الأربعاء، 27 أبريل 2016

سواح في الدنيا

 
طلعت الشمس و تبسم النوار و تفتحت البراعم
 و سالت حمرة الورد على خدود البستان
 و زقزقت العصافير و رقصت النسائم الحريرية
مع أعواد الأغصان و جاء صباح جديد وليد
 
 
 و على الرغم من هذه الإحتفالية الجميلة المبهجة
 فالأرض تسيل دماً
لماذا يعتدي الواحد منا على أرض الآخر
لماذا يغتصب ما في يده   
لماذا يقتل الناس بعضهم بعضا ؟
 
 
إن الأرض أرض الله و الخيرات خيراته  
 و الخلق كلهم في ضيافة الكريم الذي خلقهم ،
لا يملك أحد منهم شيئاً
و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه مالك لأي شيء
 
 
و الذين وضعوا أيديهم على قيراط أرض
سوف يتخلون عنه و يرحلون رغم أنوفهم
فلا مالك هنا سوى الله
و كل الخلق ضيوف الرحمن لبرهة تطول أو تقصر
 أتى بهم خالقهم عرايا و يعودون إليه عرايا
لا يملكون شيئاً إلا عملهم
 
 
إنها ضيافة و ليست إقامة , و دار عبور و ليست دار خلود
 
مجرد كوبري و الكل مسافر مرتحل في حالة مرور و عبور
مجرد عبور
 
 
و المسافر لا يحتاج إلا متاعاً قليلاً بسيطاً هو متاع المسافر
و هو يزرع خيمة أو يبني كوخا مؤقتاً
 و يستعمل كراسي و موائد من القش
 
 
و لكن الكل الآن يبني عمارات و أبراجاً و ناطحات سحاب
و يمد في الأرض جذور الخرسانة و الحديد ،
 و يلطخ الحدائق بالأسمنت و يسكن فيها تياهاً فرحاً
بوهم البقاء الأزلي و الخلود في الأرض
 
 
و هو ينفق الملايين على الزخرفة و التوشية بالذهب
 و يصنع معارج الرخام و يرفع أعمدة المرمر
ثم يقتل جاره ليتوسع و يسرق كل ما تمتد إليه يده
 و يختلس و يبتز و يزور و يزيف ليضاعف أملاكه
و ينسى أنها ضيافة و ليست إقامة و إنه مسافر و مرتحل
و ينسى أنه حمل جثة أبيه و جده إلى القبر من قبل
و أنه لاحق بهما لا محالة
 و أنه لا يوجد بشر واحد خلد في الأرض
 
إنها حالة من السفاهة العامة و الغفلة العامة
 
 
و صدق الله العظيم إذ يقول :
 
{ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا }
[ طه : 170 ]
 
فالنسيان و الغفلة و ضعف العزم
 هي الصفات العامة في كل البشر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق