طفلي
الصغير منذ مساء أمس وصحته ليست على ما يرام
,
وعندما عدت مساء هذا
اليوم من عملي قررت الذهاب به إلى المستشفى
,
رغم
التعب والإرهاق إلا أن التعب لأجله راحه , حملته وذهبت ,
لقد
كان المنتظرون كثيرين , ربما نتأخر أكثر من
ساعة , أخذت رقماً للدخول
على الطبيب وتوجهت
للجلوس في غرفة الانتظار .
وجوه
كثيرة مختلفة ,
فيهم الصغير وفيهم الكبير , الصمت يخيم على الجميع
يوجد عدد من الكتيبات
الصغيرة استأثر بها بعض الأخوة .
أجلت
طرفي في الحاضرين , البعض مغمض العينين لا
تعرف فيم يفكر ,
وآخر
يتابع نظرات الجميع , والكثير تحس على
وجوههم القلق والملل من الانتظار .
يقطع
السكون الطويل , صوت المُنادي برقم كذا , الفرحة على وجه
المُنادى عليه ,
يسير
بخطوات سريعة ثم يعود الصمت للجميع .
لفت
نظري شاب في مقتبل العمر , لا يعنيه أي شيء حوله
, لقد كان معه مصحف
جيب صغير يقرأ فيه
لايرفع طرفه ,
نظرت إليه ولم أفكر في حالة كثيراً ,
لكنني
عندما طال انتظاري عن ساعة كاملة تحول مجرد نظري إليه إلى تفكير
عميق
في أسلوب حياته ومحافظته
على الوقت ,
ساعة كاملة من
عمري
ماذا
استفدت منها وأنا فارغ بلا عمل ولا شغل
بل
انتظار ممل ؟
أذن
المؤذن لصلاة المغرب ذهبنا للصلاة في مصلى
المستشفى ,
حاولت
أن أكون بجوار صاحب المصحف , وبعد أن أتممنا الصلاة
سرت
معه وأخبرته مباشرة بإعجابي به من محافظته على وقته .
وكان
حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقاً
وهي
أيام وليالٍ تنقضي من أعمارنا دون أن نحس أونندم .
قال
إنه أخذ مصحف الجيب هذا منذ سنة واحدة فقط
عندما
حثه صديق له بالمحافظة على الوقت .
وأخبرني
أنه يقرأ في الأوقات التي لا يستفاد منها كثيراً
أضعاف
ما يقرأ في المسجد أو في المنزل ,
بل
إن قراءته في المصحف زيادة على الأجر والمثوبة
إن
شاء الله تقطع عليه الملل والتوتر ,
وأضاف
محدثي قائلاً إنه الآن في مكان
الانتظار
منذ ما يزيد على الساعة
والنصف .
وسألني
متى
ستجد ساعة ونصف لتقرأ فيها القرآن ؟
تأملت
,
كم من الأوقات تذهب سدى
؟!
وكم
لحظة في حياتك تمر ولا تحسب لها حساب ؟!
بل
كم من شهر يمر عليك ولا تقرأ القرآن ؟!
أجلت
ناظري , وجدت أني محاسب والزمن
ليس بيدي ,
فماذا
أنتظر ؟
قطع
تفكيري صوت المنُادي , ذهبت إلى الطبيب .
أريد
أن أحقق شيئاً الآن , بعد أن خرجت من
المستشفى أسرعتُ إلى المكتبة ,
اشتريتُ
مصحفاً صغيراً ,
قررتُ أن أحافظ على وقتي ,
فكرت وأنا أضع المصحف في
جيبي .
كم
من شخص سيفعل ذلك ؟
وكم
من الأجر العظيم يكون للدال على ذلك
؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق