ضرورة تقليص الفجوة
الهائلة بين الأغنياء والفقراء، هذا ما نادى به الإسلام قبل أربعة عشر قرناً..
ألا يستحق هذا الدين أن يتبعه جميع البشر؟ فهو يضمن للجميع
الرفاهية والعدالة والحياة المستقرة.

وأخيراً فإن القرآن لم يهمل هذه الظاهرة الخطيرة، فخصص نصاً طويلاً
يتحدث عن موضوع واحد وهو الإنفاق في سبيل الله وإطعام الفقراء
والمساكين.. دعونا نتأمل هذا النص الرائع:

{ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ
فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261)
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى
لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (262)
قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ
النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ
وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ
(264) وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ
كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (265) أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ
وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ
وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ
لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (266) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ
مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ
وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)
الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا
وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268) يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ
فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (269) وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ
أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270)
إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)
لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ
وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ
وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272) لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ
ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ
لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274) }
[البقرة: 261-274]... صدق الله العظيم.

بقلم المهندس/ عبد الدائم الكحيل


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق