الأربعاء، 25 يناير 2017

فتيات على أبواب العنوسة


عبير البراهيم
فتيات على أبواب العنوسة بسبب نظرات قاصرة وغير منصفة
« بنت ونعم فيها لكن ليست جميلة »..!
في كل مرة تنظر فيها "ن" للمرآة كانت تُشاهد أمامها فتاةً
 تجاوزت سن الثلاثين ولم تتزوج بعد، تنظر إلى تقاسيم وجهها
فتجد أنَّه لا يزال أمامها عمر جميل يجب أن تعيشه برفقة رجل تثق فيه
وتتزوج به وتبني معه حياتها الخاصة،
تُحدِّق في وجهها الذي تعرفه جيداً فتلمح فيه أحزانها التي توارت خلف فتاة
تمتلك كلَّ شيء من الصفات الحميدة إلاَّ "الجمال"، تتحسس بيدها بشرتها،
شعرها، قوامها قبل أن تُدير ظهرها للمرآة،
تعود بذاكرتها إلى بدايات العشرين من عمرها حينما كانت أحاديث النسوة
من الأقارب تتسلل إلى سمعها وهي تُقدم لهنَّ القهوة وحلوى الضيافة
في الوقت الذي كُنَّ يعلِّقن بقولهنَّ:
 " ماشاء الله بنت متربية، أخلاق وأدب وحياء وحشمة ووقار
وتفوُّق في الدراسة ولباقة"،
 قبل أن تهدم احداهنَّ ذلك كُلَّه بقولها: " ولكنها مسكينة، ليست جميلة "
 جميع شقيقات "ن" تزوجن على الرغم من أنَّهن أقلَّ حظاً منها
في العديد من الصفات الشخصيَّة الإيجابيَّة، فهنَّ لسن على الدرجة نفسها
من التعليم، ولسن أوفر حظاً منها في مجال الطبخ وترتيب المنزل وإدارته،
غير مُكترثاتٍ كثيراً بشؤون الأسرة، لا يتحدثن بلباقة، بيد أنَّهنَّ أكثر جمالاً
منها، لم تكن تشعر "ن" يوماً أنَّها تحقد على من تتزوَّج من شقيقاتها،
على الرُّغم من أنَّها قاربت على تجاوز سن ال"37" من العمر،
 إلاَّ أنَّها كثيراً ماكانت تشعر بالألم، تُخفي جرحها وآلامها بداخلها،
 تقول لنفسها:
 ماذنبي أنِّي لست جميلة؟!. ويعيش العديد من الفتيات مأساةً كبيرةً
عندما يشعُرنَ أنَّهن يدفعن ثمن شيء ليس لهنَّ خيار فيه،
فمن الممكن أن يستطيع الفرد تغيير العديد من صفاته الشخصية،
أن يُطوِّر نفسه، أن يجتهد ويتعلم ويبدع وينجح وينال كل شيء يدفعه
 لأن يكون في مُقدمة الركب، ولكن كيف لفتاة لم يهبها الله - سبحانه وتعالى
 الجمال أن تقنع مجتمعها أو أسرة أيَّ شاب يرغب في الزواج
 أنَّها تُعد الخيار الأنسب أمام أيَّ زوجٍ باحث عن السعادة المزعومة؟،
كيف تستطيع الفتاة التي لا تملك الجمال أن تظفر بفرصة زواج جيدة
وهي لا تملك ما يمكن أن يُسوِّقها بشكلٍ جيد أمام بعض الأسر
التي تضع "الجمال" في مقدمة شروط زواج ابنها؟، ثمَّ كيف يتصرَّف
الأب أو الأم اللذان لديهما ابنة أقلَّ جمالاً من باقي شقيقاتها؟.
 
نظرة قاصرة
وأشارت "أم نسرين" إلى أنَّها تُشفق كثيراً على حال احدى بناتها
 التي لم يتقدَّم لخطبتها أيَّ خاطبٍ حتى الآن؛ لنصيبها القليل جداً من الجمال،
على خلاف حال شقيقاتها اللواتي تقدَّم لخطبتهنَّ العديد من الشباب،
 مُضيفةً أنَّه على الرُّغم من الصفات الإيجابيَّة العديدة التي تتميز بها ابنتها،
إلاَّ أنَّ الآخرين لا ينظرون لتلك الصفات،
لافتةً إلى أنَّ العديد من الأمهات عندما يبحثن لأبنائهنَّ عن زوجة المُستقبل
ينظرن إلى الشكل الخارجي للفتاة فقط،
ويُركِّزن اهتمامهنَّ على مكامن الجمال فيها، م
مُؤكِّدةً على أنَّ ابنتها باتت في حالةٍ نفسيَّةٍ سيئة نتيجةً لذلك،
 خاصَّةً عندما يتقدَّم أحد الشباب لخطبة أيٍّ من شقيقاتها الأُخريات،
مُوضحةً أنَّه سُرعان مايبدو على ملامحها الخجل ويُخيّم عليها الحزن
وتشعر حينها كأنَّها ارتكبت أمراً سيئاً، ورُبَّما ركضت سريعاً نحو غرفتها
لتغلق بابها وتدخل في نوبة بكاء.
 
وأضافت أنَّه من الضروري أن يحاول أفراد أسرة الفتاة ذات القدر اليسير
من الجمال احتواءها وتحفيزها؛ لتزداد ثقتها بنفسها
وتتجاوز آثار نظرة التقييم القاصرة من الآخرين لها،
مُشدِّدةً على أهميَّة إخبارها أنَّ الزواج قسمة ونصيب وقدر مكتوب
 للإنسان في حياته، لافتةً إلى أنَّه رُغم محاولاتها العديدة مع ابنتها لإخراجها
من هذه الأزمة التي تعيشها حالياً جرَّاء ذلك،
 إلاَّ أنَّ جهودها لم تنجح حتى الآن في الخروج بها من هذه الأزمة،
لدرجة أنَّها باتت منطويةً على نفسها ولا تُحبذ الخروج مع أفراد أسرتها
 إلى السوق لشراء الفساتين وأدوات الزينة،
مُبيِّنةً أنَّ ابنتها تُعلِّل ذلك بكونها غير جميلة، وبالتالي فما الفائدة المرجوَّة
من ذلك، مُوضحةً أنَّه وعلى الُّرغم من بلوغ ابنتها هذه المرحلة
من اليأس والإحباط إلاَّ أنَّها ستحاول معها مراراً وتكراراً
حتى تنجح -بإذن الله- في الخروج بها من هذه الحالة.
 
الشباب يبحثون عن المرأة العصرية المُتحضِّرة وأمهاتهم متمسكات
ب« أم عيون وساع وخشم سلّة سيف »
 
ثقة بالنفس
ولفتت "ع" إلى أنَّ على الفتاة أن تثق بنفسها وبقدراتها
حتى إن لم تمتلك القدر الكافي من الجمال،
مُشيرةً إلى أنَّ مُقوِّمات الجمال كثيرة، وماقد يراه الرجل جميل يمكن أن يراه
آخر قبيحاً، لافتةً إلى أنَّ معايير الجمال تختلف باختلاف رؤية الشخص
 وذوقه، مُوضحةً أنَّه من نعم الله -سبحانه وتعالى- أن جعل ذائقة الناس
تختلف عن بعضها البعض، فقد تكون هناك امرأة ليست على قدر من الجمال
وتتوقع الأسرة أنَّها لن تعجب ابنها الخاطب،
بيد أنَّه حينما ينظر إليها فإنَّها قد تأسر قلبه ويتعلَّق بها، والعكس صحيح،
مُبيِّنةً أنَّ الجمال في النهاية يُعدُّ أمراً نسبياً،
 ذاكرةً أنَّ العديد من النساء تزوجن وأنجبن وكوَّن حياتهنَّ الخاصة
وهنَّ لسن جميلات، وبالتالي فإنَّ المسألة تبقى في النهاية مُجرَّد حظ
ونصيب وتوفيق من الله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق