الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

إخفاء العمل

 

إخفاء العمل

فإخفاء العمل دليل علي الإخلاص وسبيل للفوز بمحبة الله تعالى
فقد أخرج الإمام مسلم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

"إن الله – عز وجل - يحب العبد التقي النقي الخفي".

يقول الحسن – رحمه الله -:
"إنْ كَانَ الرَّجُلَ لَقَدْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ جَارُهُ،
وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَقَدْ فَقِهَ الْفِقْهَ الْكَثِيرَ وَمَا يَشْعُرُ بِهِ النَّاسُ، وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ
لَيُصَلِّي الصَّلاةَ الطَّوِيلَةَ فِي بَيْتِهِ وَعِنْدَهُ الزُّوَّارُ وَمَا يَشْعُرُونَ بِهِ،
وَلَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدُرُونَ عَلَى أَنْ
يَعْمَلُوهُ فِي سِرٍّ فَيَكُونَ عَلانِيَةً أَبَدًا، وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي
الدُّعَاءِ , وَمَا يُسْمَعُ لَهُمْ صَوْتٌ، إِنْ كَانَ إِلا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ
عَزَّ وَجَلَّ، ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ، يَقُولُ:
{ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً }
[الأعراف: 55]،
وذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا وَرَضِيَ قَوْلَهُ، فَقَالَ:
{ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا }
[مريم: 3]،
(الزهد والرقائق لابن المبارك).

وقال عبدالله بن المبارك رحمه الله:
"كن محبًّا للخمول كراهية الشهرة، ولا تظهر من نفسك أنك تحب
الخمول، فترفع نفسك، فإن دعواك الزهد من نفسك هو خروجك
من الزهد؛ لأنك تجر إلى نفسك الثناء والمدحة".

وقال سفيان بن عيينة - رحمه الله -: قال أبو حازم:
"اكتم حسناتك، أشد مما تكتم سيئاتك"؛ (تهذيب الحلية: 1 /526).

وقال الفضيل بن عياض - رحمه الله -:
خير العلم والعمل ما خفي عن الناس؛ (تنبيه المغترين، صـ 30).

وقال الشافعي- رحمه الله -: ينبغي للعالم أن يكون له خبيئة من عمل
صالح فيما بينه وبين الله تعالى، فإن كل ما ظهر للناس من علم أو عمل
قليل النفع في الآخرة؛ (تنبيه المغترين: ص34).

وكتب وهب بن الورد إلي أخ له، فقال: "قد بلغت بظاهر علمك عند الناس
منزلة وشرفًا، فاطلب بباطن عملك عند الله منزلة وزلفى، واعلم أن إحدى
المنزلتين تمنع الأخرى"؛ (تهذيب الحلية: 3 /35).

فعلى الإنسان فينا أن يكن كالجذر من الشجرة التي به قوامها وحياتها،
ولكنه مستور في باطن الأرض لا تراه العيون، أو كالأساس من البناء،
لولاه ما ارتفع جدار ولا قام بيت، ومع هذا لا يراه أحدٌ.

وصدق القائل:
خفي الأساس عن العيون تواضعًا *** من بعد ما رُفع البناء مشيدَا


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق