الأحد، 4 أغسطس 2013

حديث : مثل الوالي السيئ

 
عن الحسن البصري أن عائذ بن عمرو رضي الله عنه
وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبيد الله بن زياد
فقال: "أي بُنَيَّ! إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( إِنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ فإياك أن تكون منهم
فقال له: اجلس فإنما أنت من نُخَالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
فقال: وهل كانت لهم نُخَالة؟
إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم )
[ رواه مسلم ]
شرح الحديث :
يروي لنا الصحابي الجليل عائذ بن عمرو رضي الله عنه
وكان ممن شهد بيعة الرضوان مثلاً ضربه النبي صلى الله عليه وسلم
لوالي السوء ذكر فيه أهم صفة من صفاته. 
يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
( إِنَّ شَرّ الرِّعَاء الحُطَمَة )
 يعني أن أشرَّ أنواع الولاة الحطمة الذي يضرب الناس ولا يرحمهم
وهو مأخوذ من الحَطم أو الحِطم
فيقال: راعٍ حُطَمَة إذا كان قليل الرحمة بالماشية
وهكذا الذي يكون قليل الرحمة برعيته من الناس يقال له راع حُطَمَة
وهو الذي يسوق رعيته سوقًا شديدًا عنيفًا لا رفق فيه ويأخذهم بالشدة. 
( أشهد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما من إمام ،
 ولا وال بات ليلة سوداء غاشا لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة )
وقفات مع الحديث :
توضيح المثل النبوي:
هذا مثل ضربه النبي صلى الله عليه وسلم للوالي السيئ
الذي لا يحسن معاملة رعيته حيث استعار للوالي الرعي
وأتبعه بما يلائم المستعار منه من صفة الحطم.
واجب الإمام تجاه رعيته:
هذا الحديث الشريف يبيّن لنا واجب الإمام تجاه رعيته
وهو أخذ الناس بالرفق وعدم سوقهم بالعنف 
وفي الحديث الآخر عن عائشة رضي الله عنها
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: 
( يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ )
[ رواه البخاري ومسلم ] 
وفي رواية مسلم: 
( يَا عَائِشَةُ إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ،
وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لاَ يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ، وَمَا لاَ يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ )
ويلحق بذلك أيضا وينطبق عليه:
تعامل الأب أو الزوج مع أسرته وأهل بيته
وتعامل المدير مع موظفيه وعماله وتعامل المعلم مع تلاميذه وطلابه
وكل من كان مسئولا عن جماعة أو قائدا لهم. 
أفضل مراتب الرفق:
أعظم ما يكون الرفق سُمُوًّا حين يكون من القادر على غير القادر
وحين يكون من الراعي على الرعية
فإن الأمة إنما تنظر إلى قائدها نظر الجندي للقائد الذي يقودها
إلى حيث النصر ونظر ركاب السفينة إلى القائد الحريص
على أن يتجنب برعيته العواصف والزوابع
وأما حينما يكون الراعي عنيفًا شديدَ السَّوْق للرعية حريصًا
على ما في أيديهم طامعًا فيه ينظر إليهم نظرَ الصائد الذي ينتهز الفرصة
لكي يقتنص صيده عند ذلك سينظر الناس إليه نظرَ الطير للصائد
ومن ثَم يكونون أخوفَ ما يكونون منه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق