الاثنين، 6 فبراير 2023

فى رحاب آية 07

 

فى رحاب آية 07

سيدنا يعقوب عليه السلام، يضرع إلى الله، ويتوسل إليه من أجل أن يهبه الصبر، حتى يستطيع تجاوز المحنة التي عصفت به جراء تلك المكيدة التي كادها أبناؤه لأخيهم "يوسف" عليه السلام، وتلفيقهم لقصة الذئب الذي فتك بأخيهم، وما أن جاؤوه يتباكون في المساء، وقصوا عليه القصة حتى جأر بالدعاء إلى الله "فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون" (يوسف18) وهذا شأن المؤمن الصادق، فلا ملجأ له إلا الله، ولا تكون الاستعانة على الدهر ونوائبه إلا بالله سبحانه وتعالى، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقال لي: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله.. الخ" روان الترمذي وقال حديث حسن، وفي رواية غير الترمذي "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، واعلم أن النصر مع الصبر، وان الفرج مع الكرب، وان مع العسر يسرا".

وهذا رسولنا الكريم، الذي بعث رحمة للعالمين، يدعونا إلى التحلي بالصبر لما في ذلك من الثواب والأجر العظيم من الله عز وجل، عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له" رواه مسلم.

ومن الثابت، أن في الصبر والاحتساب تكفير عن خطايا الإنسان، مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" ولنستمع إلى الأمام علي كرم الله وجهه يوصي ولده الحسن بالصبر فيقول:

تردّ رداء الصبر عند النوائب تنل من جميل الصبر حسن العواقب

وهذا لقمان الحكيم يوصي ابنه بالصبر، والثبات على الشدائد والمحن، وذلك في قوله تعالى على لسان لقمان "... واصبر على ما أصابك ان ذلك من عزم الأمور" (لقمان 17)

وهذا شاعر يقول:

اصبر كل مصيبة وتجلد واعلم بان المرء غير مخلد

أو ما ترى أن المصائب جمة وترى المنية للعباد بمرصد

الصبر شاق على النفوس، والمرء بحاجة إلى مجاهدة نفسه، وكبح جماحها، وكفها عما تهواه وتميل إليه، والصبر المحمود منه: صبر على طاعة الله عز وجل، وصبر عن معاصيه، وصبر على أقداره، والصبر على الطاعات، وعن الحرمات، أفضل بكثير من الصبر على الأقدار المؤلمة.

الصبر من أعظم الطاعات، وأكثرها أجرا عند الله، وهو دليل أكيد على صدق إيمان الإنسان، إيمانه بالله وملائكته وكتبه ورسله، والإيمان باليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق