نتكلم عن مفهوم حفظ الأسرار في حياة القبل أن صغار سنُلقي الضوء
عن مفهوم حفظ الأسرار عمومًا،
فليس كل ما يُعرف أو يُرى أو يُسمع يصح أن يُقال، فهُناك الكثير مما نعرفه ونتعرض
له من مواقف أو تفاصيل
يجب أن يظل طي الكتمان، لأن التحدث عنه وفيه قد يجلب علينا من النتائج السلبية
ما لا يُحمد عُقباه،
وقد يتسبب في صدامات ومشاكل لا أول لها ولا آخر، من ثم فهُناك ما يعرف بالأسرار!
في الفقرات التالية سيدور حديثنا عن مفهوم حفظ الأسرار في أذهان الصغار
وكيف نعلمه للطفل ونغرسه فيه.
مفهوم حفظ الأسرار
الأسرار هي كل ما لا يصح اطلاع العامة عليه ومعرفة الناس به،
لأي سبب فقد يُسمى السر سرًا لخصوصيته أو خطورته،
ولأن افشاء الأسرار سلوك سيء بعيد كل البعد عن الخلق والرقي والأمانة،
ولأنه سبب في كثير من المشاكل والصعوبات التي تكتنف الحياة فكان حفظ الأسرار سمة
من سمات الأمناء والراقون في سلوكهم والنبلاء في أخلاقهم
وسلوك حفظ الأسرار يرتبط بمبدأ الأمانة وهو جزء لا يتجزأ منها،
وكغيره من السلوكيات كلما تعلمها الأطفال في الصغر واعتادوا عليها سهل عليهم
التزامها في الكبر، وبات من اليسير أن يتصفوا بها ويتخلقوا بها،
ومن ثم فإن تعليم الناس مبدأ حفظ الأسرار وتعويدهم عليه يبدا مُنذ نعومة
أظفارهم ومطلع طفولتهم .
مفهوم حفظ الأسرار في حياة الصغار
ينبغي أن يفهم الطفل معنى السر ومعنى أن ليس كل ما يراه أو يسمعه يصلح كمادة للحديث،
ويجب لفت انتباهه إلى أن هذا الخلق الذميم قد يُسبب له ولغيره المشاكل
ويتسبب في نفور الناس عنه ويجعلهم لا يثقون فيه ولا يأتمنونه على ما يخصهم.
كيف يُمكن أن يصل مفهوم حفظ الاسرار ومدى أهميته للصغار؟
هُناك عدة طُرق يُمكن أن يتبعها الأم والأب لغرس مفهوم حفظ الأسرار
وغيره من القيم والمفاهيم الإيجابية لدى الصغار مُنذ نعومة أظفارهم،
ومُنذ بدايات إدراكهم للعالم المُحيط بهم، ومن تلك الطُرق ما يلي:
التوضيح والشرح
مثلهم مثل الكبار يحتاج الأطفال إلى شرح المفاهيم وتبسيطها فينبغي على الأم أو الأب
أن يُعلم طفله حفظ الأسرار بدايةً بشرح هذا المفهوم، بصورة مُبسطة جدًا تُناسب عقلية
الطفل ومُستوى تفكيره، ويُلفت انتباهه مِرارًا وتكرارًا إلى الفكرة، ويُشرح له ببساطة
مثلًا أن ما يحدث داخل البيت لا يصح نقله للأخرين من الأهل أو الأصحاب،
ويعلمه أن هُناك مفهوم يُسمى الخصوصية، وأن ما يخص شخص ما لا يخص غيره
ولا يجب اطلاع هذا الغير عليه .
الاستعانة بالقصص والحكايات لتقريب الصورة.
من أفضل الوسائل التي تقرب الصورة إلى ذهن الطفل القصص والحكايات
فمن خلالها يستطيع فهم ما تحويه من قيمٍ ودروس بشكلٍ غير مُباشر،
والقصص والحكايات في هذا الصدد كثيرة جدًا، ويُمكن أن تطلع الأم عليها
أو تبحث عنها عبر الإنترنت، فتختار قصة شيقة تُناسب الصغار وتحكيها لهم
وتوصل لهم بين تفاصيلها قيمة حفظ الأسرار.
تعليم الطفل أن افشاء الأسرار أمر محرم دينيًا ومرفوض اجتماعيًا
من الجيد في رحلتنا التربوية مع أبنائنا أن نربط بين القيم التي نعلمها للأطفال
وبين حكمها من الشرع، فنعرفه الحلال من الحرام، لتعزيز وغرس الوازع الديني
داخل تفكيره، ونُخبره أن النمام ومن ينقل الأحاديث بين الناس، أو من يفشي ما يؤتمن
عليه من الأسرار شخص سيء لأنه يفعل شيئًا سيئًا وأن الله لا يحبه ويغضب منه.
لفت نظر الطفل من خلال المواقف التي تمر به أو تحدث أمامه.
أحيانًا كثيرة جدًا يفعل الطفل بعض السلوكيات الخاطئة ويسمح الأبوان بمرور
تلك المواقف دون لفت نظر أو توضيح لما تنطوي عليه من الأخطاء بحجة أن الطفل
لم يزل صغير وأنه قد لا يستوعب ما يُقال له، وهذا خطأ فادح لأن مرور المواقف
دون تعقيب أو لفت نظر يُرسخ في نفس الطفل وذهنه قناعة ما بأن هذا الموقف مقبولًا
ولا غضاضة فيه، فإذا ما ذهب الأبوان بعد ذلك لتصحيحه واجهما الطفل بالرفض
أو على الأقل عدم الاستجابة.
ومن تلك المواقف مثلًا أن يرى الابن الأم تفعل شيئًا ما ويحكي للأب عنه،
فيضحك الأب أو يلهو معه أو يشجعه، وكذلك حين ينقل الطفل خطأ ما صدر عن أخيه
فيشجعه الأب ولا ينبهه إلى مدى الخطأ الذي ارتكبه، وكأن توصي الأم أو الأب الطفل
مرارًا وتكرارًا بكتمان أمر ما وتفاجئ به يردده على الملأ.
لذا ينبغي عند حدوث أي موقف شبيه بتلك المواقف أن يستوقف الأبوان الطفل ويشرحا له
الخطأ ويغرسا فيه فضيلة الأمانة وحفظ الأسرار وينفروه من إفشاء الأسرار أو نقل الكلام.
استخدام بعض الأنشطة الحياتية لتوضيح معنى حفظ الأسرار وتعويد الطفل عليه
ومن ذلك مثلًا اعداد احتفال مفاجئ للأب وإخبار الأطفال بعدم إخبار الأب عن ذلك
حتى لا تفسد المُفاجئة، أو اللعب في فريقين وتعليم كل فريق ان يحتفظ بخطه
ولا يخبر بها الفريق المُنافس، فهذه الأنشطة بمثابة تدريب عملي على حفظ الأسرار.
عدم استخدام الطفل في نقل الأخبار أو تتبعه والامتناع عن تلك السلوكيات
وخاصة أمامه أحيانًا يتخذ الأمهات الأطفال وسيلة لتتبع أخبار الأخرين،
وهذا خطأ كبير لأنه يُعلم الأطفال تتبع الأسرار وتناقلها دون أدنى مجهود،
فاحذروا مثل هذه الزلات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق