الأحد، 26 فبراير 2017

مرضى نفسيّون تائهون في الشوارع


تشكل معاناة المرضى النفسيين ممن يهيمون في الشوارع،
ويفترشون الأرصفة هاجساً مقلقاً للجهات المختصة،
 فالمشاهد لتلك المناظر يتملّكه الألم والشفقة على الواقع،
وعلى حال هذه الفئة وهو يشاهد في أعينهم حكايات الحرمان،
 التي تظهر في ملامحهم التي تُجسّد معنى البؤس وقلّة الحيلة،
 وربما قصور في متابعة ومعالجة أحوالهم.
 
دراسات واجتماعات وورش عمل أرجعت أسباب تلك المعاناة لإهمال أسرهم
وذويهم لهم، وإنكار شريحة كبيرة من المجتمع لهم ونفوره منهم
وعجز المستشفيات ودور الرعاية الاجتماعية المتخصصة
من احتوائهم بسبب الطاقة السريرية في تلك المواقع.
 
من هذا المنطلق بدأت فكرة إنشاء مراكز أجواد للرعاية المجتمعية
في الرياض وجدة والتي تشرف عليها اللجنة الوطنية لتعزيز الصحة النفسية
بوزارة الصحة كأول مراكز خيرية غير هادفة للربح لتولي رعاية
وتأهيل المرضى العقليين الذين يعانون من الإهمال والرفض من قبل أسرهم
وتحقيقا للأهداف النبيلة التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف
وبدعم من قبل المؤسسات والجمعيات الخيرية المتاحة من خلال استئجار
مقرات للمراكز بمدينة الرياض وجدة تم تجهيزها وتهيئتها حسب الاحتياج
حيث تحول تلك المراكز إلى أجنحة للاستضافة وصالات رياضية
وكذلك صالات طعام وغرف مخصصة للجلسات الجماعية والفردية
وقسم لتقديم العناية الشخصية وركن للتأهيل المهني ومصلى وصالة
للزيارات الأسرية بالإضافة الى المسطحات الخضراء بهدف احتواء
هؤلاء والتخفيف من معاناتهم بدعم من الجهات الرسمية ذات العلاقة
وأفراد ومؤسسات المجتمع لهذه الفئة والتي هي بأمس الحاجة
 للدعم والمساندة.
 
"الرياض" تفتح في ملف «المرضى النفسيين» والتائهين في الشوارع
ورصد الخدمات المقدمة عبر المركز،
حيث ألتقينا مدير المركز سعد الأسمري الذي تحدث عن الآلية الجديدة
لرعاية وتأهيل المرضى النفسيين التائهين والمشردين وحمايتهم
والتي يقدمها المركز، مشيراً إلى أن المركز يهدف لرعاية وتأهيل المرضى
النفسيين والتائهين ممن يقطنون في العادة الحدائق العامة
والكباري وبالقرب من دورات المياه ممن رفضتهم أسرهم أو تم فقدهم
وتاهوا بالطريق ولم يعرفوا العودة لمنازلهم حيث يعمل طاقم المركز
على تأهيلهم وتهيئة المكان والبيئة المناسبة لاستقبالهم في غرف نظيفة
وبيئة مناسبة وتأهيل المرضى على العناية الشخصية والاندماج والمشاركة
مع الآخرين إضافة لتأهيل أسر المرضى من خلال برنامج تواصلي
 مع أسرتي وتحسين بيئة المرضى النفسيين داخل أسرهم.
 
تشخيص الحالات
وأضاف أن شروط المركز في تقديم الخدمة للمستفيدين سهلة وميسرة
حيث تبدأ بتشخيص الحالة على أنه مرض نفسي،
ويتم تحويلها من المستشفى أو العيادة المختصة وفق نموذج معين
ومخصص لذلك، وألا يكون للمريض سلوكيات تمنع تقديم الخدمة له،
مثل وجود سلوك عدواني أو تهيج أو بعض الأمور التي تكون في حاجة
إلى تدخل طبي بحت، إضافة إلى عدم معاناته من أمراض معدية
أو تخلف عقلي شديد، وألا يقل عمر الشخص عن 18 عاماً.
 
120 حالة
وأكد الأسمري أن المركز نجح منذ افتتاحه عام 1/1/1434هـ
في احتواء(120) حالة (70) منهم عادوا لأسرهم بعد الاستفاده من خدمات
المركز وإعاده تأهيلهم و(50) حالة نعمل الآن على تأهيلهم في وقت قياسي
أما في مكة فقد استفاد من خدمات المركز (57) حالة ويوجد بالمركز الأن
(18) حالة يعمل المركز على توفير الخدمات لهم،
مشيراً إلى إن المركز يقدم خدمة الرعاية والتأهيل وليست الرعاية فقط،
وينهج نهج السياسة المفتوحة، إذ لا يوجــد به إيواء ولا أبواب مغلقة،
ويكون للمريض حرية الدخول والخروج متى ما أراد،
والمركز يحاول خلق بيئة بديلة للبــيئة التي كان يوجد فيها المريض النفسي،
إضافة إلى خــلق الراحة والــطمأنينة للمســتفيد وتوفير مختلف
 أنواع الاحتياجات سواء كانت شخصية أم نفسية أم اجتماعية أم تأهيلية،
 كما يقدم خدمة مفقـودة لا تقدمها القطاعات الأخرى،
 التي تساهم في إعادة المريض في شكل تدريجي إلى وضعه الطبيعي،
ويهتم المركز بأن يتجول المريض في الشوارع كأي شخص عادي
 بهندام نظيف وشكل أنيق، مع مراعاة أخذ العلاجات في حال وجودها،
وبعض هذه الحالات تأتي إلى المركز فقط وقت النوم سواء في المساء
أم وقت الظهيرة، والبعض منها يأتي فقط للاستمتاع بالبرامج المقدمة
 ومن ثم الخروج.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق