الأربعاء، 29 يوليو 2020

أبونا آدم عليه السلام

أبونا آدم عليه السلام

دكتور عثمان قدري مكانسي

هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله أصحابه يسألونه عن الأنبياء الكرام وصفاتهم
الخُلُقية والخَلْقية ، وعن أقوامهم ، ومن صدّقهم ، ومن كذ ّبهم ... ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجيبهم ،
ويزيدهم ما ينفعهم ، ويشحذ قرائحهم ، ويقوّي الإيمان في نفوسهم ، ويُطَيـّبها .

قال عليه الصلاة والسلام :

خُلِق آدم وطوله ستون ذراعاً .. إنها قامة فارعة ، تسامق الأشجار العالية طولاً ، وتسمو على الحصون والقلاع ارتفاعاً .

قالوا : يا رسول الله ؛ فما بالنا أقصر منه بكثير ؟.

قال عليه الصلاة والسلام : لم يزل الخلق ينقصون جيلاً بعد جيل حتى وصلنا إلى ما نحن عليه .

قالوا : فكيف يكون المؤمنون في الجنة إزاءه عليه السلام والأجيال السابقة ؟.

قال عليه الصلاة والسلام : كل من يدخل الجنة يدخلها على صورة أبيه آدم .

ثم أردف قائلاً :

لما خلق الله تعالى آدم نفخ فيه الروح فعطس ، فألهمه الله تعالى حمده ، فقال : الحمد لله .

فقال له ربه : يرحمك الله .

فذهب الحمد والرحمة أدباً عالياً يعيشه المسلمون في مجتمعاتهم ، فيكون حمد الله ورحمته
شعارهم ومآلهم ، فإذا عطس أحدكم ، فحمد الله فشمّتوه ، واطلبوا له الرحمة والهداية ، فهذا من سنّتي .

قال عليه الصلاة والسلام : ثم قال الله تعالى لآدم :

اذهب فسلم على أولئك الجلوس من الملائكة ، وقل لهم : السلام عليكم .

فذهب فسلم عليهم ( السلام عليكم ) ، فقالوا له : وعليك السلام ورحمة الله .

قال تعالى : يا آدم ؛ أوَعَيْت ردّهم ؟

قال آدم : نعم ؛ يا رب .

قال تعالى : فإنها تحيتك وتحية ذرّيتك .... إنك سلمتَ عليهم ، فردّوا عليك السلام ،
وزادوك إكراماً ، فسألوني أن أرحمك ، فلك ذلك .

وقرأ الرسول صلى الله عليه وسلم : " وإذا حُيّيتُم بتحية فحيوا بأحسن منها أو رُدّوها "

قال عليه الصلاة والسلام بعد أن رأى أصحابه منتبهين ، يتلقَّون كل كلمة بأُذُن واعية وقلب
محبّ : ثم إن الله تعالى مسح على ظهر آدم ، فسقط من ظهره كلُّ نَسَمة هو خالقها من ذريّة
آدم إلى يوم القيامة ، وجعل بين عينَيْ كل إنسان منهم بصيصاً من نور ، ثم قبضها بيده سبحانه .

قالوا : وكيف يقبض سبحانه الأمورَ بيده ؟.

قال عليه الصلاة والسلام : إن الله تعالى يقبض الأشياء كيف شاء ، متى شاء ، من غير تكييف
ولا تمثيل – سبحانه – ليس كمثله شيئ ، وهو السميع البصير .

قالوا : آمنّا بالله سبحانه ، وتعالى ربنا عن الشبيه والمثيل، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير .

قال عليه الصلاة والسلام : فقال الله ويداه مبسوطتان : اختر أيهما شئت .

قال آدم بأدب جم علمه إياه ربه : اخترتُ يمين ربي ، وكلتا يدي ربي

يمين مباركة .

فيبسط الله تعالى يده ، فإذا فيها آدم وذريته ....

قال آدم : أيْ ربّ ؛ ما هؤلاء ؟

قال تعالى : هؤلاء ذريتك .

وينظر آدم عليه السلام إلى ذريته ، فإذا كل إنسان مكتوب عمُره بين عينيه .

ويلوح له فيهم رجل من أضوئهم ، فيخفق له قلب آدم حباً ،

فيقول : يا ربّ ؛ من هذا ؟

فيقول الله عز وجلّ : هذا ابنك داود ، قد كتبت له عمُر ستين سنة .

فيقول آدم : ربّ ؛ زد في عمُره ؟.

فيقول الله تعالى : هذا ما كتبت له ، وقدّرت.

فيقول آدم : كم كتبت لي من العمر ؛ يا رب ؟

فيقول الله تعالى : ألف سنة .

فيقول آدم : أيْ ربِّ ، فإني قد جعلت له من عمري أربعين سنة .

فيقول الله تعالى : قد أجزت لك ذلك .

فيًقدّر لداود مئة عام .

كل شيء مقدّر ومكتوب ... صُنع الله الذي خلق كل شيء ، فأحسن خلْقه ، وأبدعه وقدّره ،
وهو يفعل ما يشاء ... يمحو الله ما يشاء ويُثبت ، وعنده أمّ الكتاب .

قال عليه الصلاة والسلام : ويسكن آدم وزوجه الجنة ماشاء الله ....

ويشاء الله أن يبتليه بعد ذلك ، فيأكل وحواء من الشجرة المحرّمة ، ثم يهبطان منها .

فكان آدم عليه السلام يَعُدّ لنفسه عمرها ......

فلما أتاه ملك الموت يريد استيفاء روحه قال له آدم :

قد عجلتَ ؛ قد كُتب لي ألف سنة ، فها انت تأتي قبل أربعين سنة .

يقول له ملك الموت : بلى ، ولكنك جعلت لابنك داود أربعين سنة ، فصارتْ إليه .

فجحد آدم ما جعله لداود ، وكان جحوده نسياناً ، وورث أبناؤه صفات أبيهم ، فجحدوا كما جحد ،
ونسوا كما نسي ، فأمر الله تعالى بالكتابة والشهود ليواجه بها جحود الجاحدين ونسيان الناسين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق