الحكمة من أمر الله تعالى بالاستعاذة قبل القراءة ؟
في ذلك وجوه :
منها : أن القرآن شفاء لما في الصدور يُذهب لما يلقيه الشيطان
فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة ، فهو دواء لما أثره
فيها الشيطان ، فأمر أن يطرد مادة الداء .
ومنها : أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته ،
والشيطان ضد الملك وعدوه ، فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى
مباعدة عدوه عنه .
ومنها : أن الشيطان يُجلب على القارئ بخيله ورجْله حتى
يشغله عن المقصود بالقرآن ، وهو تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد
به المتكلم به سبحانه ، فيحرص على أن يحول بين قلبه وبين
مقصود القرآن .
ومنها : أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهمّ
بالخير أو يدخل فيه ، فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه ،
وكلما كان الفعل أنفع للعبد وأحب إلى الله تعالى كان اعتراض
الشيطان له أكثر
كيد الشيطان للإنسان : من ذلك قوله تعالى
{ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ }
قيل: (يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ) يخوفكم به، يقول: إن أنفقتم أموالكم افتقرتم
(وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ) قالوا: هي البخل في هذا الموضع خاصة،
ويُذكر عن مقاتل والكلبي: كل فحشاء في القرآن فهي الزنا إلا في
هذا الموضع فإنها البخل .
والصواب: أن الفحشاء على بابها: وهي كل فاحشة ،
فهي صفة لموصوف محذوف، فحذف موصوفها إرادة للعموم :
أي الفعلة الفحشاء ومن جملتها : البخل .
في محاسبة النفس عدة مصالح :
منها : الاطلاع على عيوبها ، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم
يمكنه من إزالته . ومنها : أنه يعرف بذلك حق الله تعالى عليه ،
ومن لم يعرف حق الله تعالى عليه فإن عبادته لا تكاد تجدي عليه ،
وهي قليلة المنفعة جداً ، فمن أنفع ما للقلب النظر في حق
الله تعالى على العبد
من كيد عدو الله :
أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه ، فلا يجاهدونهم ولا
يأمرونهم بالمعروف ، ولا ينهونهم عن المنكر ،
وهذا من أعظم كيده
بأهل الإيمان ، وقد أخبرنا الله سبحانه عنه بهذا فقال
{ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ }
والمعنى عند جميع المفسرين : يخوفكم بأوليائه .
قال قتادة : يعظمهم في صدوركم .
وأول كيده ومكره : أنه كاد الأبوين بالأيمان الكاذبة ،
أنه ناصح لهما ،
وأنه إنما يريد خلودهما في الجنة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق