الأربعاء، 9 نوفمبر 2016

الوقت الضائع


 
 
طفلي الصغير منذ مساء أمس وصحته ليست على ما يرام ,
 وعندما عدت مساء هذا اليوم من عملي قررت الذهاب به إلى المستشفى ,
رغم التعب والإرهاق إلا أن التعب لأجله راحه  , حملته وذهبت ,
لقد كان المنتظرون كثيرين  , ربما نتأخر أكثر من ساعة , أخذت رقماً للدخول
 على الطبيب وتوجهت للجلوس في غرفة الانتظار .
 
وجوه كثيرة مختلفة  , فيهم الصغير وفيهم الكبير  , الصمت يخيم على الجميع
 يوجد عدد من الكتيبات الصغيرة استأثر بها بعض الأخوة .
 
أجلت طرفي في الحاضرين  ,  البعض مغمض العينين لا تعرف فيم يفكر ,
وآخر يتابع نظرات الجميع  , والكثير تحس على وجوههم القلق والملل من الانتظار .
 
يقطع السكون الطويل , صوت المُنادي برقم كذا  , الفرحة على وجه المُنادى عليه ,
يسير بخطوات سريعة ثم يعود الصمت للجميع .
 
لفت نظري شاب في مقتبل العمر  , لا يعنيه أي شيء حوله , لقد كان معه مصحف
 جيب صغير يقرأ فيه لايرفع طرفه  , نظرت إليه ولم أفكر في حالة كثيراً  ,
لكنني عندما طال انتظاري عن ساعة كاملة تحول مجرد نظري إليه إلى تفكير عميق
 في أسلوب حياته ومحافظته على الوقت ,
 ساعة كاملة من عمري  

ماذا استفدت منها وأنا فارغ بلا عمل ولا شغل   
بل انتظار ممل ؟
 
أذن المؤذن لصلاة المغرب  ذهبنا للصلاة في مصلى المستشفى  ,
حاولت أن أكون بجوار صاحب المصحف  ,  وبعد أن أتممنا الصلاة
سرت معه وأخبرته مباشرة بإعجابي به من محافظته على وقته .
وكان حديثه يتركز على كثرة الأوقات التي لا نستفيد منها إطلاقاً
وهي أيام وليالٍ تنقضي من أعمارنا دون أن نحس أونندم .
 
قال إنه أخذ مصحف الجيب هذا منذ سنة واحدة فقط
عندما حثه صديق له بالمحافظة على الوقت .
 
وأخبرني أنه يقرأ في الأوقات التي لا يستفاد منها كثيراً
أضعاف ما يقرأ في المسجد أو في المنزل  ,
بل إن قراءته في المصحف زيادة على الأجر والمثوبة
إن شاء الله تقطع عليه الملل والتوتر ,
وأضاف محدثي قائلاً إنه الآن في مكان الانتظار
 منذ ما يزيد على الساعة والنصف .
 
وسألني  
متى ستجد ساعة ونصف لتقرأ فيها القرآن ؟
 
تأملت  ,
  كم من الأوقات تذهب سدى ؟!
وكم لحظة في حياتك تمر ولا تحسب لها حساب ؟!
بل كم من شهر يمر عليك ولا تقرأ القرآن ؟!
 
أجلت ناظري  ,  وجدت أني محاسب والزمن ليس بيدي  ,
فماذا أنتظر ؟
قطع تفكيري صوت المنُادي  , ذهبت إلى الطبيب .
 
أريد أن أحقق شيئاً الآن  , بعد أن خرجت من المستشفى أسرعتُ إلى المكتبة ,
اشتريتُ مصحفاً صغيراً  , قررتُ أن أحافظ على وقتي  ,
 فكرت وأنا أضع المصحف في جيبي .
 
كم من شخص سيفعل ذلك ؟
وكم من الأجر العظيم يكون للدال على ذلك ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق