الثلاثاء، 7 فبراير 2023

فى رحاب آية 08

 فى رحاب آية 08


قال تعالى:

﴿وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًارَّحِيمًا﴾.

تقرر هذه الآية استحالة العدل بين الزوجات- لمن تزوج بأكثر من واحدة- ولو حرص الرجل على ذلك.

لكن ما هو هذا العدل المنفي والمستحيل؟ هل هو العدل الظاهري الخارجي، في المعاملة بين الزوجات والعشرة معهن؟ أم هو العدل القلبي في المودة والمحبة؟

وقبل أن نجيب عن هذا التساؤل، وقبل أن نقدم المعنى الصائب للآية، نشير إلى تحريف بعض الناس لمفهومها:

هناك أعداءٌ لهذا الدين، وهناك سذجٌ من المسلمين، يرددون شبهات الأعداء. ويثير الفريقان كثيراً من الإشكالات والشبهات ضد هذا الدين، وأحكامه وقيمه ومبادئه.

ونالت شبهاتُهم- فيما نالت- مبدأ تعدد الزوجات الذي أباحه الله للمسلمين، بنص القرآن وتطبيق الصحابة له. ويحارب أعداء الدين والسذج من المسلمين، هذا الحكم الرباني والرخصة الإسلامية، وحتى يموهوا على المسلمين بهذا الخبث، يقولون: إن القرآن نفسه يبين استحالة العدل بين الزوجات، وهذا العدل المستحيل- في زعمهم- هو العدل الظاهري المادي الخارجي في العِشرة والنفقة، وطالما أنه مستحيل، فلا يجوز تعدد الزوجات بناءً على حكم هذه الآية؟؟

وهذا ضلالٌ عريض، وتحريفٌ خبيث، وخطأٌ واضح. فالقرآن أباح التعدد بقوله: ﴿فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾.

أباح الله للمسلمين تعدد الزوجات- ولم يوجبه عليهم- واشترط العدل بين الزوجات. والعدل المشروط الواجب التطبيق، هو العدل الخارجي المادي، بحيث يعدل الرجل بين زوجاته، في المعاشرة والقسمة والنفقة والمعاملة والحياة المادية.

أما الآية الثانية التي تنفي العدل بين الزوجات، فإنها تنفي العدل القلبي، والميل القلبي، وتبين أنه يستحيل تحقيقه، فلا بد أن يكون لإحدى الزوجات في قلب زوجها من المحبة ما ليس للأخريات، وأن يميل لها قلبياً أكثر من ميله للأخريات. وقلبه لا سلطان له عليه، فلا يؤاخذه الله على ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق