القلوب ثلاثة
قلبٌ خالٍ من الإيمان وجميع الخير، فذلك قلب مُظْلِمٌ،
قد استراح الشيطان من إلقاء الوساوس إليه؛ لأنه قد اتخذه بيتًا ووطنًا،
وتحكَّم فيه بما يريد، وتمكَّن منه غاية التمكُّن.
القلب الثاني: قلبٌ قد استنار بنور الإيمان وأوقد فيه مصباحه،
لكن عليه ظلمة الشهوات وعواصف الأهوية،
فللشيطان هناك إقبالٌ وإدبارٌ ومجاولات ومطامع، فالحرب دُوَلٌ وسِجال،
وتختلف أحوال هذا الصنف بالقلة والكثرة، فمنهم مَن أوقات غلبته لعدوه أكثر،
ومنهم من أوقات غلبة عدوه له أكثر، ومنهم من هو تارة وتارة.
القلب الثالث: قلبٌ مَحْشُوٌّ بالإيمان، قد استنار بنور الإيمان، وانقشعت عنه حجب الشهوات،
وأقلعت عنه تلك الظلمات، فَلِنُوره في قلبه إشراق، ولذلك الإشراق إيقادٌ ،
لو دنا منه الوسواس احترق به، فهو كالسماء التي حُرِسَت بالنجوم،
فلو دنا منها الشيطان ليتخطاها رُجِم فاحترق .
وليست السماء بأعظم حُرْمَةً من المؤمن، وحراسةُ الله تعالى له أتمُّ من حراسة السماء،
والسماء مُتَعبَّدُ الملائكة، ومُسْتَقَرُّ الوحي، وفيها أنوار الطاعات،
وقلبُ المؤمن مُسْتَقَرُّ التوحيد والمحبة والمعرفة والإيمان، وفيه أنوارها،
فهو حقيقٌ أن يُحْرَس ويُحْفَظَ من كيد العدو، فلا ينال منه شيئًا
إلا على غِرّةٍ وغفلةٍ خَطْفَةً.
ابن القيم | الوابل الصيب
السبت، 20 أبريل 2024
القلوب ثلاثة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق