الجمعة، 11 سبتمبر 2015

ترك الجدل

عن أبي أمامة رضي الله عنه
 عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
 
( ما ضَّلّ قوم بَعدَ هُدًى كانوا عَليهِ إلاّ أوتوا الجَدالَ )
 (رواه الترمذي وأحمد وإبن ماجه والحاكم)
 
قال الله تعالى:
 
 { وَمِنَ النّاسِ مَن يُعجِبُكَ قولُهُ في الحياةِ الدُنيا
 ويُشهِدُ اللّهَ عَلى ما في قَلبِهِ وهُوَ ألَدّ الخِصامِ } (41) ،
 
  الجدال يتضمن عادة حب ظهور المجادل على خصمه ،
 وتشفِّيه بخذلانه أو حسده إن حدث العكس ، وبغضه أو عدم قبول الحق
الذي قاله عنادا وتكبرا . وقد يلجأ المخاصم إلى الكذب أو إخفاء الحق
والسب والشتم وتعيير الخصم أو غيبته وكرهه بغير حق. وهكذا فالجدل
مثير لكل هذه الآفات النفسية التي لا تليق بالمؤمن . وهناك بعض الناس
من جُبِل على حب الجدل ، وهذه غريزة مذمومة وعليه مقاومة دوافعها
ومعالجتها بكبح جماح النفس ومنعها من الاستمرار بالجدل حتى ولو كان
على يقين بأنه على الحق وخصمه على الباطل فقد ورد عن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم:
 
 ( أنا زعيمٌ ببيت في رَبَض الجَنَّة لِمَن تَرَكَ المِراءَ وإن كانَ مُحِقّا ،
وببيت في وسَطِ الجَنّةِ لِمَن تَرَكَ الكَذِبَ وإن كانَ مازِحا ) (42).
 
والملاحظ أن دوافع الجدال والأخذ والرد تزداد إذا حضر الجدال أو سمعه
شخص أو أشخاص آخرون لأنه عند ذلك يكون العجب بالنفس وحب
الظهور على أشده. وهكذا يتصيد الشيطان فرائسه في ساعات الغفلة
فيغويهم ويقودهم إلى الاختلاف والشقاق بعد أن كانوا على هدى
واجتماع.
 
{ ولا تَكونوا كالّذينَ تَفَرَّقوا واختَلَفوا
 مِن بَعدِ ما جاءَهُم البيِّنات وأولئِكَ لَهُم عَذاب عَظيم } (43).ـ
 
أما المناقشة الهادئة في سبيل نشر الحق والوصول إليه فقد قال الله تعالى
فيها:
 
{ وجادِلهُم بالّتي هيَ أحسَن } (44) ،
 
وعند ذلك تكون تلك المجادلة مطلوبة لأنها وسيلة من وسائل الدعوة
شرط خلوها عن نوازع النفس الشريرة وإخلاص النية فيها لله تعالى .
والدعوة ليست جدلا محضا بل هي فعل وامتثال لأوامر الله تعالى وتطبيق
ذلك على النفس أولا ، ثم إيضاح ذلك للناس بالجدال بالتي هي أحسن ،
والناس يقتنعون بالفعل والقدوة الحسنة ما لا يقتنعون بحسن الكلام
 وقوة الحجة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق